علا رضوان

ريڨو.. مسلسل جميل يعالج صداع الماضى ويصيب مشاهديه بالنوستالجيا

الأربعاء، 15 يونيو 2022 05:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأغنية هي آلة الزمن التي نبحث كلنا عنها، جملة قيلت في بداية الحلقة الثالثة من مسلسل ريڨو أحدث اصدرات منصة واتشيت الأصلية، وفي ظني إنها جملة مفتاحية للعمل، ونستطيع أن نبني عليها مقالتنا عن هذا المسلسل الموسيقي الجميل المليء بالشجن، الذي ذكرني أثناء مشاهدته بجملة افتتاحية في كتاب عمر طاهر إذاعة الأغاني الذي تتصدره تلك العبارة البليغة: "بينما تجري الحياة.. ثمة أغنية ما تدور في الخلفية. بينما تدور أغنية ما… ثمة حياة تجري في الخلفية"
 
من أسباب سعادتي الغامرة بهذا المسلسل إنه لأول مرة منذ فترة طويلة نقدم عملا موسيقيا غنائيا، ثانيا أن المسلسل هو مرثية رائعة لأيام العمر الجميل في التسعينات التي شهدت طفولتنا وصبانا الباكر كجيل صاروا آباء وأمهات، وربما تصادفني أغنية وأنا في المطبخ لأحد مطربي التسعينات قادمة من سيارة يشعر صاحبها بالحنين، ربما تجعلني تلك الأغنية لمحمد فؤاد أو علاء عبد الخالق أو منير وعمر دياب القديم أو حسام حسني، تنقلني لزمان برمته عشته وتنفست نهاراته وأمسياته حلوها ومرها.
 
ميزة الفن الجيد أن يخلق داخلك حالة شعورية مختلفة، فأنت لست نفس الشخص بعد أن تشاهد عملا فنيا مميزا، وهذا ما فعله معي مسلسل ريڨو حتى إني كنت أصفق عقب بعض المشاهد المؤثرة، وكأن الماضي نادل أتوقع أن يلبي تصفيقي وطلبي بعودة الأيام الخوالي.
تبدأ الأحداث بوفاة الكاتب الكبير حسن فخر الدين، الذي يلعب دوره ببراعة محسن محي الدين، وتكتشف ابنته مريم، تلعب دورها باقتدار الفنانة الشابة الاردنية ركين سعد، أن ابيها كان يكتب فيلما عن باند موسيقي في التسعينات اسمه ريڨو، وبعد يوم واحد من الوفاة يطالبها المنتج سامح متولي بالبحث في اوراق أبيها عن سيناريو الفيلم، غير أن مريم تجد السيناريو غير مكتمل، وتفكر مريم أن تبحث عن الباند الذي كتب عنه أبيها، وتقودها هذه الرحلة إلى مغامرة لاكتشاف حياة ريڨو، وحياة أبيها السابقة التي كانت مرتبطة به.
 
ريڨو يمثل حلم كل الشباب أثناء بدايتهم، وهو تغيير العالم، من منا لم يحلم في شبابه الباكر بأفكار تغير العالم في مجاله، كما حلم شادي اشرف مؤسس ريڨو والذي لعب دوره وكتب ولحن أغانيه المطرب أمير عيد، والذي قدم الدور باحترافية شديدة، الشاب الذي لا يرى سوى حلمه، وما عداه ليس مهما حتى لو كانت حياته، لعب أمير عيد الدور ببراعة وهدوء ودون انفعالات مبالغة، ومن أعضاء الفريق أيضا مروان سامي ابن استاذ الموسيقى بمعهد الكونسفتوار سامي الحلواني والذي ثار على موسيقى أبيه وعلى كلاسكيته، وقدم دور مروان صدقي صخر باقتدار شديد بمراحل الشخصية المختلفة وتقلباتها الحادة، وكذلك فعل الفنان حسن أبو الرووس في دور أباظةأو باظا الذي كان عازف جيتار قوي في التسعينات ثم تحول لمدرس ومقيم شعائر بأحد المساجد، ورفض فكرة الموسيقى تماما، أقنعني تماما في المرحلتين، وكذلك تامر هشام الذي لعب دور ماجد وهو بالأساس عضو في باند كاريوكي مع أمير عيد.
 
المسلسل شهد حالة تألق من الجميع ومنهم المؤلف محمد ناير، الذي اعتبر مسلسل ريڨو افضل عمل قدمه وسط أعمال متوسطة القيمة كتبها من قبل، لكن يظل ريڨو درته بالتأكيد، وإن كان السيناريو لا يخلو من بعض المشاكل وخاصة في نهايته، وفي الدافع الذي من أجله تحول ياسمين رحمي دون خروج فيلم ريڨو للنور، وعدم بروزة موت أحد الأبطال المهمين في المسلسل( لن اذكر من هو حتى لا أحرق الأحداث)، ومن الذين تألقو في هذا العمل أيضا المخرج يحيى إسماعيل في عمله الأولى، وموسيقى ساري هاني كان قوية وكذلك مونتاج كمال الملاخ، واليدكور أيضا كان مناسبا للمرحلة ومذكرا بها بقوة، ما كان ينقص التعبير عن حقبة التسعينات أكثر هو وجود أغاني تسعينية بكثافة اكبر تجعلنا نعيش الأجواء بشكل حقيقي.
النوستالجيا والافتقاد هي أهم ما يميز المسلسل إن كنت من مواليد السبيعنات أو الثمانينات، فسوف يتغلل هذا المسلسل إلى مسام روحك، ولسوف يجعلك ترى النسخة الأصغر منك، وتقف مبتسما في شجن خفيف كنسمة هواء تعبأ صدرك.
 
فخورة جدا بتصدى منصة واتسيت بأعمالها الأصلية لنوعية درامية مختلفة قد لا تتسع لها شاشة التلفزيون التقليدية، كما قدمت في تجربتيها الجيدتين في مسلسلي.
 
تحقيق وريڨو، كما إنى أرفع القبعة لأصحاب التطوير داخل المنصة، فقد لاحظت تغييرا كبيرا بالمنصة خلال الشهور الأخيرة من سهولة التبويب والتقسيم، وسهولة البحث والوصول، وفي كل يوم يتم إضافة جديدة تجعل الأمور أكثر تنظيما ويسرا على المشترك والمتصفح للمنصة.
 
ريڨو صداع الماضي في رأس الحاضر، الذي يحاصر أبطاله فجأة، لكن بالنسبة لنا كمشاهدين ريڨو هو المسلسل الذي بمجرد أن نشاهده يختفي صداع مسئولياتنا حين كبرنا وصرنا أمهات وآباء لنعيش في ماضي أيامنا.
 
في النهاية شريط الكاسيت في أيامنا لم يكن مجرد شريط نسمع عليه الأغنيات، بل كان شريط يحمل كل آهاتنا وأحلامنا، وبصمات الأيام علينا.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة