سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 أبريل 1798.. الحكومة الفرنسية تجهز «جيش الشرق» بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر وتجعل هدفه سرا حتى لا يتسرب إلى إنجلترا

الثلاثاء، 12 أبريل 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 أبريل 1798.. الحكومة الفرنسية تجهز «جيش الشرق» بقيادة نابليون بونابرت لغزو مصر وتجعل هدفه سرا حتى لا يتسرب إلى إنجلترا نابليون بونابرت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقدم نابليون بونابرت بمذكرة إلى الحكومة الفرنسية، تشمل خططه فى تجهيز حملة إلى مصر، ووافقت الحكومة عليها فى 5 مارس 1798، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من  «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
كانت السيطرة على مصر حلما يراود نابليون، يذكر «ج. كريستوفر هيرولد» فى كتابه «بونابرت فى مصر»، ترجمة فؤاد أندراوس، مراجعة دكتور محمد أحمد أنيس، أن سكرتير نابليون الخاص «فوفليه دبوريين» قال فى مذكراته: حين رحل نابليون إلى مصر، كانت تملأ جنبيه أطماع جديرة بالإسكندر الأكبر، ونقل عنه قوله: «ليست أوروبا سوى تل صغير حقير، كل شىء هنا يبلى مع الزمن، لقد انقضى ما كسبت من مجد، وأوروبا الصغيرة هذه لا تتيح مجالا كافيا للأمجاد، فلا بد إذن من الذهاب إلى الشرق، لأن كل مجد عظيم لم يظفر به أصحابه إلا فى الشرق»، يضيف «هيرولد» أن نابليون فى منفاه بجزيرة «سانت هيلانة » قال: «فى مصر شعرت أننى أستطيع الاستسلام للأحلام الزاهية».
 
يذكر «الرافعى» جملة أسباب طرحها «بونابرت» على حكومته تعدد مزايا تحويل مصر إلى مستعمرة فرنسية، يقول: كانت وجهة نظره أن الحملة الفرنسية إذا داهمت مصر سهل عليها فتحها، وإنشاء مستعمرة فيها فى مدة لا تتجاوز بضعة أشهر، وأن فرنسا تجنى مزايا كثيرة فى توطيد قدمها فى مصر، لأنها بطبيعة موقعها الجغرافى مركز الاتصال بين الشرق والغرب، وملتقى المتاجر التى تتبادلها القارات الثلاث، أوروبا وآسيا وأفريقيا، وبإنشاء قناة تصل مياه البحر الأحمر بالبحر الأبيض، يمكن السفن الفرنسية أن تصل إلى البحر الأحمر وتهاجم أملاك الإنجليز فى الهند، وتستطيع فرنسا أن تنشئ فى مصر مستعمرة ترسل إليها متاجرها ومصنوعاتها، وتتحول إليها تجارة الهند والشرق، وتكون طريقا لها إلى أوروبا بدلا من طريق رأس الرجاء الصالح، فتصبح مصر مستودعا لمتاجر العالم، وتعوض فرنسا ما فقدته من المستعمرات، وتكون فى الوقت نفسه قاعدة لضرب إنجلترا فى الهند، وبسط سيادة فرنسا فى البحر الأبيض المتوسط.
 
يضيف الرافعى، أن «بونابرت» أشاد فى حججه إلى الحكومة بعظمة مصر القديمة، وقال إنها أخصب بلاد العالم، وكانت مخزن الغلال للعالم القديم، وفى الإمكان ترقية زراعتها وغرس الحاصلات الأمريكية بها، وإعادة منزلتها القديمة إذا وجدت بها حكومة حديثة وإدارة صالحة، يذكر الرافعى، أن الحكومة الفرنسية اقتنعت بحجج نابليون، وكانت شخصيته وانتصاراته فى إيطاليا أكبر مؤيد له فى وجهة نظره، وفى 5 مارس 1798، قررت إنفاذ الحملة، وتكتمت أمرها حتى لا يتسرب خبرها إلى الحكومة الإنجليزية، وتمت معدات الحملة دون أن يعلم أحد فى فرنسا وجهتها إلا نابليون ورؤساء الحكومة، و المسيو «تاليران»، وزير الشؤون الخارجية، وتولى رئيس الحكومة المسيو «مرلين» كتابة العهود والقرارات بخط يده، وكتبت القرارات بعبارات لا يفهم منها غرض الحملة، ويؤخذ من ظاهرها أن غرضها تحصين شواطئ فرنسا على البحر المتوسط.
 
يؤكد الرافعى، أن المشروع ظل سرا مكتوما حتى عن القواد الذين اختارهم نابليون لمرافقته، وبالغت الحكومة فى كتمان وجهة الحملة حتى إنها أطلقت على الجيش الذى أعدته لها اسم «الجناح الأيسر لجيش إنجلترا»، لتوهم الحكومة الإنجليزية بأنها مصممة على غزوها فى جزيرتها، يضيف الرافعى: لما أوشكت معدات الحملة أن تتم، أصدرت الحكومة الفرنسية قرارها بتاريخ 12 إبريل، مثل هذا اليوم، 1798، بتسمية الجيش المعد لها «جيش الشرق»، وأسندت قيادته إلى نابليون بونابرت، وأصدرت فى اليوم نفسه قرارا عهدت إليه فيه بالحملة على مصر، وبينت فى مقدمة القرار أسباب الحملة بقولها: إن حكومة «الديركتور » لما رأته من أن البكوات المماليك، الذين استولوا على حكومة مصر اتصلوا بالإنجليز بأمتن الروابط، وجعلوا أنفسهم تحت مطلق تصرفهم، ويرتكبون الأعمال العدائية والمظالم الفظيعة ضد الفرنسيين ويضطهدونهم، وينهبون أموالهم، ويعتدون على أرواحهم، من واجب الحكومة أن تقتص من أعداء الجمهورية أينما وجدوا، وإذا كانت الطريقة المنطوية على الغدر التى استولت بها إنجلترا على رأس الرجاء الصالح جعلت وصول السفن الفرنسية إلى الهند محفوفا بالمصاعب فى الطرق المعتادة، فمن المهم فتح طريق جديد لقوات الجمهورية للوصول إلى الهند.
 
يضيف الرافعى: عهدت الحكومة فى قرارها بتسيير القوات البرية والبحرية التى تحت قيادة «بونابرت» إلى مصر والاستيلاء عليها، وطرد الإنجليزمن جميع البلاد الشرقية التى يستطيع الوصول إليها، وهدم مراكزهم التجارية فى البحر الأحمر، وعهدت إليه حفر برزخ السويس، واتخاذ كل الوسائل اللازمة ليضمن للجمهورية الفرنسية امتلاك البحر الأحمر، وقررت الحكومة عدم نشر هذا القرار أو طبعه حتى يبقى فى طى الكتمان، وظل نابليون يصدر أوامره الخاصة بالحملة على مصر باسم «بونابرت القائد العام لجيش إنجلترا».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة