أكرم القصاص - علا الشافعي

الفن عاش والفلوس طارت.. رواد الموسيقى من المجد للفقر.. أبو العلا محمد مكتشف أم كلثوم ينهى حياته بالحلاوة الطحينية.. كامل الخلعى أكبر موسيقار تحول إلى ماسح أحذية.. ونهاية مأساوية لعبده الحامولى سلطان الطرب

الجمعة، 17 يونيو 2022 03:00 م
الفن عاش والفلوس طارت.. رواد الموسيقى من المجد للفقر.. أبو العلا محمد مكتشف أم كلثوم ينهى حياته بالحلاوة الطحينية.. كامل الخلعى أكبر موسيقار تحول إلى ماسح أحذية.. ونهاية مأساوية لعبده الحامولى سلطان الطرب أهل الفن
زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

- سالم العجوز أغنى مطرب فى القرن 19 استجدى المارة ومات وعمره 118 سنة
 

عاش كثير من نجوم الفن وأساطيره حياة صعبة، تحملوا فيها الكثير من أجل الفن، حتى وصلوا إلى مكانة عالية وشهرة فائقة، وبعد أن سطع نجمهم، وكانوا من أهم كبار ورواد الفنون، ونالوا من الشهرة والمجد ما جعل أسماءهم وفنونهم تمتد إلى أجيال لم تعاصرهم، عانوا من نهايات مأساوية، تبدل فيها حالهم وفقدوا صحتهم وأموالهم.

عانى عدد من رواد الموسيقى الكبار، الذين وصلوا إلى قمة المجد، من ظروف صعبة فى نهاية حياتهم، وتبدلت أحوالهم، وفقد بعضهم أمواله وصحته. 

عبده-الحامولى

عبده الحامولى

المطرب والموسيقار الكبير عبده الحامولى، أحد كبار مجددى الموسيقى، وأحد أهم الأسماء بعالم الطرب فى القرنين التاسع عشر والعشرين، الذى ارتبط اسمه بألمظ أشهر مطربات عصره، حيث جمعتهما قصة حب وزواج، وكونا أشهر ثنائى غنائى، فرغم ما وصل إليه من مجد فنى، فإنه عاش مأساة فى نهاية حياته.
 

ولد عبده الحامولى عام 1836 فى قرية حامول، مركز منوف بالمنوفية، وعشق الموسيقى والغناء منذ طفولته، وتعلم أصولها على يد رواد الموسيقى الكبار، وذاع صيته وشهرته واستخدم مقامات لم تكن موجودة فى الموسيقى المصرية، وتعاون مع كبار الشعراء، ووصل إلى مكانة فنية وشهرة لم يصل إليها أى من مطربى عصره، حتى أطلق عليه لقب سلطان الطرب، وربح أموالا طائلة ولكنه كان ينفق بلا حساب، حتى إنه عانى من الفقر فى نهاية حياته، لدرجة أنه سكن أحد الفنادق الفقيرة، ولم يجد أجر هذا الفندق، ولم ينقذه من التشرد سوى صديق له كان من كبار تجار السمك واسمه باسيل بك عريان، الذى بنى له منزلا ليقيم فيه، ولكن لسوء الحظ أفلس هذا الصديق، فعجز عن مساعدة عبده الحامولى، الذى عانى من الشلل فى نهاية حياته، ولولا مساعدات الشيخ سلامة حجازى، والشيخ يوسف المنيلاوى، لم يكن ليجد قوت يومه، ورحل عبده الحامولى بعد أن تبدل حاله عام 1901.

كامل-الخلعى

كامل الخلعى

ربما سمع الكثيرون اسم كامل الخلعى، أحد رواد الموسيقى فى بدايات القرن العشرين، حيث ولد محمد كامل الخلعى فى عام 1881 بمدينة كوم الشقافة بمحافظة الإسكندرية، وقضى بالإسكندرية سنوات صباه الأولى، إلى أن انتقل مع والده إلى القاهرة، وعمل فى كتابة اليفط بشارع محمد على، وهناك تعامل مع أعلام الموسيقى البارزين فى تلك الفترة، مما دفعه إلى تعلم العزف على الآلات الموسيقية، وتطورت موهبته ودرس الموسيقى والتلحين عن كبار الموسيقيين، وسافر إلى الشام وبغداد وإسطنبول وتونس، ودرس الموشحات الأندلسية، وذاع صيته فى مصر والعالم العربى.
 
تعاون كامل الخلعى مع الشيخ سلامة حجازى، وانضم إلى أول فرقة للمسرح الغنائى، ووضع الكثير من الألحان للمسرحيات، وتتلمذ على يديه العديد من كبار الملحنين، ومنهم محمد القصبجى، كما كان أديبا ينظم الشعر، ويكتب المقالات فى الأدب والموسيقى، وألف العديد من الكتب المهمة فى الموسيقى، ومنها ثلاثة كتب من أعظم الكتب، التى ظهرت فى مصر فى علم الموسيقى أوائل القرن العشرين وهى «نيل الأمانى فى ضروب الأغانى»، و«الأغانى العصرية»، و«كتاب الموسيقى الشرقى».
 
لحن الخلعى ما يزيد على الأربعمائة من الموشحات والروايات التاريخية والأوبريتات، كما لحن لكبرى الفرق المسرحية، ومنها فرقة منيرة المهدية، وفرقة جورج أبيض.
 
ورغم هذا التاريخ الحافل لكامل الخلعى، فإن عوامل الحزن والبؤس افترست نهاية حياة الموسيقار الكبير، فذات يوم كان الموسيقار محمد العقاد، وهو أيضا من أعلام الموسيقى فى بداية القرن العشرين، يجلس على مقهى مع بعض زملائه وأصدقائه، اقترب منهم ماسح أحذية وهو يدق على صندوقه، فأشار له العقاد ليمسح حذاءه دون أن يلتفت إليه.
 
جلس ماسح الأحذية عند قدمى الزبون ليقوم بمهمته، وفجأة التفت العقاد إلى ماسح الأحذية، فأصابته الدهشة والصدمة فى آن واحد، وهو لا يصدق ما يراه، ليفاجأ بأن ماسح الأحذية هو زميله الموسيقار والملحن كامل الخلعى، وبسرعة انحنى العقاد وأمسك بيد الخلعى لينهضه ويجلسه بجواره، وهو لا يتمالك نفسه من البكاء، تأثرا بحال زميله الموسيقار الكبير، الذى لم يتخيل أن يصل به الحال إلى هذا الحد، الذى جعله يمتهن مهنة مسح الحذية.
 
مد العقاد يده إلى جيبه، ليقدم لزميله معونة مالية تساعده على تكاليف الحياة، ولكن رفض الخلعى بشدة، وقال للعقاد: لا أستحق سوى نصف قرش ثمن مسح الحذاء.
 
كان الخلعى طوال حياته لا يهتم بالمال، رغم أنه كسب من عمله فى التلحين مئات الجنيهات، ولكنه أنفقها كلها، حيث كان مسرفا لا يهتم بكنز الأموال أو حفظها لتعينه على المستقبل، وأصيب الخلعى بالشلل فى نهاية حياته، وعاش ظروفا صعبة ورحل عام 1938 تاركًا وراءه تراثًا موسيقيًّا كبيرا.
 
سالم-العجوز

سالم العجوز

كان من بين هؤلاء النجوم، المطرب محمد سالم العجوز، أحد كبار المطربين الذين عاصروا عبده الحامولى، ولد عام 1804 وعاش حياة طويلة حتى يقال إنه وصل لسن 118 عاما، وحقق شهرة ونجومية كبيرة.
 
حفظ العجوز القرآن فى طفولته، وعمل بالتجارة وكسب أمولا طائلة، وكان يتميز بجمال صوته، حتى قال عنه عبده الحامولى إنه أحسن الأصوات فى الرجال، وكان بالإضافة إلى ذلك يجيد العزف على العود والرق، ويلحن القصائد ويغنى فى أفراح الأمراء وكبار رجال الدولة والأعيان.
 

كون سالم العجوز ثروة طائلة، ولكنه بددها بسبب الإسراف الشديد وتعدد زوجاته، حتى اضطر فى نهاية حياته وبعد أن تقدم فى السن إلى استجداء الناس على المقاهى، وأشفق عليه أحد الأعيان، وأقام له حفلة ليساعده بدخلها، وغنى العجوز بنفسه فى هذه الحفلة، التى غنت فيها المطربة الجديدة وقتها أم كلثوم، وكانت قد بدأت تخطو خطواتها نحو الشهرة وطريق المجد، إضافة إلى عدد من المطربين الآخرين، الذين تبرعوا بأجر غنائهم فى الحفلة لمساعدة زميلهم، الذى رحل عام 1922 فقيرا لا يملك شيئا، بعد أن كان أشهر وأغنى مطربى عصره.

الشيخ-أبو-العلا-محمد

الشيخ أبوالعلا محمد

كان من بين هؤلاء النجوم والأعلام، الموسيقار والمطرب الكبير أبوالعلا محمد، أحد أهم رواد الموسيقى والتلحين والطرب، وأستاذ كوكب الشرق أم كلثوم، الذى اكتشفها وتبنى موهبتها.
 
تمتع الشيخ أبوالعلا محمد، المولود عام 1884، بجمال الصوت وعبقرية التلحين، وكان قد حفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر فى صباه، وذاعت شهرته بين مشاهير الطرب فى عصره، وقام بتلحين مجموعة من القصائد الشعرية الدينية لكبار الشعراء، كما سجل بصوته نخبة من القصائد والأغنيات على أسطوانات، وكان أول من التفت لموهبة كوكب الشرق أم كلثوم، وتبناها ولحن لها العديد من الألحان فى بداياتها، ومنها «الصب تفضحه عيونه، وحقك انت والمنى، إن حالى فى هواها عجب»، وغيرها، مما وضع كوكب الشرق على أول طريق المجد.
 
تتلمذ على يد الشيخ أبوالعلا محمد العديد من كبار أهل الطرب والموسيقى والغناء، ورغم شهرة ومجد الشيخ أبوالعلا محمد، فإنه عاش نهاية مأساوية، حيث أصيب فى نهاية حياته بالشلل فى ساقيه ولسانه، وكان قد أنفق العديد من الأموال الطائلة التى كسبها فى حياته، حيث عرف بالكرم الشديد، الذى وصل إلى درجة الإسراف، وأصيب الشيخ بحزن واكتئاب شديدين فى نهاية حياته، لأنه حرم من صوته وعجز عن الغناء بسبب مرضه، وكان يبكى بسبب العجز الذى أصابه.
 
كان الشيخ أبوالعلا محمد قد أصيب بمرض السكر، وكان يحب الحلوى كما يحب الغناء، فحرم منها أيضا كما حرم من صوته، وعز عليه أن تقسو عليه الدنيا إلى هذا الحد، الذى حرمه من كل متعة كان يشعر بها، وفى فترة من فترات الحزن والاكتئاب، التى مرت عليه، أراد أن يعاند أحزانه، فاشترى كمية من الحلاوة الطحينية التى يحبها وأكلها خلسة، وهو ما تسبب فى تدهور حالته وارتفاع معدلات السكر لديه، وبعد أيام من هذه الواقعة، رحل عن دنيانا عام 1927، وشاركت تلميذته أم كلثوم فى جنازته وودعته إلى مثواه الأخير.
p.8









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة