سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يونيو 1839.. محمد على باشا لابنه وقائد جيوشه إبراهيم : «العدو العثمانى تجاوز كل حد معقول ويبذر بذور الفتن ذات اليمين وذات الشمال»

الخميس، 09 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 يونيو 1839.. محمد على باشا لابنه وقائد جيوشه إبراهيم : «العدو العثمانى تجاوز كل حد معقول ويبذر بذور الفتن ذات اليمين وذات الشمال»  محمد على باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زحف الجيش العثمانى بقيادة «حافظ باشا» إلى الأراضى السورية، وعبر نهر الفرات فى 17 مايو 1839، وعسكر فى ضواحى «نصيبين» وهى بلدة واقعة فى الأراضى العثمانية، لكنها على مسيرة ساعات قليلة من الحدود التركية السورية.. يذكر «داود بركات» فى كتابه «البطل الفاتح إبراهيم»، أن حافظ باشا أرسل قوة من الفرسان احتلت بعض القرى السورية، وتقدم القائد العثمانى الثانى «سليمان باشا»، واحتل قرى «عينتاب» حول القلعة المعسكرة فيها الحامية المصرية، ثم أخذ القواد العثمانيون يحرضون السوريين على الثورة ضد إبراهيم باشا قائد الجيش المصرى، ويوزعون عليهم السلاح والذخائر والمال.
 
استهدف هذا التحرك العثمانى استرداد الشام من حكم محمد على باشا، والذى بدأ منذ 1831 بانتصارات الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا فى عكا ودمشق وحمص وبعلبك، وغيرها، وفى عام 1833 انعقدت اتفاقية «كوتاهية» للهدنة بين محمد على والدولة العثمانية، لكن استعدادات الطرفين كانت تتم لاستئناف القتال، حسبما يؤكد الدكتور عبدالرحمن زكى فى كتابه «التاريخ الحربى لعصر محمد على الكبير»، ويذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، أن تركيا كانت تزداد تحفزا لتجريد جيشها على سورية، ولم يكن غرضها استرداد سورية فحسب، بل كانت ترمى إذا ما ظفرت بالجيش المصرى أن تستمر فى زحفها حتى تغزو مصر».
 
تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «الحكم المصرى فى الشام «1831 -1841»، أنه مضى العمل المكثف ضد الإدارة المصرية فى الشام، وتحولت القنصليات الأجنبية لبؤرة نشاط فى هذا المجال، وكانت بريطانيا صاحبة التحرك الأكبر فى هذا الصدد، ووضعت ثقلها لإسقاط عرش محمد علي، وجاء اللقاء الحربى بين الطرفين فى «نصيبين» 24 يونيو 1839، وذلك عندما تحركت القوات العثمانية لاسترداد الشام بقوة السلاح إلا أن النصر كان لإبراهيم.
 
يرصد «عبدالرحمن زكى» الحوادث الممهدة لمعركة «نصيبين»، ومن بينها رسالتين،الأولى من «إبراهيم باشا» إلى «حافظ باشا» يوم 8 يونيو 1839، والثانية من «محمد على باشا» إلى ابنه إبراهيم فى 9 يونيو، مثل هذا اليوم، 1839.. فى الرسالة الأولى، كتب «إبراهيم» إلى «حافظ»: «إذا كنتم يا صاحب السعادة تلقيتم الأمر بإعلان الحرب فما فائدة الاسترسال فى بث الدسائس وتحريك الفتن، وإذا كنتم تودون القتال فهلموا إلى ميدانه بصراحة وإقدام وأملى ألا يفوتكم فى هذه الحالة أن تعرفوا أنكم تقاتلون أبطالا لايعرف الخوف سبيلا إلى قلوبهم، أما الدسائس التى تمضون فى تدبيرها فإنها ليست مما يطاق احتماله طويلا»، ورد حافظ باشا على هذا الكتاب بعبارة منمقة، ولكنه حاذر أن يبدى رأيا صريحا.
 
أما رسالة محمد على إلى ابنه إبراهيم فى 9 يونيو 1839، فقال فيها: «إن اعتداء العدو علينا قد تجاوز كل حد معقول، وإذا ما عثرنا عليه بعد ذلك عز علينا أن نوقفه لأنه يبذر بذور الفتن ذات اليمين وذات الشمال، وكلما صبرنا عليه رغبة منا فى عدم معارضة رغبات الدول الكبرى زاد عدونا توغلا فى بلادنا، وزادت الأمور تحرجا، وتلك حال ترغمنا على العمل، فعلينا أن نرد هجومه بهجوم مثله، ولما كان العدو هو المعتدى فإن الدول لن تلقى علينا التبعة، فنصيحتى إليك أن تبادر عند وصول رسالتى إلى يديك بالهجوم على جنود العدو الذين دخلوا أرضنا، وألا نكتفى بإخراجهم منها، بل عليك أن تزحف على جيش العدو الأكبر وتقاتله، وبعون الله إذا وفقت النصر فاستمر فى تقدمك إلى مالطية وخربوط وأورفا وديار بكر».
 
يؤكد «زكى» أن ما جاء فى هذه الرسالة كان أمرا صريحا لإبراهيم بالهجوم وهو ما حدث يوم 24 يونيو 1839 وتحققت فيه هزيمة الترك .. يذكر زكى، أن إبراهيم اتجه إلى خيمة القائد التركى حافظ باشا فى المعسكر ليكتب رسالته إلى أبيه، وجاء فيها: «أكتب هذه الأسطر تحت خيمة حافظ باشا، التى لم ينقل العدو شيئا مما كانت تحتويه، وقد استولينا على الأمتعة والمهمات والمدافع والخزانة، وأسرنا عددا عظيما من الجنود، وإنى أود أن اقتفى أثر الأعداء ولكنى لا أجد منهم أحدا، وكان تفرق الجيش العثمانى أشتاتا وفراره بسرعة لم نستطع معها إدراكه بعد معركة دامت ساعتين فقط.. كان هجومنا عليه من جميع النقط معا، كان أحمد باشا المنكلى على قيادة ميمتنا، وسليمان باشا على قيادة الميسرة، أما القلب فكنت أتولى قيادته، وكانت نيران مدفعيتنا حامية جدا، وأعاد هذا الفوز السريع إلى ماكنت عليه فى سن العشرين من النشاط والإنشراح والقوة.
 
يذكر زكى، أن الهزيمة حلت بجيش السلطان العثمانى، وأصبح إبراهيم باشا بعد معركة نصيبين سيد الأناضول، وأصبح الطريق مفتوحا أمامه إلى استانبول.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة