محمد حبوشه

الرئيس السيسي.. حكمة الماضي بطعم الحاضر

الجمعة، 17 يونيو 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت قبل أسبوع في هذا المكان عن الرئيس عبد الفتاح السيسي (رجل الأقدار الذي يقود أمة خير أجناد الأرض)، وعمدت حينها عدم الحديث عن الإنجازات العظيمة التي تحققت في السنوات الثمانى الباذخات من عهده، في ذكرى تنصيبه رئيسا للجمهورية، وقد جاءتني ردود أفعال كثيرة طيبة ومشجعة طالبت غالبيتها باستكمال الجوانب الأخرى من شخصية هذا الرجل الأمة والإنسان الزعيم والأب القائد الضرورة، كما يراه المصريون جميعا بل كما يراه العرب غبطةً للمصريين فيه، ولعل عنايات القدر بهذا البلد الآمن الأمين أنه شاء له منقذا بحجم التحدي من الهاوية الشفير التي كنا على شفاها  والسيناريو الأسود الذي خطط له إخوان الشر -لا أعاد الله ذكرهم - كي يخرجوا مصر من خارطة الحضارة والحضور عالمياً وعربياً، وتعطيل دورها وفعلها في مسار التاريخ الحديث، لكن عزيمة هذا الرجل وإرادته القوية وعمق إيمانه غلبت كل توقعاتهم، بل وأفسدت كل سيناريوهاتهم التي خططوا لها بخيالهم المريض.
 
واليوم أستكمل ما بدأته حول شخصية السيسي التاريخية الكاريزيمية التي لمستها من خلال تحليل دقيق لطريقة أدائه الدقيقة ولغة الجسد والروح التي تنطق بها كلماته وإشاراته وتنمّ عن مكنوناته وسماته النفيسة المحكومة باختيار وتوفيق رباني لرجال يريد لهم - جل في علاه - أن يكونوا حملة راية الخير في الأرض وقادة شؤون العباد والبلاد إلى ما يحبه ويرضاه .
 
وتأسيسا على ذلك أقول: إن إدراك الرئيس عبد الفتاح السيسي العميق والمتنور لماضي مصر العريق، واستبصاره واستشرافه لمستقبلها الزاهر الذي طالما حلم به، أهلّاه بعد كل هذه العصور، أن يكون الرابط الموضوعي الرصين بين ماضى وحاضر ومستقبل مصر الموعود، ليكمل هذه المسيرة بعقل وحنكة وحكمة، مدركا ومناظراً لحكمة جده الفرعوني القديم (أحمس) الذي طرد الهكسوس وعاد إلى بلاده (سنة 1571 ق . م) وقضى على تمردات الجنوب، ليتجه بعدها إلى إصلاح شأن البلاد الداخلي، حيث كان على رأس وأولويات اهتمامه إنشاء جيش عامل منظم ومزود بكل الأسلحة المعروفة فى ذلك الوقت. ولذلك لابد أن يكون جميع ما نراه في عصر الرئيس السيسى من إنجازات امتدادا طبيعيا جدا وحتميا لمشاعل النور المتوهجة في سماء مصر الخير على مدى التاريخ، ويؤكد أن قوة جيشها وتعدد مصادر سلاحه ومتانة الأرض الصلبة التي يقف عليها والمتمثلة بوحدة أهلها انتماءً ومصيراً، هى الضامن الوحيد لاستمرار وديمومة وقوة هذا الوطن العظيم، والكفيل بالحفاظ على هيبة حضوره وأمان مستقبله.
 
لم يكتف الرئيس السيسي بإنجازه السياسي والعسكري والاقتصادي وثورة البناء التي يقودها منذ سنوات في تأمين بلاده فحسب، بل كان ركناً أساساً في توحيد صفوف العرب جميعا بهذه المرحلة الحرجة من تاريخهم، ولم شملهم الذى ضاع منذ سنوات طوال على كلمة واحدة، مثلما فعل جده الملك (مينا) الذى كان له الفضل فى تحقيق الوحدة السياسية لمصر سنة (3200 ق . م) وتأسيس أول أسرة حاكمة في تاريخ مصر الفرعونية.
 
حيث أصبحت هذه الوحدة فيما بعد العامل الأهم فى نهضة مصر بشتى نواحى الحياة - وهو ذات الذي نعيشه ونراه هذه الأيام - حيث تعود وتتدفق الدماء العربية مرة أخرى فى الجسد المصرى، بعد ما وحد صفوفها (السيسي) القائد الضرورة المخلص لشعبه وأمته العربية جميعا، إننا نشهد ونعيش في هذه المرحلة مولد زعامة عربية رائدة قائمة على الحنكة السياسية والقوة المقتدرة المكللة بالعقلانية والواقعية وتلك هى (زعامة السيسي) في أبهى صورها وصفاتها، السيسي القائد الفارس النبيل الذي يجمع ولا يفرق، ويحاول دائما وأبدا أن يربط بين الماضى والحاضر دفعا نحو المستقبل الآمن، ويأتي كل ذلك على جناح من الأصالة والعراقة والإيمان المحض، مهتدياً بحنين واعٍ إلى الماضى لاسترجاع إنجازاته بكل صورها، واستلهام العبر والعظات التي تكفل له امتلاك مفاتيح قيادة (أمة قوامها خير أجناد الأرض) والذين شكلوا أول جيش نظامي في تاريخ البشرية، مثّل منذ آلاف السنين ولا يزال  العمود الفقري في الحياة المصرية .
 
إذا تأملنا مليا فى شخصية (السيسي) الفريدة سنجد أنه تتوفر لديها كل مقومات الزعامة والنضج السياسي، ولا تخلو تلك من حنكة وخبرة مستمدة من شخصية عسكرية تنتمي لعقيدة قتالية تستند لبعد أخلاقي، وهى تعود بنا لمجد الماضى بطعم الحاضر، وبناء مستقبل في سبيل إعادة ما مزقته الأطماع الخارجية في الوطن العربى كافة، ومصر على وجه الخصوص، ليأتي (السيسي) بخلفيته الروحية التي تفهم صحيح الدين الإسلامي، ويغدو قنديلا يضىء عقولاً تحجرت بأساليب تكنولوجية حديثة دمرت قواها، وهو ما يتطلب خطوات جادة من جانبنا لشد أزره في المهام الصعبة والمقدسة لقيادة (أمة في خطر) ممثلة بالنحو التالي:
 
- عودة الإعلام المستنير بكافة صوره وأشكاله وأساليبه التي تكفل الإقناع والفهم الصحيح والتحليل العميق، لأجل تحمل المهمة الثقيلة إلى جانبه، خاصة وأنه يدرك بحكمته أن الحروب القادمة هى حروب إعلام ومواقع تواصل وإنترنت، تماما كما جاء فى خطابه يوم افتتاح مؤتمر القمة العربية فى شرم الشيخ قبل سبع سنوات عبر إشارات بالغة الدقة في قوله: (الاقتصاد ربط الماضى والحاضر.. ونهضة طلعت حرب)، و(السياسة مثال جمال عبد الناصر والسادات وكافة الزعماء، وعلى رأسهم محمد على، وقبل ذلك الأنبياء مثل سيدنا يوسف الصديق)، وأيضا في ذهابه إلى أن (الدراما معنية بعودة الزمن الجميل، وذلك في حميمية لا تخدش الحياء، بدلا من المسلسلات الوافدة من تركيا وغيرها، حتى لا تتغير الهوية المصرية كما يرغب المتربصون بنا.
 
وفي ذات الصدد أكد الرئيس على الحفاظ والتمسك بالأصالة في الأغانى الوطنية القديمة التي شكلت خلفية موسيقية أثناء حفل غداء القادة العرب على أنغام أم كلثوم ووديع الصافى وفيروز، وهى دلالة مباشرة يذكر فيها القادة العرب بالوحدة العربية فى قمتهم على أرض مصر، ولكن يبقى الهدف البعيد بالطبع هو لم الشمل العربي على جناح الوجدان الذي تربى على الأصالة ورصانة المبنى والمعنى للكلمة والجملة الموسيقية، واللتين تشكلان جوهر الغناء الطربي الذي يستدعي الماضي الجميل في ثوب تغلفه الحميمية العربية في هذ الوقت بالذات.
قد يتساءل البعض في عجب: كيف استطاع السيسي أن يجعل مصر تستيقظ، ومن ثم أيقظ العالم العربى كله في هذا الوقت الصعب؟ وكيف أنقذ مصر والعالم من المؤامرات التى سرعان ما اعترفت بها كل الدول العربية بعد تجاهلها فترة من الزمن؟
 
والإجابة هنا تتجلى في المكاشفة التي بدت في الخطاب الختامي للدورة الخامسة والعشرين لانعقاد الجامعة العربية على لسان أمير دولة الكويت أثناء افتتاح مؤتمر القمة وتسليم الرئيس السيسي قيادة مصر للدورة السادسة والعشرين. 
 
وحين ندقق النظر أعمق سنجد أن أهم أسباب نجاحه في انتشال مصر من كبوتها وإعادة اللحمة العربية في آن معاً يرجع إلى (فرق السرعات) بينه وبين رؤساء وزعماء العرب والعالم، بحكم إدارته السابقة للمخابرات العسكرية، وعمله بالأمانة العامة لوزارة الدفاع المصرية لسنوات في جمع المعلومات، ودراسته العميقة وتقدير المواقف فى جميع الأزمات التي عايشها، لأنه باختصار يرى المشهد من أعلى، وليس ذلك نوعا من الخيلاء أو التعالي بقدر براعته في تحليل المعلومات، والإلمام ببواطن الأمور التي تتعلق بالأمن القومي المصري والعربي. 
 
إذن يمكننا القول بأن عامل (فرق السرعات) هو الذي كان سبب نجاحه في الشأن الخارجي الذي ظل طويلا يمثل مشكلة كبرى لدى المحيطين، خاصة أولئك العاملين في دولاب الحكومة المصرية، والذين لا يتوفر لدى كثيرين منهم الحد الأدنى من مستوى فهم الأهداف والإلمام بالمهام، فغالبا ما تحاط أبسط أمورنا التي تتعلق بالإنجاز بأسلاك شائكة من القوانين الجائرة والبيروقراطية العقيمة، والتي تحول دون فهم طبيعة المشكلات، وإيجاد التكييفات القانونية والحلول السريعة التي ترفع الضجر والظلم من على كاهل المواطن البسيط، حتى يشعر بحجم الإنجاز، تماما كما يرسخ في عقلية الرئيس، ويستقر في وجدانه الفطري الرابط بين منطق العدل في جوهره الأسمى مع جوهره الإنساني الروحاني المتمسك الملتزم بصحيح الدين، كما لاينفي أبدا علاقته بالدنيا التي ينبغي أن نعيشها بأريحية تمكننا من الوصول لبر الأمان المنشود في المستقبل القريب والبعيد.
 
بعد كل ما مضى يمكننا القول وبراحة تامة: إننا أمام لحظة تاريخية فارقة تستحق منا دعم الرئيس السيسي في مواجهة الأزمات الحالية، باختصار لأنه هو القائد الحالم، الذي يجمع ولا يفرق، ولأنه من أولئك الذين ينظرون للأحداث بعين الطائر الحر المحلق في الأعالي ،على عكس آخرين ينظرون بعين النملة، ولعل ما يدور برأس الرئيس للمصريين والوطن العربى والعالم هو ما يؤكد على (نظرية عين الطائر) تلك في نظرته نحو استعادة الماضى الجميل، ودمجه بالحاضر، بهدف توظيف ذلك الماضى لصالح الحاضر، ومن ثم الانطلاق بأمان نحو المستقبل، على جناح النخوة والشهامة العربية التي تجلت في موقفه الدائم ضد تقسيم المقسم، وتفتيت المفتت، فالوحدة الوطنية أقصى غاياته، والحفاظ على الأمن القومى المصرى حلمه المنشود، وهو ما يدركه الشعب المصرى رغم أنف المزايدات والمؤامرات ووسائل التعمية، وكان لزاماً نتيجة لذلك أن تتوجه الجماهير على عروش قلوبها والاحتفاء بولادة بطلهم الشعبي من جديد.
 
وأخيرا لأنه شديد الحرص على أن يقدم لمصر والمصريين جل جهده وعرقه، ويضع روحه على كفه فداء لرسالته الخالصة في خدمة وطنه ودينه، ومن ثم يستحق منا الكتابة عنه بحروف من نور في سجل التاريخ، ليس تزلفا أو طمعا في أي شىء، بل عن طيب خاطر يعكس جوهر شخصيته الفطرية البسيطة، لذا فظني أن الرئيس عبد الفتاح السيسي محفوف بعناية إلهية، خاصة في ظل رحلة الطقوس الروحانية التى لا تفارقه، منذ نزوله من بيته، وفي أثناء ركوبه سيارته، حتى وصوله إلى مكتبه برئاسة الجمهورية ، حيث اعتاد على تلاوة سورة (يس) من المصحف الكريم الذي لايفارقه، وهى السورة التى يحافظ على قراءتها صباح كل يوم حتى يأنس لنهار مفعم بالأحداث الساخنة، وهى من علامات تفاؤله اليومي، وقبل أن يخرج من منزله يحرص على أن يمسك مسبحته (المائة) الخشبية بنية اللون، والتى لا تفارق جيبه مهما كان يرتدي، ويتوكل على الله، ويصعد سيارته الرئاسية ويمضي وهو يتلو ويردد كثيرا من الاستغفارات والأوراد حتى يدلف إلى مكتبه، بينما هالات نورانية مصحوبة برائحة الغفران تملأ أرجاء المكان أينما وجد بفضل بركة سورة (يس) التي أحسبها (ولا أفتئت على كلام الله) تحرسه وتحميه وتنير طريق خطاه.
 
ويحرص هذا الرجل العسكري المنضبط أكثر من ساعة (بيج بن) على الصيام يومي الخميس والاثنين، أو ما تيسر أكثر منهما، حيث يجد فيه العبادة الوحيدة بين العبادات التى لا يدخلها رياء أو تعتريها مظاهر شكلية، فهو حريص جدا على أن يقوم بصيام الأيام القمرية من كل شهر عربى، زيادة على صيام الاثنين والخميس، اقتداء بسنة سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولهذا نشد على يده ونجدد عهد الحب والولاء لرجل شجاع أنقذ مصر من خفافيش الظلام .. فتحية تقدير واحترام.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة