صدر حديثا للكاتبة هدى توفيق، كتاب جديد تحت عنوان كتاب (ناصية القراءة 2)، عن دار نشر يسطرون للطباعة والنشر، وهو الجزء الثاني عن قراءات ثقافية في الأدب العربي، لعدد من المبدعين والمبدعات من مختلف البلاد العربية، يقوم بعمل قراءة نقدية ثقافية طبقا لمنهج محدد الاستخدام مع اختلاف الأعمال المقروءة بما يناسب رؤية الكاتبة من فنيَّات وتقنيات هذا المنتج الأدبي وغيره.
وتحاول الكاتبة من خلال الكتاب الجديد أن تصل إلى ذائقة أدبية تقترب وتهدف إلى حد ما إلى فك شفرات تلك الأعمال الأدبيَّة بما تحتوي على جماليَّات متعددة عن: السرد الحكائي، والمكان والزمان، والشخصيات، والانتقاءات الرمزية؛ كي نعيش أجواء الإبداع الأدبيّ سواء المكتمل أو الهادف؛ من أجل تفعيل حراك الذائقة الأدبيَّة، وتسليط الضوء على مدى إيجاد تأويلات ورؤى معرفية؛ لقراءة النص الإبداعي بمختلف أنواعه سواء القصصي، أو الروائي، أو الشعري.
من مقدمة القراءة عن المجموعة القصصية "ورد الجليد" للكاتب الكبير أحمد الخميسي: إن تلك العلاقة الشائكة بين المؤلف والبطل التي تطرح إشكالية محورية في لذة ومتعة الحكي بين المسرود والسارد؛ من خلال الذكريات داخل وعي الكاتب سواء بالمحيطين به، أو داخل بقاع الذاكرة النابضة بتلك العوالم المفتوحة؛ لتفرض حضورها الإبداعي داخل وعي النص بثراء زاخر، واستفاضة المشاعر، والأحاسيس المختلطة، ودقة الوصف. في حوزة الدوائر الجمالية للإبداع اللفظي كما أشار(باختين) في كتابه (جمالية الإبداع اللفظي).
وما يجسده من اقتراحات تأويلية عن مدى علاقة المؤلف بالبطل؛ لتطرح مشكل البطل الملهم لكل تلك الأقاصيص الإبداعية في المجموعة القصصية (ورد الجليد)، بمرايا لأقنعة متعددة ومختلفة ومتميزة بالحس التخييلي العالي. تحت وطاة أقنعة خلاقة مبدعة أخاذة تنتشي بفضاءات التلون والتعدد الفعال كما أشار باختين: (كم من الاقنعة ينبغي إزاحتها تلك التي تخفي وجه الكائن الأقرب جدًا والمألوف كليا: في أقنعة يبدو أن تقلبات ردود أفعالنا وعلاقتنا وظروف الحياة هي التي وضعتها كي نرى وجهه في الحقيقة وفي كله؟ إن الفنان الذي يصارع من أجل الوصول إلى صورة محددة وثابتة للبطل لا يصارع في حقيقة الأمر إلا نفسه)، لتنتقل من وعي الكاتب إلى وعي النص المغمور بالانشغالات التي تؤدي لمقترح باختيني يتعلق بـ (جمالية الإبداع اللفظي).
القراءة السادسة عن الديوان الشعري (تسيالزم أخناتون يقول)، للشاعر طارق سعيد أحمد، ويستهل ديوانه بتصدير تحريضي: "لا أنصح كل من استسلم للنمطية،أن يقرأ هذا العمل، فهو لكل حر أراد أن يحقق وجوده.. إليك أنت"، لنستطيع أن نقول بتماه ياله من (عنوان مراوغ)، حتى نتابع أقوال إخناتون داخل تسيالزم رؤى تلك النصوص، التي رغم أنها انطلقت تحت مسمى أشعار بالعامية المصرية لكن تتجاوزالتحديد والنمطية، والتجنيس الشعري، الذي يفرقها عن فضاءات قصيدة النثر إلى حد ما وليس كثيرًا، وشعر التفعيلة، والقصيدة العمودية، وكل تنوعات الشعر المؤطرة، فقد دعانا الشاعر بحذر ونصيحة فنية إبداعية؛ كمدخل للقراءة والتلقي، بمفهوم مغايرعما سوف نقرأه، وما قد قرأناه من سابق القول الشعري لتلك النصوص المختلفة على حد قوله، لنكتشف الجديد والمعادِ والمتمرد على كل تقليدي ونمطي. منفتح على (لذة الكشف) الآنية بتفعيل مهارة (غواية العنوان) حيث ( يرى بعض من نظروا للنص في حالة ثبات أما الخطاب فيتم من خلال التفاعل بين اثنين : باث ومستقبل أو ملق ومتلق وكأن موضوع الخطاب ليس شئ معطى وإنما هو شئ ينبه القارئ مسترشدًا بالنص وإن كان ذلك فإن أول المطلوب من المبدع هو دقة اختيار العنوان أو تأسيس العنوان، لأن أول ما يجب أن يثير وعي المتلقي وذهنه هو قراءة العنوان، فهل هو عنوان يثيردهشة ما ، وما نوع هذه الدهشة ؟)_( ومن هنا يصدق قول امبرتو ايكو : إن على العنوان أن يشوش الأفكار ولا أن يحصرها ). ليصبح ( العنوان يشكل طاقة دلالية هائلة بل هو جزء من لعبة الدلائل ، التي تختزل ما أراد الشاعر أن يوحي به بدالين فقط).
هدى توفيق: من مواليد محافظة بني سويف، حاصلة على كلية الآداب، جامعة القاهرة (قسم اللغة الإنجليزية)، صدر لها عدد من المجموعات القصصية نماذج: أن تصير رجلا، عن عاقر وأحول، مذاق الدهشة، عدوى المرح، حذاء سيلفانا، سلامتك ياراسي، خيال عن وطن مغاير، الرقص على البحر، فاكهة بشرية.. إلخ، وثلاث روايات هم: (المريض العربي) عام 2015م، (بيوت بيضاء) عام 2011م، التي حازت على جائزة (المركزالأول) في عام 2012م، تحت اشراف الهيئة العامة لقصور الثقافة، ورواية (رقصة الحرية) عام 2019م، ناصية القراءة (1)، قراءات ثقافية في الأدب العربي، عام 2020م. ناصية القراءة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة