عادل السنهورى

المحجوب وعملية الحفار والسينما المصرية

الأحد، 06 فبراير 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سيرة الأبطال هي حياة ثانية تتداولها الأجيال لأنها سيرة ترتبط ببطولات وأعمال مجيدة في مسيرة أمة ضحت من أجل تحرير أرضها واستقلالها. ولحظة سماع نبأ وفاة اللواء عبد السلام المحجوب يوم الثلاثاء الماضي تذكر الجميع سيرته ليس فقط كأحد بناة الإسكندرية الحديثة أو محافظا للإسماعيلية أو وزيرا للتنمية المحلية وانما سيرة الأمجاد والبطولات في الستينات.

اللواء المحجوب هو أحد قادة جهاز المخابرات المصرية العامة وشارك في العديد من العمليات التي نجح فيها رجال الجهاز بالتعاون مع أجهزة الدولة في تحقيق العديد من الانتصارات على أجهزة المخابرات الإسرائيلية ومعها أجهزة مخابرات أوروبا والولايات المتحدة أحيانا.

كثيرون يعرفونه في شخصية " الريس زكريا" الذي استطاع تجنيد أحمد الهوان أو جمعة الشوان وعملية تهريب الرئيس ياسر عرفات من الأردن خلال مذابح أيلول-سبتمبر الأسود. ثم عملية تدمير الحفار الإسرائيلي – التي تحولت الى مسلسل تليفزيوني لم يحقق النجاح للأسف- فقد كان المحجوب واحد من قادة عملية تنفيذ تدمير الحفار في عملية أظهرت تعاونا وتنسيقا على أعلى مستوى بين المخابرات والخارجية والرئاسة و....السينما المصرية...!

والقصة المثيرة تبدأ مع وصول حينها معلومات في مارس من عام 69  إلي المخابرات الحربية المصرية بوجود حفار بالفعل واسمه “كينتنج 1″، وأنه يعبر المحيط الأطلنطي في طريقه للساحل الغربي لإفريقيا؛ ليتوقف في أحد موانيها للتزود بالوقود، ثم يتخذ طريقه إلى الجنوب ليدور حول القارة الإفريقية، وقرر الرئيس جمالعبد الناصر تدمير الحفار قبل وصوله إلى خليج السويس أيا كان الثمن وبأية وسيلة، لذا كان لا بد من التحرك الفوري لمعرفة الميناء الذي سيتجه إليه الحفار للعثور عليه وتدميره، وكان العائق أن تدمير الحفار سيثير أزمات سياسية مع أكثر من دولة؛ فالحفار صناعة إنجليزية، وتملكه شركة أمريكية، واستأجرته إسرائيل، وتقوم بسحبه في مياه المحيط قاطرة هولندية، والمفترض أن يتم تدميره في ميناء إفريقي.

علاقات ناصر مع السنغال كان لها دورًا بارزًا في عملية تدمير الحفار، حيث أقام علاقات دبلوماسية مع السنغال فور استقلالها عام60 1960، وكانت مصر جهةو مصر العربية ثانى دولة تعترف باستقلال السنغال.

وصلت معلومات القاهرة في ذلك الوقت إلى أن الحفار سيتوقف بميناء “دكار” في السنغال لأجل التزود بالوقود، ثارت أسئلة كثيرة لكم الأهم فيها كيف سيصل رجال المخابرات والضفادع البشرية الى هناك وكيف سيتم ارسال المتفجرات والمعدات من القاهرة الى داكار عبر أوروبا وتحديدا فرنكفورت في ألمانيا.

هنا يبرز دور الرجل ويظهر دور القوى الناعمة المصرية مجسدة في السينما المصرية

الى جانب أدوار بطولية كثيرة بقيادة العقيد متقاعد أنور عطية، تولى المحجوب متابعة عملية تدمير «الحفار» الإسرائيلى، وعمل خلال تلك الفترة على تجنيد عدد كبير من ضباط الشرطة الأوروبيين. كما قام بتسهيل شحن المتفجرات الخاصة بعملية الحفار عن طريق وضع الألغام والملابس والمعدات فى حقائب وتغطيتها بمادة لمنع أى أجهزة من كشف ما بداخلها، كما وضع أقلام التفجير داخل علبة أقلام أنيقة فى جيب «الجاكيت» الذي كان يرتديه. لم يتوقف دور المحجوب عن حد المتابعة، بل امتد إلى التنفيذ، وكان أحد ضباط المخابرات المصرية الذين سافروا إلى السنغال وباريس لتنفيذ عملية الحفار،

لكن كيف سيتم دخول مجموعة التنفيذ...؟ هنا يأتي دور السينما المصرية الى جانب أدوار الخارجية وشركة النصر للاستيراد والتصدير، فتم تقسيم المجموعة لانتحال أسماء معينة ومنهم من سيسافر علي أنه من مؤسسة دعم السينما وذاهب إلي تلك الدولة لتصوير فيلم سينمائي مصري

وبالفعل تم عمل تمويه مبطن لوصولهم من خلال الاستعانة ببعثة سينمائية تصور في أحراش أفريقيا، فيلمًا مصريًا نيجيريًا بعنوان "ابن أفريقيا" تأليف الممثل المصري المقيم بلبنان سيد المغربي، وإخراج حلمي رفلة، وبطولة نبيلة عبيد، مديحة كامل، نوال أبو الفتوح، فونزو أديولو، بوكي أجاي، دانيال آلالاد، بولاجي إكيكوبجن، ومواليه سورزلاند.

كان الغرض من هذا الفيلم تمويها سياسيا أكثر منه فنيًا، لتمرير الخطط المرصودة بمحو هذا السلاح الصهيوني من الوجود، ولذلك نكتشف أنه لولا تلك العملية الوطنية التي صاحبت هذا الفيلم، ما تذكرنا اسمه على الإطلاق وظل في طي النسيان على الدوام، لسطحيته الفنية والكتابية في وقت انتشار الأفلام التجارية عقب حرب الأيام الست، الخالية من المضمون الهادف والمتعة الفنية.

أنتج الفيلم مرةً أخرى بنفس الممثلين النيجيريين، بالإضافة للفنانة مديحة كامل باللغة السواحلية، وعرض الفيلم الذي صور في وقت وجيز بمصر في 15 يناير من العام 1970، وعملية التتبع المرصود للحفار مستمرة ما بين اليأس والرجاء. إذا كان الفيلم- كما ترصد المصادر - قد فشل بتسجيل اسمه في صفحات الخلود السينمائية، فالتعويض جاء بتسجيله في صفحات الفخار الوطنية، مساعدًا في إيقاف بني صهيون عن نهب الثروات المصرية.

إذا كان الفيلم قد فشل بتسجيل اسمه في صفحات الخلود السينمائية، فالتعويض جاء بتسجيله في صفحات الفخار الوطنية، مساعدًا في إيقاف بني صهيون عن نهب الثروات المصرية.

الفيلم الآخر الذي كان له دور مهم في توجيه المخابرات المصرية ضربة قاصمة لإسرائيل عقب حرب يونيو من العام وساهم في عملية تدمير الحفار1967 .هو فيلم "عماشة في الأدغال".

الفيلم بطولة محمد رضا ونبيلة السيد وفؤاد المهندس وسيد زيان وصفاء أبو السعود وعبد السلام محمد وسهير زكي ونجوى فؤاد وإخراج محمد سالم أشهر مخرج للفوازير. ففي بدايات 1968 كتب عبد الرحمن شوقي فيلم اسمه عماشة في الأدغال من انتاج شركة محمد سالم

لكن بعد فترة تلقى اتصالا لمقابلة هامة جدا بأن المخابرات هي التي ستنتج الفيلم وفهم سالم الرسالة وذهب الى عبد الرحمن شوقي لعمل فيلم في أدغال افريقيا.

المهم الفيلم كان عبارة عن عملية تمويه لتنفيذ عملية ضرب الحفار الإسرائيلي وبذل طاقم عمل الفيلم مجهودا كبيرا للغاية في التنقل ما بين السنغال الى ساحل العاج- وقتها- الى نيجيريا وتحمل المشاق والصعوبات لكن هان كل شيئ من أجل تنفيذ العملية بنجاح وتفجير الحفار قبل أن يصل الى المياه والأراضي المصرية المحتلة في سيناء.

المفارقة ان الفيلم تم تصويره ونجحت عملية الحفار لكنه لم يعرض الا بعدها بحوالي 4 سنوات أي عام 1972. والغريب ان الفيلم برغم الهدف من انتاجه فقد حقق نجاحا مذهلا واصبح أول فيلم في تاريخ السينما وقتها يحقق إيرادات ألف جنية في يوم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة