الكتابة لأدب الأطفال طريقها الذى أرادته للتعبير عن حبها للصغار والنشء، ومع موهبتها فى سرد القصص الشيقة تحرص دائما على احترام عقل الطفل، وترى أن ذلك هو الطريق الوحيد للوصول لقلب البراعم، إنها الكاتبة والإعلامية سماح أبو بكر عزت، ومؤخرا حظيت بمقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث أعرب الرئيس عن متابعته للأعمال الأدبية التى ألفتها الكاتبة سماح أبو بكر عزت، والتى حازت على إثرها على العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية، مؤكدا أهمية أدب الطفل فى التوعية الهادفة للأجيال المستقبلية بشكل مبسط ومستساغ بخصوص محاور الأمن القومى لمصر وسبل تحقيق التنمية المستدامة، فضلا عن إذكاء الحس الوطنى لدى الأطفال، ولهذا أجرينا مع الكاتبة الكبيرة حوارا مطولا تناول العديد من الأمور حول كتاب الطفل ودور الأسرة وآليات تنمية الطفل بما يدور حولنا من إنجازات وغيرها وغيرها من القضايا.. وإلى نص الحوار:
فى البداية حدثينا عن مقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
إن لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، سعادة وتشريف ما بعدها سعادة، وأن الرئيس يخصص جزءا من وقته لمقابلة كاتبة أطفال، فهذا يحمل معانى كبيرة ودلالات فى منتهى الجمال، أولها أن الرئيس مهتم للغاية بملف الأطفال ويرى أنهم فعلا مستقبل البلد، ودائما ترى أن سيادته يراهن على المستقبل، ونجد ذلك من خلال المشاريع التى يتم تنفيذها على أرض الوطن، كما أن اللقاء مع سيادة الرئيس السيسى مفعم بآمال عريضة، واهتمام الرئيس بملف الطفل يفتح الباب على مصراعيه لمجموعة من الأنشطة والمبادرات فى القريب العاجل سيتم تفعيلها، وخلال الأيام القليلة المقبلة سنشهد توجيهات الرئيس نحو فعاليات تخص الأطفال.
هل يمكن أن تطلعينا على ما تحدثت فيه مع الرئيس السيسى؟
تحدثت خلال اللقاء مع الرئيس السيسى، بأننى أكتب للأطفال وقضيتى ورسالتى الأساسية هى التعامل مع الأطفال والتواصل معهم، وأرى أن كاتب الأطفال الناجح يجب أن يكون على تواصل مع الأطفال ولا يكتب بمعزل عن الطفل، وهنا يستطيع أن يصل لعقل وقلب الطفل بسهولة، ومن الممكن أن تسأل الناس هل الطفل يقرأ؟ وإجابتى هى أن الطفل بالفعل يقرأ، وأنا عن نفسى الأطفال تقرأ قصصى بالفعل، ولدى مراسلات تصلنى من عدد كبير من المدارس تطلب قصصى، وأصبحت مادة أساسية لديهم فى حصص المكتبة، وليس هذا فقط بل أذهب بنفسى لمناقشة الأطفال فى تلك القصص، لأننى أعرف كيف أكتب لهم من خلال تواصلى معهم فأكتسب مفاتيح جذب الطفل نحو القصة والمدخل الذى يجعله يقرأ ويفهم ويستوعب تلك المادة، ومعرفة الفكرة التى تدور فى عقله فأعطيها له بشكل يستطيع أن يستوعبها جيدا، إلى جانب إعطاء النصيحة بشكل غير مباشر، لافتة أنها معنية بأن تنقل الإنجازات التى تتم على أرض الواقع للأطفال ولهذا كتبت «حياة وكريمة وقنال لا تعرف المحال»، ويمكن نقل أى أمر للطفل ولكن إذا تم عرضها بشكل تقريرى إخبارى ليست بالضرورة ستعطى النتيجة نفسها عندما تقدم فى شكل قصة تجذب الطفل ويكتسب من خلالها المعلومات فى شكل حكاية جميلة.
من أين يأتى كاتب أدب الطفل بأفكاره؟
أنا أرى أن كل شىء حولنا من الممكن أن يصبح قصة، فكاتب أدب الأطفال يمكن أن يستنطقها أو يجعلها قصصا، ولكن المهم كيف يتم توظيف ذلك؟ وما المعنى التى تحمله تلك القصص؟، وعموما الكاتب يختلف عن الآخرين فنجد أن تلك الأشياء تمر على عدد من الناس مرور الكرام ولكن بالنسبة له ـ كاتب القصة ـ تقع عليه بمعنى آخر فيستنبط منها مواقف وشخصيات يخلق منها قصة، وذلك حسب الأسلوب الخاص لكل من يكتب القصص.
ما دور الأسرة المصرية لتحفيز أطفالها على القراءة؟ وكيف يتم ذلك؟
الأسرة لها دور مهم جدا فى تحفيز الأطفال على القراءة، لأن الطفل يستقى القدوة وكل المعارف بداية من أسرته، فإذا كانت القراءة عادة لدى الأب والأم إلى جانب وجود مكتبة بالمنزل، بكل تأكيد الطفل داخل الأسرة سيتعود على أن الكتاب فرد أساسى من المنزل، وخاصة فى مراحل عمره الأولى، كما أن الطفل يعمل على تقليد من حوله من الكبار فحتى إذا أمسك بالكتاب وهو ما زال لا يفهم ما بداخله، لكن بمجرد أن يتعود على شكل الكتاب أو شكل القصة سيصبح مع الوقت طفلا ثم شابا قارئا، لكن إذا كانت الأسرة ليس لديها عادة القراءة فهناك احتمال ضعيف أن يكون محبا للقراءة.
ما مدى تأثير التكنولوجيا الحديثة على أطفالنا؟
التكنولوجيا الحديثة بالطبع لها تأثير كبير على أطفالنا، فنجد كل طفل الآن منشغل بالموبايل والتطبيقات الحديثة لدرجة أن الهاتف المحمول أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم، ولا نستطيع أن نمنعهم من استخدامه، ولكننا نستطيع أن نقنن عملية الاستخدام للوسائل الحديثة، ونوجه أيضا ذلك الاستخدام نحو أشياء تفيد الأطفال، حتى لا تصبح تلك الوسيلة الحديثة للعب فقط أو لأشياء لا فائدة منها، ولكن بالعكس من الممكن أن نوجه الطفل بأن يستخدم هذه الوسيلة كمصدر للمعلومات والمعرفة والإطلاع على أشياء جديدة، مثل ممارسة ألعاب تنمية الذكاء وسماع الموسيقى الراقية، حتى لا تكون فقط وسيلة لملء الفراغ دون أى فائدة.
هل النشء الجديد يفضل القراءة عبر الإنترنت؟
توجد الآن تطبيقات كثيرة محمل عليها الكتب المسموعة والكثير من الأطفال يفضلون القراءة عبر الإنترنت، والمهم فى الأمر هو أن يقرأ الأطفال، ولكن بالنسبة لى أفضل الكتاب الورقى لما يحمله من خصوصية لا تقارن بأى وسيلة أخرى، ولكن إذا كان النشء يقرأ من خلال الإنترنت فالأمر ليس سيئا، ومع الوقت من الممكن أن يكون الكتاب الورقى له وجود فى حياتهم، ولكن المهم أن يمارسوا عادة القراءة.
هل توجد خطورة على الكتاب الورقى نظرا للطفرة التكنولوجية التى نعيشها حاليا؟
أرى فى الوقت الحالى أن هناك منافسا كبيرا للكتاب الورقى وهو الكتاب الإلكترونى فى ظل التطور التكنولوجى الذى نعيش فيه، ولكن الكتاب الورقى سيظل له حضور، وإذا عودنا أولادنا أننا نشترى لهم القصص سيظل الكتاب الورقى مرتبطا فى أذهانهم بالذكريات، دائما أقول إن الشخص من الممكن أن يكون له صديق أو اثنان أو ثلاثة ولكن هل من الممكن أن يكون له 100 صديق موجودين معه فى المنزل؟!، والإجابة عادة أنه من المستحيل، ولكن الكتاب هو الصديق الذى يحكى لك ولا يحكى عنك وفى أى وقت تحتاجه يكون موجودا بجانبك، ودائما أحرص أن يكون ورقيا حتى أتمكن من اللجوء إليه فى أى وقت فى متناول يدى، ولكن القراءة على الوسائل الحديثة بضغطة زر يختفى الكتاب ولكن الورقى أبدا لا يختفى، ويعيش مئات السنين.
من المعروف نجاحك فى ربط الأحداث الواقعية مع قصصك الخيالية مثل إنجازات المصريين مع سفينة «إيفر جيفن» والمبادرات الرئاسية
مثل «حياة كريمة».. هل من الضرورى تعريف الطفل بما يحدث من خلال الحكايات؟
بالطبع من الضرورى أن يتعرف الطفل على الإنجازات والتطورات التى تحدث فى المجتمع حوله والجهود التى تقدمها الدولة حتى تصبح حياتنا أفضل، خاصة أن تلك الجهود هم أول المستفيدين بها، ومن الضرورى أن يتعرف الطفل على كل هذه الإنجازات من خلال القصص، لأنها ببساطة إذا وصلت له من خلال المعلومات عن طريق النشرات والصحف فهذا أمر جميل بكل تأكيد، ولكن حتى تثبت بذاكرته يجب أن تكون من خلال الحكاية، لأن الحكايات كما نعرف لها مفعول السحر وحضورها بالذات لدى الأطفال كبير، فتلك الإنجازات عندما تسرد من خلال قصة مشوقة بكل تأكيد سيشعر بها أكثر، بل على العكس سيرغب أن يكون فاعلا فيها أو يستطيع فى المستقبل أن تكون له بصمة فى تلك الإنجازات، وبالتالى تكون القصة حافزا له بكل المقاييس.
ما مردود الأطفال نحو القصص التى تتناول إنجازات البلد؟
المردود بالطبع ممتاز جدا، وسعيدة للغاية لأننى كتبت قصتين لهما أثر طيب فى نفوس الأطفال مثل قصة «قنال لا تعرف المحال»، والتى جسدت ملحمة السفينة «إيفر جيفن»، وقد أدهشنى إقبال الأطفال عليها وتأثرهم بها، كما أن على هامش القصة كانت هناك مسابقات لكتابة القصة فى مختلف أنحاء جمهورية مصر العربية مستوحاة من قنال لا تعرف المحال، أما القصة الأحدث وهى قصة «حياة كريمة»، والتى تعرض مبادرة حياة كريمة من خلال الإنجازات التى تمت فى المحافظات بشكل عام ومحافظة أسوان بشكل خاص وهى التى تدور فيها أحداث القصة، وسعادتى كبيرة بأن الله وفقنى بأن أجسد مبادرة حياة كريمة وملحمة السفينة إيفر جيفن التى شغلت العالم كله، من خلال قصتين للأطفال، وكل واحدة منهما لاقت إقبالا كبيرا من الأطفال والأسر بشكل طيب جدا.
ما الحكايات التى تؤثر فى الأطفال؟
هى الحكاية التى تلمس واقع حياتهم والحكاية غير المباشرة التى تحمل معنى، ولكن ليس بشكل يحمل التلقين أو نوعا من فرض الرأى أو التصرف، ولكن القصة التى تثير دهشتهم وتحفز خيالهم وتجعلهم يفكروا وتتعامل معهم أنهم ليسوا كائنات قليلة المعرفة والإدارك، والقصة التى تحترم عقل الطفل هى التى تدخل قلبه.
نشأتك داخل أسرة فنية من العيار الثقيل.. كيف ساهم ذلك على موهبتك الإبداعية؟
الأسرة أو البيت هما الحضن الأول الذى يسكن فيه الطفل وبلا شك أننى تأثرت بحياتى فى منزلنا من والدى وولدتى وتعلمت منهما أشياء كثيرة جدا، مثل أهمية الكلمة والقراءة فى حياتنا، وأن الفن وظيفته هو أن يجعل حياتنا أجمل من خلال الكلمة والموسيقى والشعر، لقد نشأت فى بيت يقدر قيمة الفن والكلمة والأحاسيس المرهفة، فكل ذلك زرع بداخلى معانى جميلة ومع الوقت تم تنميتها من خلال القراءة بشغف حتى أعرف أكثر ومع الوقت مع وجود موهبة الكتابة استطعت تنمية ذلك، ولأن الموهبة وحدها لا تكفى فلا بد أن تثقل بالقراءة والتجارب التى يعيشها الفرد حتى من والده ووالدته، فنحن نستقى منهما الخبرة والتجربة وقيمة العمل فى حياتنا والإحساس بأن الحياة أجمل دائما فى العطاء، فكل تلك المعانى الجميلة تعلمتها من بيتى الدافئ بالمشاعر والحب والاحترام والود، وبكل تأكيد ترك أثرا كبيرا فى حياتى.
لماذا لم تقتحمين طريق الإبداع من باب التمثيل مثل والدك الفنان الكبير أبو بكر عزت أو الكتابة للسينما مثل والدتك الكاتبة الكبيرة كوثر هيكل؟
لم أفكر فى التمثيل تماما فقد ذهبت نفسى نحو الأطفال حبا وشغفا وكتابة، والحمد لله كان المردود من الأطفال جميلا وبيننا كيمياء متبدلة، وكانوا هم المرفأ الذى رست عليه سفينة الإبداع والموهبة وسعيد بذلك، رغم أنه مجال صعب وليس سهلا، ولكن لدى شعور بأن الله وقفنى فيه، لأننى أحب الأطفال للغاية وأكتب لهم بكل شغف، وهى مسؤولية الله حبانى بها، وأتمنى أن أكون دائما فعالة فى حياة الأطفال، لأن الطفل عندما يقرأ قصة وتؤثر فيه وأرى انطباعاتهم بالنسبة لى أكبر جائزة ممكن تسعدنى، ولقد اخترت مجالا مختلفا عن أبى وأمى ولكن فى النهاية هو طريق مهم وهو الأمل لبكرة.
كيف ترين أول عمل أدبى لكِ وآخر عمل.. هل بينهما فرق؟
بكل تأكيد عندما أعيد قراءة قصة كتبتها من عشر سنوات ضرورى سأشعر بأننى إذا قمت بإعادة كتابتها مرة أخرى سأكتبها بشكل مختلف، حيث إن فرق الخبرة وفرق التجربة، وقرأت أكثر وتعلمت أكثر ورأيت أطفالا أكثر، فأنا أتعلم فى كل لقاء مع الأطفال لأنه يضيف لى أنا شخصيا وأتعلم منه، فالإنسان يجب أن يتطور مع الوقت ويحاول أن يستفيد بالتجارب التى يمر بها من القراءات التى مرت عليه، حتى إذا أعاد الشخص قراءة كتاب قد قرأه من فترة يشعر بأنه يراه بمنظور أعم وأشمل نتيجة الخبرات الطويلة، والمبدع دائما يشعر بأنه لم يقدم كل ما لديه، وأنه يقدم ما هو جديد خلال مشواره أيا كان نوع الإبداع الذى يقدمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة