تأكد من القاهرة خبر وفاة الوزير الملهم الشاب والقيادي الأفريقياني الذي طالما شغلته هموم قارتنا وشعوبها، السيد/ مناوا فيتر قاتكوث، وزير الري بدولة جنوب السودان، وهو القيادي السياسي والذي يعد من أهم كوادر الجبهة الوطنية الأفريقية ANF، والناشط بالحركة الطلابية بالجامعات السودانية وأحد أهم أصواتها التي أمتلكت ناصية الكلمة ووثقت مبكرًا في تحديها الزمن والموت.
فًقدُنا كبير، سنفتقد توهج الشباب وقدرته على المسير بنا للأمام، يأتي إلى القاهرة لإجراءات فحوصات لعلة ألمت بصدره مساء الخميس، واذ به يغادرنا، "ويترجل الفارس عن صهوة جوادة باكرًا دون تلويحة وداع" كما نعاه الصديق الصحفي الجنوب سوداني/ أيتم سايمون، لقد أُجل اللقاء المرتقب به لموعد لابد وأنه آت كما أخبرتني كلمات التعزية التي دارت بحديث بيني وبين الصديق الباحث القانوني الجنوب سوداني/ أنجلو وليم، فقدنا صوته الواعي بعدالة حق شعوبنا في الحياة، فقدنا صوته الصبور على ضرورة مشروع تكامل شعوبنا دون تغليب ومغالبة لأحد على مصلحة أحد. فقدنا شاب ممتلء بالايمان بضرورة تبادل خبراتنا وقدرتها على المسير بنا للمستقبل.
أتذكره الآن، وهو يخطو داخل أروقة البرلمان المصري بالقاهرة ليشاهد ويطالع بنفسه كيف يصنع المصريين قانونهم وتشريعاتهم، وأتذكره أيضا وهو يخطو سياسيا بأغلب أروقة السياسة بدول حوض النيل، أتذكره صوت للتعاون العادل، والواعي بحياتنا مجتمعين، أتذكره وهو القادر على كسب ثقة الجميع واحترامهم، كيف لنا أن ننسى رجل يملك مبدأه، ويقدر على أقناعنا بما فاتنا من قدرتنا على الحياة مجتمعين.
لن تُنسى، كل ما هناك أن اللقاء قد تأجل، لن تُنسى فالكلمات باقية، كيف ننسى من قال:
كان حتماً أن نثور..
مثلما يمضى القطار في دروب الأرض مفتعلاً الغبار
جاء صوتك بالنهار
مثل طعم الموت مخترق الجدار
إندهشنا لإنشغال الناس بالحدث الجديد
إنزعجنا حين حطَ الطفل على الأرض البذور
فإفترضنا الطفل يقتلع الجذور
فإنتفضنا ضد هذا الطفل والزمن الخجول
إنتفضنا ..ثم ثرنا ..ثم طفنا في الشوارع .. وإنصرفنا قبل أن يأتي الحصار
فهكذا دوماً نعارض كالصغار
كان أجدى أن نقاوم ..أن نصادم كل أنصاف الحلول
كيف نسمح للبقية أن تعارض ثم ننزح للمدينة باحثين عن الأمان
كيف نعلن في المدينة عن انشقاقات الرفاق .. عن اختلافات الرفاق.. عن إنتكاسات الرفاق
والمدينة لا تزال تعلم الناس النفاق ..!!!!؟
كان خوفاً يا رفاق أن نمارس حرفة الدجل المبطن بالهروب إلى المسيح
هكذا القرقور دومًا حين يقترب الخريف لا يجيد الانتظار
وفق تلك المعطيات كان حتماً أن نثور ..
كان حتماً أن نقاتل يا رفاق..
ثم نمضى صوب أقبية القبور لنبتدع شكلاً جديداً للنضال.
فلتكن غاياتنا شكلاً جديداً للنضال ..
فالأيادي القابضات على جمر القضية لا تكل الانتظار..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة