مشاركون بـ"أيام الشارقة التراثية": التراث جسر آمن للعبور إلى المستقبل.. صور

السبت، 12 مارس 2022 02:17 م
مشاركون بـ"أيام الشارقة التراثية": التراث جسر آمن للعبور إلى المستقبل.. صور أيام الشارقة التراثية
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تواصل "أيام الشارقة التراثية" فى نسختها التاسعة عشرة، نشاطها الثقافى والفنى والترفيهى فى يومها الثانى وسط إقبال لافت من الجمهور وعشاق التراث العريق بما يؤكد أن المستقبل لا يصنعه إلا الفكر القويم القائم على القيم الراسخة ومفاهيم التطلع للأفضل، من خلال امتزاج الماضى بالحاضر وتفاعلهما.
 
ويتضمن المهرجان فى نسخته التاسعة عشرة العديد من الفعاليات والبرامج والأحداث المشوقة والحية التى تجمع بين تراث الشعوب وموروثهم الثقافى بتنظيم معهد الشارقة للتراث وبرعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تحت شعار "التراث والمستقبل" وعلى مدى 18 يوماً فى ساحة التراث فى قلب الشارقة خلال الفترة 10 – 28 مارس الجاري، بالإضافة إلى الفعاليات المصاحبة التى ستنظم تباعاً على مدار الشهر فى كل من كلباء وخورفكان ودبا الحصن والذيد والحمرية.

رقصات شعبية وورش تفاعلية

وازدانت أرض الفعاليات فى ساحة التراث برقصات الفنون الشعبية والفولكلورية والأهازيج الغنائية المحلية والعربية والعالمية، حيث أدت فرق الليوا، والهبان، والحربية الإماراتية وصلات أثارت إعجاب الجمهور، فيما جذبت رقصات الفرقة الأرمينية، الدولة ضيف شرف المهرجان، عشاق الفن الشعبى العالمى فى مسرح الأيام، فضلاً عن رقصة الأنديما من جمهورية ليتوانا ورقصات الفرقة الروسية، والجلسة العراقية، فى حين حظى الأطفال واليافعون فى ركن "بنت المطر"، وبإدارة المدرسة الدولية للحكاية، بورش تفاعلية مختلفة من ضمنها ورشة حكواتى الأطفال (الحكواتية أميرة) والعديد من البرامج التعليمية وفقرات برنامج المسرح، بالإضافة إلى المسابقات والبرامج الترفيهية اليومية للصغار والكبار فى مواقع مختلفة داخل وخارج الساحة، بينما احتضنت قرية الحرف التراثية ورشة "غرس" التدريبية التى تناولت حرفة التلى من جمهورية مصر العربية الشقيقة واستمرت يومين.

 

إحدى الندوات
 

المقهى الثقافي: التراث الثقافى وأفق المستقبل

وضمن ندوات المقهى الثقافي، شارك كل من الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العُليا المنظمة للأيام، والدكتور عمر عبدالعزيز، والدكتور سعيد يقطين والأستاذ سلامة الرقيعى فى ندوة تمحور عنوانها حول تجليات "التراث الثقافى وأفق المستقبل"، وأدارها باقتدار الدكتور منى بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بالمعهد، ورئيس اللجنة الثقافية للأيام.
 
واستهل الدكتور عبد العزيز المسلم، الندوة بالترحيب بالمشاركين، موضحاً بأن اختيار "التراث والمستقبل" شعارًا لدورة هذا العام انبثق من فكرة أن الشارقة فى نهضتها وتنميتها الشاملة تحلق بجناحين قويين يمثلان الأصالة والمعاصرة، فى تمسك عميق بقيم وهوية الماضى وتطلع واثق يصنع المستقبل ويستشرفه.
 
وأكد المسلم أن هذا النهج يتجسد فى اهتمام الإمارة بصون التراث وحفظ الهوية الأصيلة بما فيهما من أفكار ومعتقدات وقيم موروثة وإقران كل ذلك بانتشار المؤسسات العلمية والبحثية المتقدمة وأرقى مراكز الابتكار والتكنولوجيا والفضاء والفلك.
 
وأشار سعادته إلى أن تراث الأمم والشعوب بأصالته وحيويته وحضوره هو الجسر الآمن للعبور السلس والناجح إلى المستقبل، حيث أن العلاقة بين التراث والمستقبل سؤال محورى متجدد يعكس التجاذب بين استعادة متطلبات الموروث الثقافى فى الماضى وربطها كمفاتيح لتعامل الأفراد والشعوب مع التحديات الراهنة والمعطيات والمعارف الجديدة.
 
تراث
 
وبدوره، تحدث  الدكتور عمر عبدالعزيز عن العلاقة بين التراث والتشكيل، ببعديهما الماضوى والمستقبلي، مؤكدًا أن البعض قد يحمل نظرة ثنائية تصادمية بين التراث كمفهوم وفعل وبين التشكيل بما فيه من مفردات الحاضر والماضى والمستقبل، وأضاف أن التراث عصى على الاضمحلال والتلاشى طالما توفر الترابط والربط الصحيح مع المستقبل، لأن التراث بات بمثابة لؤلؤة فى محارة تحتاج لإعادة اكتشاف دائم، وقد تبدو كصحراء ميتة لا حياة فيها، لكن قطر المطر المنهمر تنعشها فتدب فيها الحياة من جديد إن أردنا.
 
وأشار إلى أن التشكيليين يتأثرون بالمفردة التراثية على اختلاف بيئاتها من جبال وبحار وصحارى وسهول، وإن كانت الفنون تدخل ضمن التراث المادي، إلا أن التراث المعنوى غير المادى أكثر أهمية بما فيه من لغة خفية متجددة وإبداع يخاتل الزمن ويستعصى على التلاشي. ومن ذلك التراث الموسيقى باعتباره عملاً إبداعيًا يضمن أنساقًا ومؤثرات ينسج منها تفاصيل السجل التاريخى الأنثروبولوجى لدى الشعوب.
 
وأما  الدكتور  سعيد يقطين فقد تناول بإيجاز العلاقة بين التراث السردى العربى ورهانات المستقبل، باعتبار أن السرد الروائى لم ينل حقه الكافى من الاهتمام فى ثقافتنا قديماً وحديثاً بالمقارنة مع ما حظى به الشعر، رغم أن السرد كنسق حياتى هو فعل قائم يتجلى فى أبسط أنواع التواصل اليومى وصولاً إلى الثقافة العميقة. واعتبر يقطين أن الحاضر يمكن تسميته بنقطة الصفر المتحولة بين الماضى والمستقبل، فهو يتداخل مع الاثنين، ولا يمكننا حاضراً أن نفكر فى المستقبل إلا على ضوء ما نأخذه من الماضي.
 
جانب من الفعاليات
 
ولفت إلى أن الغرب تجاوز مرحلة التساؤل عن حالة التراث، لأنهم نجحوا فى تطويره وجعله مكوناً طبيعياً فى حياتهم وممارساتهم اليومية، عبر اعتنائهم بمن مضى من أدباء ومفكرين وشعراء والاحتفاء بمنجزاتهم فى الجامعات والعمران، ولا يتم الاكتفاء لديهم بالتذكر الآنى والاحتفاء الموسمى بتراثهم، منوهاً بأن التراث لدى العرب والمسلمين بدأ بمرحلة التدوين والكتابة، ثم انتقل لمرحلة التخزين والحفظ، ثم توقف بعدها وانكمش على نفسه خوفاً وخشية فى مرحلة الانحطاط.
 
ودعا يقطين إلى التخلص من التراكمات والرواسب المقيدة للتفكير الثقافى والأدبى المنفتح، مشدداً فى الوقت نفسه على أهمية تجاوز عدد من الثنائيات المقيدة والعقد السائدة فى الفكر المرتبط بالموروث الثقافى مثل الأصالة والمعاصرة، والثقافة العالمية والشعبية، والإيجابى والسلبي، والشرق والغرب، بهدف الوصول إلى علاقة طبيعة موحدة ومتكاملة مع تراث شامل وقابل للمستقبل، وقائم على المأسسة والدراسة الأكاديمية وبرامج التحقيق والترقيم للنصوص والمخطوطات والبحث الميدانى فى مجال التراث، فضلاً عن التفاعل مع وسائط التكنولوجيا الحديثة.
 
وتطرق  سلامة الرقيعى إلى دور إمارة الشارقة فى رعاية التراث والثقافة وصون الموروث الثقافى عبر جهودها ومنجزاتها ومشاريعها التى تخطت بأثرها ونفعها حدود الوطن العربي، وأسهمت فى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيزها، مشيراً إلى أن ارتباط التراث بين الماضى والحاضر والمستقبل هى حلقة متسلسلة متواصلة لا انقطاع فيها كما هو الأمر فى انتقال الثقافات والمهارات والحرف بين الأجداد والأحفاد بصور وأنماط متطورة.
 
ودعا إلى إعادة النظر والاهتمام بالجانب الاقتصادى بالمنتج التراثي، ليمنحه الانتشار والاستمرارية وقابلية التسويق، إلى جانب النشاط التوعوى والتثقيفي.
 
فعاليات  ثقافية
فعاليات ثقافية
وكان للدكتور أحمد على مرسى مستشار التراث الثقافى لمعهد الشارقة للتراث سابقاً، حضور ومداخلة مهمة خلال الندوة أوضح من خلالها أن الدخول إلى المستقبل لا بد أن يكون من بوابة التراث، حيث إنه من الوهم الخطير محاولة القفز إلى المستقبل دون أرضية صلبة وثابتة، معتبراً أن النجاح فى هذا الدخول الآمن يتطلب إرادة ثقافية قادرة على غربلة الحياة وإزالة الخط الوهمى الفاصل بين التراث المادى وغير المادي، وإعادة تفكيك التراث ومراجعته ليتمكن من الوفاء بمتطلبات المستقبل، وهو ما نراه قد تحقق بجدارة فى إمارة الشارقة، التى يمكن وصفها بالنموذج الأمثل للتمسك بالثوابت والإيمان بالمتغيرات وضرورة التجديد، على اعتبار أن العالم فى مجال الفكر والحياة الاجتماعية يشهد تغيرات غير مسبوقة ترفع من صوت الشعوب، وتؤكد على حقوقها الفكرية والقيمية والثقافية ومن ضمنها التراث الذى هو ملك الناس ونتاجهم، لذا يتعين عليهم تنميته والمحافظة عليه والتعامل مع متطلبات المرحلة المقبلة دون خوف واستهانة، وتوظيف التراث للمستقبل بما فيه من تطور رقمى وثورة اتصالات وتكنولوجيا متقدمة.
 
وأوصى مرسى بضرورة إعادة دور الأسر فى رأب الصدع الحاصل بين الأفراد واستعادة حياتهم الطبيعية بسبب انعزالهم التكنولوجي، وتغير الكثير من العادات الاجتماعية.

البرنامج الأكاديمي: دور إدارة التراث الثقافى فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى دولة الإمارات

وضمن سلسلة البرامج التعليمية والأكاديمية المقررة فى اليوم الثانى من المهرجان فى مركز فعاليات التراث الثقافى "البيت الغربي"، عقدت محاضرة حول دور إدارة التراث الثقافى فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية فى دولة الإمارات العربية المتحدة، قدمها الأستاذ أحمد عارف رفيق، مقيم مؤهل الأعمال الإدارية فى المؤسسات الثقافية بمعهد الشارقة للتراث، وقدمتها الدكتورة بسمة وليد كشمولة نائب مدير الإدارة الأكاديمية فى معهد الشارقة للتراث، حيث ذكر الأستاذ عارف فى مقدمة المحاضرة أن إدارة التراث الثقافى فى عمل المؤسسات الثقافية تستند إلى مكونات أساسية ثلاثة، أولها المكون القانونى الذى يضمن الحصول المسبق على الموافقات القانونية اللازمة للقيام بالعمل التراثى والثقافي، ثم المكون المرتبط بالهيكل التنظيمى لإدارة التراث الثقافي، نظرًا لخصوصية المهام والاختصاصات والوظائف المنوطة بالمؤسسات التراثية، حيث إن الهيكل المصفوفى هو الشكل الأمثل فى هذه المؤسسات، فى حين يرتبط المكون الثالث بالجانب التشريعى الذى يتطلب تراخيص وشهادات مزاولة مهنة خاصة لمثل هذه الأعمال.
ثم استعرض المحاضر أثر إدارة التراث الثقافى فى التنمية الثقافية المستدامة للمجتمعات، وأهمية صيانة التراث وعدم الاكتفاء بالجانب المعرفى وتحقيق التوازن بين معرفة الأفراد بالتراث وكيفية المحافظة عليه، كون التراث المادى فى كثير من دول العالم عرضة للاندثار.
 
وأوضح أن الاهتمام بالموروث الثقافى يشهد اهتمامًا عالميًا ودوليًا متصاعدًا، ومن ذلك ظهور السياحة التراثية ببعديها التراثى والأثري، حيث قررت منظمة اليونسكو تأسيس واعتماد السياحة الثقافية بجانبيها التراثى والبيئى ووفق أسس مستدامة.
 
فى أيام الشارقة
فى أيام الشارقة

"الأفلاج" الإماراتية ضمن قوائم اليونسكو

وفى سياق متصل، شهد بيت التراث العربى فى ساحة التراث فقرات وفعاليات متنوعة، أهمها ندوة حول الملف الإماراتي: الأفلاج والمدرج ضمن قوائم اليونسكو، شارك فيها كل من الدكتورة  أسماء الكتبى رئيس الجمعية الجغرافية الإماراتية والسيد عبدالرحمن النعيمى مدير قسم ومواقع التراث العالمى فى دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، حيث تحدثت الدكتورة  أسماء الكتبى عن مفهوم التراث العالمى بشقيه المادى واللامادى وأهمية الحفاظ على هذا التراث وتعزيز الوعى به ونشره عالمياً، وأشارت إلى أن دولة الإمارات حققت إنجازات نوعية وسباقة فى التعريف بالتراث الوطنى وتسجيل العديد من عناصرها التراثية على قائمة التراث الثقافى غير المادى للبشرية التى تعتمدها اليونسكو، ومن ضمنها ملف الأفلاج الوطنى المقدم باسم دولة الإمارات فى ديسمبر الماضي، منوهة بأن تسجيل الأفلاج لدى اليونسكو يعزز نجاحات الدولة وجهودها فى صون وحفظ هذا الإرث الإنسانى الخالد لدى الشعوب.
من جانبه، تطرق السيد عبدالرحمن النعيمى إلى معايير وعناصر تسجيل التراث الثقافى فى منظمة اليونسكو، ومن ضمنها مواقع الآثار وواحات العين، كما استعرض أهمية الأفلاج كشريان رئيسى للحياة فى حضارة الإمارات قديماً، وتاريخها الأثري، وأوضح أن أقدم فلج تم اكتشافه فى مدينة العين يعود إلى العصر الحديدى الذى يمتد فى عمقه التاريخى إلى ما قبل 3 آلاف سنة ويوجد هذا الفلج فى حديقة آثار هيلي، كما أشاد بجهود دائرة الثقافة والسياحة فى الإمارة وحرصها على تعزيز مكانة الدولة على خريطة التراث الثقافى العالمي، وبما يتلاءم مع انفتاحها على شعوب العالم وتبوئها مكانة مرموقة كوجهة سياحية مثلى.
 
ندوة فى أيام الشارقة التراثية
 
وضمن مشاركة مركز التراث العربى أيضاً، كان الجمهور على موعد مع ورشة الخط العربى التى يقدمها يومياً وعلى مدى ثلاثة أيام الخطاط الإماراتى الدكتور على الحمادي، حيث يتعرف المشاركون الراغبون لتعلم هذا الفن الجميل على أساسيات خط الرقعة والفرق بينه والخطوط الأخرى كالثلث والنسخ، فضلاً عن تعريفهم بأفضل الأدوات المستخدمة لممارسة الخط وأنواع الحبر والأقلام. وفى هذا الإطار، أوضح الحمادى أن الخط العربى موروث ثقافى خالد وراسخ كون الخط الواحد يتطلب تطوره منذ أول نشأته إلى أكثر من 600 عاماً، ويعبر عن ثقافة وهوية الأمة، وقد ارتبطت به العديد من الوظائف السياسية العليا فى تاريخ العرب والمسلمين فى الماضي. ودعا الحمادى إلى أهمية إعادة إدخال تعلم الخط ضمن المناهج الدراسية فى ظل تأثر مهارة الكتابة اليدوية نتيجة التكنولوجيا الحديثة وانتشار الألواح الإلكترونية والهواتف الذكية التى قللت من استخدام اليد فى الكتابة.

فعاليات الذيد

ستنطلق فعاليات أيام الشارقة التراثية فى مدينة الذيد فى حصن الذيد، من 13 حتى 19 مارس الجاري، فى تمام الساعة الخامسة مساءً، حيث ستتضمن ركن المعهد، وركن الورش، الذى يتكوّن من 11 ورشة تراثية للأطفال والكبار، بالإضافة إلى ركن المقهى الثقافى والإدارة الأكاديمية: وتقام فيه المحاضرات، مع التعريف بالدبلومات المهنية والإدارة الأكاديمية. 
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة