ووفق بيانات، كانت معنويات حاملى العملات الرقمية متفائلة جدًا بداية العام، بعد أن ربحت القيمة السوقية للعملات المشفرة حوالي 1.43 تريليون دولار خلال عام 2021، بزيادة تخطت 186.45%، لتبلغ إجمالى القيمة السوقية للعملات الرقمية بنهاية 2021 حوالي 2.2 تريليون دولار، بحسب منصة "كوين ماركت كاب". 

ووصلت عملتا "بيتكوين" و"إيثريوم" إلى أعلى مستوى على الإطلاق في ختام عام 2021، لترتفع عملة "بيتكوين" بنسبة 62.5% رابحة

نحو 18.1 ألف دولار لتصل إلى مستوى 47.05 ألف دولار، كما ارتفعت عملة "إيثريوم" خلال 2021 بنسبة 404.07% رابحة 2.97 ألف دولار لتصل إلى مستوى 3.71 ألف دولار.

ولكن لم يستمر الأمر كثيرًا، فمن بين أكبر 10 عمليات اختراق فى تاريخ العملات المشفرة، حدثت ستة منها خلال العام الجاري، لتصل قيمة العملات المشفرة التي سُرقت من المستخدمين خلال عام 2022 حوالي 1.6 مليار دولار، وذلك وفقا لمنصة بيانات "blockchain Chainalysis".

في مارس 2022، هزت أكبر عملية اختراق سوق العملات المشفرة، حيث استهدف قراصنة شبكة "رونين" Ronin وهي شبكة جانبية مبنية على عملة "إيثيريوم" وتديرها شركة "سكاي مافيس" (Sky Mavis) المرتبطة بلعبة الإنترنت الشهيرة "آكسي أنفينتي" (Axie Infinity)، لتتم سرقة ما يقرب من 615 مليون دولار، ما يجعلها واحدة من أكبر السرقات المسجلة في تاريخ العملات المشفرة.

انهيار "تيرا لونا" 

شهدت عملة "تيرا لونا" وعملة "تيرا يو إس تي" والمعروف عنها أنها عملات مرتبطة بالدولار الأمريكي، انهيارًا عنيفًا في منتصف العام الجاري، والذي أثار مخاوف المنظمين الأمريكيين في وزارة الخزانة الأمريكية والفيدرالي الأمريكي حينها. 
بدأت الأزمة مع بداية تعاملات يوم الاثنين الموافق 9 مايو الماضي حينما سقطت عملة "تيرا لونا" من مستويات قرب الـ 65 دولار نزولا إلى المستويات دون الدولار الواحد.

وسقطت عملة "تيرا يو إس تي" التي كانت تساوى واحد دولار في تعاملات 9 مايو نزولا إلى مستويات قرب الـ 0.3 دولار. 
وانعكست خسائر عملة "تيرا لونا" والهبوط الحاد الذي اجتاح العملة المستقرة "تيرا يو إس تي" على سوق العملات الرقمية التي خسرت ما يزيد عن 450 مليار دولار من قيمتها السوقية في بضعة أيام.

ودفعت أزمة تيرا لونا وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" للتعليق على الحدث حيث قالت "أعتقد أن الوضع مع تيرا يو إس دي يوضح ببساطة أن هذا منتج سريع النمو وأن هناك مخاطر على الاستقرار المالي ونحن بحاجة إلى إطار عمل مناسب". 
وأضافت أنه سيكون من المناسب استهداف إطار فيدرالي متسق بشأن العملات المستقرة بحلول نهاية عام 2022 نظرًا لنمو السوق، ودعت إلى الشراكة بين أعضاء الكونجرس لسن تشريع لمثل هذا الإطار.

إفلاس منصة "FTX" 

أصيب سوق العملات المشفرة في 11 نوفمبر الماضي بالذعر، بعد أن تقدمت منصة "FTX"، بطلب للإفلاس بينما كانت تواجه نقصا كبيرا في السيولة وسيلا من عمليات السحب من العملاء المذعورين، بحسب صحيفة "وول ستريت" جورنال.
و حصلت "إف تي إكس" على نحو 10 مليارات دولار من أموال العملاء من دون إذن، وانخفضت عملة منصة "FTX"، "إف تي تي FTT" بأكثر من 75% في نفس الجلسة.

وفي اليوم ذاته، تنحي رئيس منصة "FTX" التنفيذي، سام بانكمان فرايد، ليسقط بذلك أحد أقطاب العملات المشفرة الأكثر ثراء ونفوذا في العالم.

وجاء الانهيار الدراماتيكي للشركة، بمثابة سقوط قوي لما كان يُعتقد أنه أحد أكثر شركات التشفير استقرارا في العالم.
وعلقت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين إن انهيار منصة "FTX" عزز وجهة نظرها بأن سوق الأصول الرقمية يتطلب "تنظيما دقيقا للغاية". 

وأضافت يلين، في مقابلة مع بلومبرج، إن أزمة "FTX" التي وجهت ضربة لسوق العملات المشفرة "تُظهر نقاط الضعف في هذا القطاع بأكمله".

ومؤخرا، ألقت سلطات جزر الباهاما القبض على مؤسس منصة "إف تي إكس" سام بانكمان فريد بعد أن أصدر المنظمون الأمريكيون مجموعة من التهم المدنية والجنائية ضده. 
واتهم مكتب المدعي العام الأمريكي للمنطقة الجنوبية لنيويورك المسؤول التنفيذي ومؤسس FTX بـ عدة تهم جنائية وهي: "التآمر لارتكاب الاحتيال السلكي والاحتيال في الأوراق المالية، والتهم الفردية بالاحتيال في الأوراق المالية والاحتيال السلكي، وغسل الأموال والتآمر لتجنب لوائح تمويل الحملات". 

العملات الرقمية والحرب الروسية-الأوكرانية

اختبرت الحرب الروسية-الأوكرانية قدرات العملات المشفرة كمصدر تمويل في العالم الحقيقي خاصة في وجود عقوبات وقيود.
فبعد الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير الماضي، بدأت العديد من منصات العملات المشفرة في التبرع وتقديم المساعدة للأوكرانيين.. ففي شهر واحد، جمعت الحكومة الأوكرانية ما يقرب من 63.8 مليون دولار من خلال تبرعات الأصول المشفرة.
ولم تكن أوكرانيا فقط هي التي حصلت على مساعدات التشفير.. فقد حصلت مجموعات موالية لروسيا أيضا على أكثر من مليوني دولار من التبرعات بالعملة المشفرة لتمويل حرب روسيا ضد أوكرانيا، على الرغم من العقوبات الدولية.

القواعد واللوائح حول العالم 

اتجهت كثير من الدول خلال العام الجاري لوضع لوائح وقوانين تنظم عملية الاستثمار والتداول في العملات المشفرة وذلك لحماية حاملي العملات من الخسائر والانهيارات التي حدثت خلال العام الجاري. 

في الولايات المتحدة الأمريكية، أوصت الحكومة بإنشاء دولار رقمي في إطارها لتنظيم الأصول الرقمية، في خطوة لتطوير منظومة أمريكية موثوقة للأصول الرقمية، إلى جانب سعى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) في تنفيذ اللوائح التي لديها بالفعل. 

وخارج الولايات المتحدة، بدا أن بقية العالم يتخذ خطوات استباقية لتنظيم صناعة التشفير. ففي أكتوبر 2022، أقر المشرعون في الاتحاد الأوروبي (EU) مشروع قانون الأسواق في تنظيم الأصول المشفرة (MiCA)، وهو تشريع تاريخي يهدف إلى تنظيم سوق الأصول الرقمية. 

علاوة على ذلك، اعترف مجلس النواب في البرلمان البريطاني بالأصول المشفرة كأدوات مالية منظمة، مع توسيع القوانين الحالية المتعلقة بالأدوات التي تركز على المدفوعات إلى العملات المستقرة. 

وتواصل الصين العمل على برنامج اليوان الرقمي (e-CNY)، وهو برنامج من المتوقع تطويره خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.. حيث بدأت الدولة في طرح البرنامج التجريبي للعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC) في أغسطس 2022. 

وعلى غرار الصين، أطلق البنك المركزي الهندي نسخة التجزئة من عملته الرقمية على أساس تجريبي في ديسمبر 2022، وجاءت هذه الخطوة بعد شهر من السماح للعديد من البنوك الهندية بتسوية معاملات السوق الثانوية في الأوراق المالية الحكومية باستخدام العملة الرقمية. 
وفي البرازيل، أقرّ جاير بولسونارو، رئيس البرازيل، يوم الثلاثاء الموافق 27 ديسمبر الحالي، مشروع قانون يهدف إلى إضفاء الشرعية على استخدام العملات الرقمية كوسيلة للدفع داخل البلاد.

ويتضمن القانون العديد من العملات الرقمية بموجب تعريف طرق الدفع القانونية في البرازيل. كما أنه ينشئ نظام ترخيص لمقدمي خدمات الأصول الافتراضية ويحدد عقوبات للاحتيال باستخدام الأصول الرقمية.