أكرم القصاص يكتب: الإعلام وشبكات التواصل متهم أم ضحية فى حرب أوكرانيا؟

السبت، 19 مارس 2022 10:00 ص
أكرم القصاص يكتب: الإعلام وشبكات التواصل متهم أم ضحية فى حرب أوكرانيا؟ أكرم القصاص
أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعبة سياسية محفوفة بالمخاطر، تجرى على مدى ما يقرب من الشهر، بين روسيا وأوروبا على أرض أوكرانيا، وهى لعبة تحمل الكثير من التفاصيل، أخطرها اتساع رقعة الحرب بشكل يقود إلى حرب عالمية ثالثة، أو يتطور النزاع إلى صدام نووى، صحيح أن الصراع ينحصر حتى الآن فى تصريحات من كل الأطراف، وتهديدات وعقوبات اقتصادية على روسيا، وتصريحات واتهامات مضادة من موسكو تجاه الولايات المتحدة والغرب، وكل هذا يدور على الهواء فى ظل تكثيف للنشر وثورة معلومات تجتاح العالم من كل اتجاه، ففى مواجهة اتهامات الغرب لروسيا بالغزو والعدوان، ترد روسيا لتعاير الولايات المتحدة أنها دمرت العراق وقتلت آلاف المدنيين فى كل مكان، وأن أمريكا لا يحق لها أن تتحدث عن الأخلاق أو العدل، ولعل هذا هو ما دفع الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى اعتبار نظيره الروسى فلاديمير بوتين أنه مجرم حرب.
 
ويبدو الإعلام ومنصات النشر ومواقع التواصل، أنها الميدان الأصلى للحرب فى أوكرانيا، حيث تدور حرب وقودها الصور والفيديوهات الحقيقية والمزيفة ضمن معركة الدعاية، وحتى الصورة الواحدة يتم توظيفها من كل طرف بطريقة مختلفة، لدرجة أن نشرت الخارجية الأوكرانية صورة لضحايا مدنيين باعتبارهم من ضحايا القصف الروسى، نفس الصورة ظهرت لدى منصات روسية باعتبارها لضحايا قصفتهم أوكرانيا. 
 
وخلال ثلاثة أسابيع انتشرت آلاف الصور ومئات الفيديوهات، عن ضحايا ومعارك وخسائر، يصعب التأكد من صحتها وسط زحام البث والنشر، واللجان الإلكترونية، ويتبادل الإعلام الغربى والروسى الاتهامات، الإعلام الأوروبى يشير إلى أن الإعلام الروسى منحاز، بينما روسيا ترد أن الإعلام الغربى تخلى عن المبادئ والشعارات، وأن حديثه عن الموضوعية مجرد تغطية على ما يبثه من أكاذيب، وتلعب السوشيال ميديا دورا فاعلا فى لعبة الدعاية، وبالطبع فإن روسيا ليست بعيدة عن استخدام التكنولوجيا.. وسبق أن وجهت الولايات المتحدة اتهامات لروسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية، بل ووجهت دول غربية اتهامات للروس بالتأثير فى الانتخابات الأوروبية، وبالفعل فإن روسيا نجحت على مدى عقدين فى امتلاك قنوات ومنصات إلكترونية وظفتها فى حرب الدعاية على مدى سنوات، حيث اكتشف بوتين فى أعقاب توليه أن الاتحاد السوفيتى سقط أولًا بالدعاية والقوة الناعمة، وهو ما دفعه لامتلاك أدوات لا غنى عنها فى أى معارك.
 
فقد عرف فلاديمير بوتين، أن أمريكا كسبت الحرب الباردة بالدعاية، واكتشف حاجته لأذرع إعلامية دعائية، أو الثورة الدعائية ما بعد الحرب الباردة، وظهرت شبكة روسيا اليوم RT،2005، بكل اللغات الحية والموقع الإخبارى «سبوتنيك»، عام 2012، ولعبت دورا فى بناء صورة بوتين وتواجه الدعاية المضادة التى أطلقها الإعلام الغربى ضد بوتين على مدى عقدين، ونجح بوتين فى بناء دعايته، وصمد فى مواجهة آلة إعلامية غربية محترفة، تشن عليه هجوما مستمرا، ويسخر منها بعد أن أصبحت الأجهزة الأمريكية تشكو من الدعاية الروسية، واتهمت قنوات روسيا اليوم بالتدخل فى السياسة والانتخابات الأمريكية، ولهذا حرصت الصين على امتلاك أدوات التواصل الاجتماعى الخاصة بها ومحركات البحث، حتى لا تكون تحت رحمة الشركات التى تثبت الحرب أنها تخضع وتنحاز.
 
وهذه الحرب يصعب الحديث عن إعلام محايد بل هو دائمًا إحدى أدوات الحرب، بل ويمتد الأمر إلى مواقع التواصل التى أصبحت عنصرا فاعلا فى هذا الصراع، بل ومتهمة بالانحياز، وروسيا والدول الأوروبية تتبادل إغلاق المواقع والمنصات الإعلامية، وبالتالى لا يمكن تصديق الإعلام الغربى وهو يتهم نظيره الروسى بالانحياز، بينما الإعلام الغربى منحاز تمامًا وغارق فى الانحياز.
 
وهو أمر معروف، لكنه ظهر بشكل أكبر فى الحرب الأخيرة التى تدور فى أوروبا، وبأدوات العصر، لكن من المؤكد أن الحرب الدائرة، سوف يتبعها تغيير فى نظام عالمى، وتحولات فى مجالات السياسة والنفوذ، وأيضًا فى منصات التواصل، وبنية الإعلام ووظائفه، حيث يبدو الإعلام متهمًا وضحية ومعه الحقيقة.
 
p.8






مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة