سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يونيو 1822.. وفاة «الجبرتى» المؤرخ العمدة حزنا على مقتل ابنه «خليل» بواسطة رجال محمد على باشا

السبت، 18 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 يونيو 1822..  وفاة «الجبرتى» المؤرخ العمدة حزنا على مقتل ابنه «خليل» بواسطة رجال محمد على باشا عبدالرحمن الجبرتي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أفصح الشيخ عبدالرحمن الجبرتى، لعدد من أصدقائه وللمشايخ الذين كان يجتمع بهم، ويتبادل معهم الرأى، عن آرائه المعارضة لمحمد على باشا، فاستقر رأى «الباشا» وأقاربه على إسكات صوت «الجبرتى»، بأشد الوسائل ألما وهى قتل ولده، حسبما يؤكد الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى، فى الجزء الثانى من كتابه «الأزهر جامعا وجامعة».
 
هو عبدالرحمن الجبرتى المولود سنة 1755، وينتسب إلى بلدة «جبروت» من بلاد «زيلع» بأرض الحبشة، ويذكر «الشناوى»: «ارتحل جده السابع زين الدين عبدالرحمن الجبرتى إلى جدة، ثم إلى مكة المكرمة، وجاور بها، وحجج مرارا، ثم جاور بالمدينة المنورة سنتين، وعاد إلى جدة، وارتحل إلى مصر فى القرن السادس عشر الميلادى، وجاور بالأزهر، وكان يغلب على سكان بلدة جبروت الصلاح والتقشف، وكانوا يحجون مشاة، ولهم رواق بمكة ورواق ثان بالمدينة، وأنشئ لهم رواق بالجامع الأزهر، حيث تولى مشيخته فريق من أولاده وحفدة الشيخ زين الدين».
 
درس فى بعض كتاتيب حى الأزهر ثم جاور بالأزهر، ويذكر «الشناوى» أنه أخذ عن والده العلوم الرياضية والفلكية، وانتفع بما كان يقصه عليه من أخبار العلماء والحكام، فجمع بين البراعة فى الفلك والحساب والتعمق فى المذهب الحنفى، والإلمام بالدراسات التاريخية، وكانت باكورة إنتاجه العلمى كتاب «مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيين» بمناسبة جلاء الحملة الفرنسية عن مصر 1801، ثم كان كتابه المهم «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، يؤكد «الشناوى» أن أهميته تتركز على الأحداث التى عايشها «الجبرتى» منذ العصر العثمانى المملوكى فى آواخر القرن الثامن عشر الميلادى ثم عهد الحملة الفرنسية، وفترة الاضطرابات السياسية «1801 - 1805» وحكم محمد على.
 
كان 27 سبتمبر 1821 هو آخر يومياته فى التأريخ، ويذكر الدكتور عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم فى مقدمته لعجائب الآثار، أن الجبرتى فى مؤلفه هذا، وعى واستوعب لكل ما كتب قبله، ومن هنا جاء تحليله للأحداث التى لم يعاصرها، ونقده وتحليله للأحداث التى عاصرها بعبارات موجزة وبسيطة، لأنه أدرك أهمية علم التاريخ، ويرى الدكتور محمد أنيس فى كتابه «مدرسة التاريخ المصرى فى العهد العثمانى»، أن «الجبرتى» فى «عجائب الآثار» يتميز بالدقة والموضوعية فى الوقت ذاته، فهو يكتب للتاريخ والحقيقة المجردة، دون أن يتطلع إلى التقرب للحاكم طمعا فى الظفر بمناصب أومنافع مالية». 
 
من قلب «عجائب الآثار» تولد أسباب موت «الجبرتى»، ووفقا للشناوى، فإن الكتاب يؤكد نفور صاحبه من حكم محمد على، حيث رأى أنه لم يتوافر فيه الشرطان الأساسيان للحاكم المسلم المثالى، وهما العدل والعلم، وعلق عليه تعليقات لاذعة، فهو «منطبع على الظلم، ومستبد وليس له صديق أو حبيب، يغدر بأى إنسان، يحب الشوكة ونفوذ أوامره فى كل مراد، ولا يصطفى ولا يحب إلا من لا يعارضه ولو فى جزئية، أو يفتح له بابا تهب منه ريح الدراهم والدنانير، ومن صفته الحقد والحسد والتطلع إلى ما فى أيدى الناس»، وحاول «الجبرتى» أن يكون عادلا فى نظرته إلى محمد على فقرر أنه «كانت له مندوحة لم تكن لغيره من ملوك هذه الأزمان، فلو وفقه الله لشىء من العدالة، على ما فيه من العزم والرياسة والشهامة والتدبير والمطاولة، لكان أعجوبة زمانه وفريد أوانه».
 
كان «الصمت» هو أسلوب معارضة «الجبرتى»، حسبما يؤكد الدكتور محمد فؤاد شكرى، فى كتابه «مصر فى مطلع القرن التاسع عشر»، مضيفا: «لم يعرف عن الشيخ أنه حاول أن ينقد بصورة علنية أساليب الباشا فى الحكم، أو يوجه النصائح لتقويمه، أو الانضمام إلى المعارضة السافرة عند ظهورها، إلا أن معارضته كانت خطيرة، لأنها قامت على مبادئ معينة تتصل فى جوهرها بضرورة توافر العدل والعلم شرطا أساسيا لوجوب الطاعة للحاكم، وأفصح الجبرتى عن آرائه لأصدقائه وللأشياخ الذين كان يجتمع بهم، ويتبادل معهم الرأى فى الأحداث الداخلية»، ويذكر «شكرى» أن أجزاء من «عجائب الآثار» ذاع أمرها فى أوساط المشايخ، فلم يكن فى صالح النظام القائم أن تنتشر، ومن ثم استقر رأى محمد على وأقاربه - أخذا بالحيطة والحذر - على إسكات صوت «الجبرتى» حتى فى معارضته الصامتة، فأجمع التواتر على أن صهر الباشا، محمد بك الدفتردار، قد فتك بابنه «خليل»، وقتله فى يونيو 1822، فقصم هذا البلاء ظهر والده، وعزف عن تسجيل الأحداث، ولم يلبث أن ذهب الحزن بجانب إجهاده السابق فى القراءة والكتابة ببصره حتى جاز إلى ربه بعد قليل».
 
يذكر «الشناوى»، نقلا عن شفيق بك منصور، يكن أنه حقق سنة وفاة «الجبرتى» بمناسبة ترجمة كتاب «عجائب الآثار» إلى الفرنسية، فكتب فى مقدمة الترجمة أن وفاته كانت فى 18 يونيو، مثل هذا اليوم، 1822، وترك غلاما وبنتا، ومات الغلام عقب وفاة والده بسنوات قليلة، وعاشت الابنة بعد وفاة والدها «نسيا منسيا»  
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة