أحمد جمعة

الأزمة السورية بين التدخلات الخارجية وسيادة القرار الوطنى

الجمعة، 18 فبراير 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جزء كبير من الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية الشقيقة خلال العقد الأخير سببه التدخلات الأجنبية التي تقوم بها أطراف ودول خارج الإقليم، وتسعى من خلالها لفرض أجندتها داخل دول النزاع دون الالتفات لسيادة أو مصلحة هذه الدول التي باتت ضحية استقطاب وصراع إقليمي ودولي خلال السنوات الماضية، ما أدى لتعقيد هذه الأزمات وصعوبة حلها، نتيجة هذه التدخلات الخارجية التي تتحرك بالأساس لزعزعة أمن واستقرار المنطقة لصالح قوى إقليمية بعينها.
 
"ليبيا .. سوريا .. العراق" تعد الدول الثلاث أحد أبرز الدول العربية التي تتعرض لتدخلات خارجية سافرة، تسعى من خلالها بعض القوى الإقليمية والدولية، لتحقيق مصلحتها الخاصة على مصلحة شعوب هذه الدول الشقيقة التي تعاني من حالة عدم الاستقرار وضعف المؤسسات التي تسببت فيها بعض الدول الأجنبية والإقليمية نتيجة تدخلاتها.
 
اليوم سأتناول "الملف السوري" كأحد أبرز الملفات المقعدة في الإقليم والتي يصعب حلها بسبب انقسام الدول الغربية والإقليمية، وصراعها على كعكة النفوذ والمصالح، وهو ما دفع هذه الدول للاستعانة بوكلاء في الشقيقة سوريا للعب دور المعارضة والانخراط في أي عملية تفاوضية تقودها الأمم المتحدة، للتوصل لحل سياسي للنزاع الأهلي والمسلح في البلاد الذي أدى لمقتل أكثر من 300 ألف مواطن سوري، وتهجير الملايين سواء دخل البلاد أو في أوروبا.
 
يتطلع الشعب السوري الشقيق إلى العيش في أمن وسلام واستقرار، باختيار القيادة التي تمثله، بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة وشفافة، ودفعت أطراف إقليمية ودولية معروفة للجميع جزءا كبيرا من السوريين لحمل السلاح لمواجهة النظام الحاكم في دمشق، والكارثة الأكبر هي تحرك دول أجنبية لتشكيل كيانات معارضة سياسيا وعسكريا لا يهمها مصلحة الدولة السورية ويكون ولاءها لمن يدفع.
 
خلال السنوات الماضية تواصلت مع عشرات القيادات السورية المعارضة الرسمية، والتي تعيش في الخارج وتتصدر المشهد، وكان الحديث دائما يدور حول ما هو سبب عدم وجود أرضية مشتركة ومساحة للتوافق لحل أزمة سوريا، وكان الرد يأتي من عدة قيادات سورية معارضة وازنة بأن "المعارضة السورية الرسمية ليس لها قرار مستقل ومرتهنة لمن يمولها" وهي الإجابة التي صدمتني كثيرا، وتساءلت حول المعايير التي على أساسها يتم اختيار المعارضين السوريين للمشاركة في الاجتماعات الأممية سواء للحل السياسي أو كتابة دستور جديد.
 
تابعت خلال الأيام القليلة الماضية ما أعلنه أكثر من 200 شخصية معارضة بتشكيل ما يسمى "المؤتمر الوطني السوري لاستعادة السيادة والقرار" بتمثيل وحضور نسائي لافت، وكان لافتا اسم هذا الكيان السياسي الجديد الذي يضم معارضين سوريين يعيشون في الداخل والخارج، وهو ما أثار فضولي للبحث أكثر عن هذا الكيان الذي يحمل عنوانا براقا يتطلع كافة أبناء الشعب السوري لوضعه كعنوان للمرحلة الراهنة في البلاد.
 
تواصلت مع أحد أبرز قادة المعارضة السورية المعروف عنهم انتماؤهم لوطنهم ورفضهم للتدخلات الأجنبية وهو السيد قاسم الخطيب، عضو منصة القاهرة للمعارضة السورية، وعضو اللجنة الدستورية المصغرة. وأكد لي أن القوى الوطنية السورية التي شكلت هذا الجسم السياسي اتفقت على وحدة سوريا أرضا وشعبا، ورفض الإسلام السياسي وأجنداته، ورفض جميع الاحتلالات والتواجد الأجنبي على الأراضي السورية، وضرورة خروج كافة القوات، والالتزام بالحل السياسي السوري، ورفض الارتهان والتبعية لأي دولة خارجية، وضرورة تفعيل الدور العربي للدفع بالحل السياسي للمحافظة على سوريا ضمن اطارها العربي، وقطع الطريق على أي أجندات غير عربية، وعودة النازحين واللاجئين السوريين. 
 
ولعل هذه أبرز الثوابت التي دونتها خلال حديثي مع السيد قاسم، ولكن الأهم من هذه النقاط والثوابت هو مدى التزام الكيان السياسي الجديد بمضمون الفكرة وعدم انحراف المسار.
 
قضية سوريا أحد أبرز القضايا المعقدة والتي يصعب حلها في القريب العاجل بسبب احتدام الصراع بين قوى إقليمية ودولية كبيرة تدخلت في الملف سواء سياسيا أو عسكريا (عبر وكلاء ومرتزقة أو تدخل مباشر)، وبالتالي يحتاج أبناء الشعب السوري الداعمين والرافضين للنظام الحالي الاتفاق على ثوابت تحمي وحدة وسلامة وسيادة بلادهم وتمنع التدخلات الخارجية كي يتمكن أبناء سوريا من حل الأزمة السياسية بشكل سلمي بعيدا عن الاستقطاب والتدخلات الخارجية في شؤون بلادهم الداخلية.
 
الشعب السوري هو شعب شقيق ونتألم يوميا لما نراه من سفك للدماء أو حالة اللاجئين السوريين الذين يعيشون بعيدا عن وطنهم الذي يعاني من دمار وخراب، وهو ما يدفعنا للبحث عن سبب الأزمة وكيفية التوصل لحلها، التي طال أمدها خلال السنوات الماضية، سوريا دولة محورية وهامة في الجسد العربي ولا يمكن أبدا تركها وحدها فريسة لأجندات خارجية ومال سياسي قذر يسعى لتقسيم البلاد على أسس طائفية وعرقية.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة