محمود عبدالراضى

أخلاقنا الجميلة.. الانتصار على "الحقد المقدس"

الأحد، 25 ديسمبر 2022 09:35 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من واقع متابعتي لملف الحوادث، لأكثر من عقد ونصف من الزمان، كتبت خلالها مئات القصص، والتقيت متهمين خلف القضبان، تحدثوا بكل صراحة، عن كواليس جرائمهم، فاكتشفت أن لكل جريمة دافعاً، قد يكون "الحقد، الانتقام، الحسد، الخوف، أو المال"، لكن يبقى "الحقد" السبب الأعظم.
 
ومع ثورة التكنولوجيا الحديثة التي ظهرت مؤخرًا، وتواجد الأشخاص معظم وقتهم على منصات تواصل الاجتماعي، وعرض تفاصيل حياتهم اليومية بشكل فج، باتوا في مرمى "الحاقدين"، فربما تجد أقرب الناس لك، يحقد على خير اختارك، أو نفعا لحق بك، قد يكون ذلك، في "زوج أو زوجة" صالحين، أو وظيفة مرموقة، أو ملابس مبهجة، أو حتى "خروجة" تنعش الروح، فكل ذلك قد يضعك تحت طائلة الحاقدين، مجرد أنهم ضبطوك متلبسا بـ"السعادة"، ولم "تداري على شمعتك".
 
للآسف، هناك أصنافا من الناس، لا يستطيعون أن يخفوا حقدهم، تراه ظاهرا، ربما في هيئة "هزار"، أو كلمات مباشرة، فلكل حريقٍ مطفئ فللنار الماء، وللسمِ الدواء، وللحزن الصبر، وللعشق الفرقةُ، ونار الحقد لا تخبو أبداً. 
 
"الحقد" يتواجد عند البعض بدرجات، فيجب مقاومته من البداية، والتغلب عليه، فإنّه عَطَب، نارٌ وأنتَ الحَطَب، فالحقد يشل الحياة والحب يطلقها، والحقد يربك الحياة والحب ينسقها، والحقد يظلم الحياة والحب ينيرها، فلا تستسلم له، فعندما تشعر أنه تسلل لقلبك قاومه، حتى لا يتمكن منه، فالحقد يكون داخل الانسان كوحش نائم فاذا أطعمه مره طالب بالمزيد واشتد واشتد حتى يلتهم صاحبه، وإن أكبر معركة يجب أن يخوضها الإنسان هي معركته مع نفسه، معركة ينتصر فيها حب العدالة على شهوة الحقد.
 
للآسف، كُلفة الحقد أكبر بكثير من الحب، لأنها إحساس غير طبيعي، إحساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض، تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقوداً، والحقد لا يقتل إلا صاحبه، فبدلا من أن تحقد على الناجحين بادر في أن تصبح أكثر نجاحاً منهم، ذلك هو الفرق بين الحقد والطموح. 
 
للآسف، أصعب أنواع الحقد التي يتعرض لها البعض، تكون من القريب أو الصديق، أو ما يطلقون عليه "الحقد المقدس"، ذلك الحقد الذي يهدم العلاقات، ويغير النفوس، فيتطلب منك جهدا أكبر، لتفادي حقدهم، فكن قاسياً على نفسك كريماً معهم حتى تتلاشى حقدهم.
 
علموا أولادكم، أن الحقد يرتجف أمام الحبّ، ويهتز أمام التسامح، وإن القسوة ترتعش أمام الرقة واللّين والمحبة، حتى تعود لمجتمعنا أخلاقه الجميلة.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة