أكرم القصاص - علا الشافعي

أميرة خواسك

عبد الرحيم كمال.. بطل جزيرة غمام

الأحد، 24 أبريل 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ سنوات ليست ببعيدة وموهبة الكاتب عبد الرحيم كمال تترسخ عاما تلو العام، وعمل بعد آخر لنكتشف مع مرور الوقت ومع عرض أعماله المتتالية أننا أمام كاتب من طراز فريد استطاع وسط هوجة الإسفاف والعنف والابتذال أن يضع لنفسه مكانة محترمة واسم يثق به المشاهد، ويتوقع دائما انه سيشاهد دراما راقية ومختلفة تحترم العقل وتلمس القلب، فاستطاع بهذا أن يملأ فراغا كبيرا برحيل عدد من كبار كتاب الدراما فى مصر.

 

     ثم جاء عمله الأخير " جزيرة غمام " الذى يجسد مفهوم السهل الممتنع، وفى حدود معرفتى أن كاتبا لم يسبقه لمثل هذا النوع من الدراما، التى تأخذ المشاهد فى منطقة يصعب أن ينجذب إليها، بحوار غاية فى الإبداع والتشويق، والصعوبة هنا أن بطله الصوفى الباعث لنا برسالة حب وكلمات منتقاة ممن يدرك ويعى معناها جيدا، وأبعادها السهلة الصعبة إلا على من سبح فى هذا البحر العميق وعثر على اللآلئ لينتقى أجملها ويهديها لمشاهديه، ولعل حلقة المناظرة كانت الأجمل والأبدع والأقوى.

     العمل يحمل الكثير من المعانى والأبعاد المباشرة والمستترة، وكل من يستقبله يستطيع أن يستشعر تلك المعانى والأبعاد حسب إدراكه وعقله وقلبه، لكنه فى النهاية عمل متميز يترك أثرا كبيرا فى النفس والعقل، ولأن عمل المؤلف هو الأساس الذى يُبنى عليه العمل الدرامى فان عبد الرحيم كمال قد وضع أساسًا قويا مميزا، فكان هو البطل الحقيقى  .

    على الرغم من كون أحداث المسلسل دارت فى مكان افتراضى، وأحداث وشخوص ربما لا تشبه الواقع ولا التاريخ لكنها بدت كما لو كنا قد عايشنا تلك الأحداث حتى لو فى خيالنا، وعايشنا هؤلاء الأشخاص حتى ولو لم نحددهم، لكنهم يشبهون كثيرا من نصادفهم فى حياتنا الذين يمزجون الخير بالشر والجهل بالمعرفة، وتلك فى رأيى ميزة كبرى، فالبشر يحملون الخير والشر كلّ بقدر، أما أصحاب الخير المطلق أو الشر المطلق فهم يمثلون الندرة فى هذا العالم!

      الحقيقة أن نص عبد الرحيم كمال هو البطل الحقيقى فى هذا العمل، مع كل التقدير والاحترام لبقية المشاركين فى هذا العمل، وعلى رأسهم المخرج المتميز حسين المنباوى الذى يخطو خطوات واثقة نحو مكانة كبرى فى عالم الإخراج، وقد استطاع أن يشكل باقة رائعة من النجوم الذين قلما يجتمعون فى عمل واحد، وكان كل منهم بطل فى دوره حتى من أدوا أدوارا قصيرة .

     لقد حمل هذا المسلسل أكثر من مفاجأة فى أدوار النجوم، لعل دور عرفات الذى قدمه الفنان أحمد أمين هو الأبرز ليس فقط لتمكنه من دور جديد عليه وعلينا، بل لأنه قدمه باتقان وسلاسة رجل تبحر فى الصوفية واستطاع أن يفرق جيدا بين الصوفى الزاهد الذى يحمل فلسفة أكبر وأبسط من أن يستوعبها الآخرين، وبين المبروك أو الذاهن الذى يراه من حوله فاقدا للعقل، أيضا طارق لطفى الذى أبدع وكان شجاعا فى قبول دور ربما يخشى كثير من النجوم أن ينتقص من نجوميتهم، والفنانة الكبيرة عايدة فهمى التى تتقدم بدورها نحو مساحة لا يقدر عليها سوى نجمة من طراز خاص، ومى عز الدين حيث نضجت بدور منحها الفرصة لتقدم شخصية متعددة الجوانب والمواهب، والكبير رياض الخولى، فهو على الرغم من كونه قدم دور الصعيدى الكبير أكثر من مرة، لكن شخصية العجمى بما تحمله من قيادة وعدل وقوة وضعف إنسانى من المؤكد أن لها مذاقا آخر، والعزيزة وفاء عامر التى قدمت ما يشبه شخصيتها الحقيقية بما تحملة من " جدعنة " وذكاء وأنوثة أضفت على العمل اللمسة النسائية الناضجة بجدارة .

 

الحقيقة أن كل من ساهم فى هذا العمل الكبير قد حقق لمشاهديه السعادة والمتعة والتفكر والتدبر وكلها فى النهاية هى أسمى ما تصل إليه رسالة الفن، وقد وصلت لها باقتدار أسرة جزيرة غمام فاستحقت احترامنا وإعجابنا الكبيرين . 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة