أبو حنيفة قال ما تنقضش.. رحلة شفيق نور الدين من الجرن للغرفة 8 بمستشفى العجوزة

الإثنين، 14 فبراير 2022 10:00 ص
أبو حنيفة قال ما تنقضش.. رحلة شفيق نور الدين من الجرن للغرفة 8 بمستشفى العجوزة شفيق نور الدين
كتبت زينب عبداللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمر اليوم 41 عامًا على رحيل الفنان الكبير شفيق نور الدين أحد عمالقة الفن المصرى وأساتذته الكبار الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 14 فبراير من عام 1981 بعد رحلة حياة حافلة بالفن أبدع فيها مئات الروائع وكان فيها مثالاً للفنان المبدع المخلص البسيط الذى يخطف الأنظار ويبقى فى الوجدان رغم أنه لم يحصل خلالها على أدوار البطولة المطلقة وما يوازى موهبته الجبارة من أعمال فنية.
 
فبمجرد أن تسمع صوته وتنظر إلى ملامحه وتجاعيد وجهه وطربوشه ونظارته القديمة، تشعر أنك تعرفه، موظف بسيط، أو فلاح فقير، أب مطحون يحصى ما تبقى فى جيبه من جنيهات قليلة ويمشى شاردًا يحدث نفسه كيف ينفق على أبنائه باقى الشهر، ترى عبقرية أدائه فتوقن بأن الموهبة ليست دائمًا معيارًا للشهرة والمال والأضواء، وأن للحظ ترتيبات أخرى ، فكثير من الموهوبين أمثاله لم يحصلوا على ما يليق بهم رغم عبقرية موهبتهم وأدوارهم التى لا تنسى.
 
"أحمد ابن حنبل قال تنقض وأبو حنيفة قال ماتنقضش".. لا ينسى أحد تلك العبارة التى رددها الأستاذ عبدالقوى وكيل المصلحة فى فيلم مراتى مدير عام، وهو يرتدى القبقاب استعدادًا لإعادة الوضوء، كما لا ننسى عبارته "نفسى ألبس جزمة ياسى حسن" التى رددها "على الطواف" فى مسرحية ومسلسل عيلة الدوغرى، نذكر جيدًا وجه البقال الذى وقف مذهولًا بينما تلتهم الطفلة قطقوطة الجبن من أمامه فى فيلم "دهب"، وربما بكينا ونحن نرى أداءه العبقرى فى "فيلم القاهرة 30"، حين جسد انفعال والد محفوظ عبدالدايم بعدما اكتشف أن ابنه يبيع شرفه للباشا ويسمح له بمعاشرة زوجته، وهو المشهد الذى لم يستغرق على الشاشة سوى دقائق قليلة ولكنه استطاع أن يظهر عبقرية أداء فنان عظيم.
 
لم يبدع شفيق نور الدين فى هذه الأدوار التى يعرفها الكثيرون فقط ولكنه أبدع فى مئات المسرحيات التى كانت علامات فى تاريخ المسرح القومى ومنها عيلة الدوغرى، ملك القطن، أم رتيبة، سيما أونطة، المحروسة، السبتية، سكة السلامة، بير السلم، المسامير، وسهرة مع الحكومة، كوبرى الناموس، القضية، إضافة إلى عشرات البرامج والمسلسلات الإذاعية والتليفزيونية والأفلام السينمائية التى أدى فيها دور الفلاح واليهودى والبخيل والموظف والقاضى.
 
ولد شفيق نور الدين فى 15 سبتمبر عام 1911 بقرية بجيرم مركز قويسنا محافظة المنوفية لأب يعمل تاجرًا فى بورصة القطن، وأم رحلت قبل أن يكمل سن الحادية عشرة وتركته هو وشقيقته الصغيرة مع والدهما الذى تزوج ابنة شقيقها فكانت أمًا حنونًا للطفلين اليتيمين.
 
كان شفيق نور الدين يعشق التمثيل بالفطرة و يشاهد عروض الفرق المتجولة ويجمع أطفال القرية فى الجرن أمام منزله وكونوا فرقة تمثيل وكان يقوم بدور المخرج والمؤلف والممثل.
 
وأتقن الفنان الكبير اللغة العربية من كتاب القرية والتحق بمدرسة الصنايع ولكن حبه للتمثيل شغله عن المذاكرة فلم يكمل دراسته، وكان يأتى إلى القاهرة بين حين وآخر ليحضر بعض المحاضرات لزكى طليمات، حتى قرأ إعلانًا فى إحدى الصحف عن تكوين الفرقة القومية للتمثيل، فتقدم ونجح فى الاختبارات، وتم تعيينه كملقن بالفرقة مقابل 3 جنيهات، وبعد فترة قرروا الاستغناء عنهم جميعًا بسبب أزمات فى الميزانية، فعرض عليهم أن يعمل بلا أجر.
استفاد شفيق نور الدين من عمله كملقن عندما احترف التمثيل، فلم يكن يرتبك، وكان لديه القدرة على التصرف فى أى موقف طارئ، وحصل على شهادة معهد الفنون المسرحية.
 
لعبت الصدفة دورها فى انتقال الفنان شفيق نور الدين من العمل كملقن فى الفرقة إلى ممثل عندما غاب أحد الممثلين أثناء عرض مسرحية «ملك القطن» فوجد المخرج الحل فى الاستعانة بملقن الفرقة لأداء الدور، وحانت الفرصة كى يثبت تفوقه فى التمثيل وبالفعل نجح فى أداء الدور، ثم توالت عليه العروض المسرحية.
 
ومع بداية افتتاح التليفزيون تألق الفنان الكبير فى العديد من الأعمال وكان المخرج نور الدمرداش يؤمن جدًا بموهبته فأخرج له فيلم «تاكسى» الذى يحكى 5 حكايات مختلفة بطلها سائق التاكسى الذى جسد نور الدين، وحصل على جائزة مهرجان التليفزيون عن هذا الدور، كما عمل عد كبير من المسلسلات ومنها مسلسل الضحية ومسلسل عائلة سى جمعة الذى حقق شهرة واسعة، كما قدم أعمالًا للأطفال ومنها مسلسل كرتون حمادة وعمو شفيق، ورحلة عم مسعود.
 
وفى حوار لليوم السابع  مع سمية نور الدين ابنة الفنان الراحل شفيق نور الدين كشفت أسرار الفترة الأخيرة فى حياته، قائلة : «ظل يعانى خلال آخر 6 سنوات فى حياته من حساسية الصدر، وكان كل عام فى الشتاء يدخل الغرفة رقم 8 بمستشفى العجوزة، ويقضى أغلب وقته فى الصلاة والتسبيح وقراءة القرآن حتى عندما لم يعد قادرًا على المشى فكان يتوضأ وهو جالس ويبكى وهو يقرأ القرآن». 
 
وتابعت: «آخر مرة شعر بالتعب ذهبنا به إلى مستشفى العجوزة فوجدنا الغرفة رقم 8 محجوزة وعرضوا عليه أن يبقى فى غرفة أخرى حتى تخلو الغرفة التى يرتاح فيها فرفض وطلب أن نعيده للبيت ولكنه توفى فى نفس اليوم الموافق 13 فبراير 1981، وأوصانا قبل وفاته بألا نصرخ عليه وأن ندفنه فى قريته، وخرجت جنازته المهيبة والتى حضرها كل أبنائه الفنانين من المسرح القومى »
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة