أكرم القصاص - علا الشافعي

علا رضوان

سامية جمال.. الابتسامة الراقصة

الجمعة، 02 ديسمبر 2022 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تكن زينب خليل الفلاحة المولودة في بني سويف تعلم إنها ذات يوم ويوم ويوم سيقع في هواها أمير ثم ملك ثم دنجوان، بدايتها تنبيء بحياة قاسية أو على أفضل تقدير حياة عادية، لطفلة فقيرة في ريف مصري تعيش مع زوجة أبيها القاسية وأب مهمل، ثم تنتقل للعيش مع شقيقة أكبر متزوجة فتضطر أن تعمل في مصنع ملابس كي تغطي نفقات عيشها المشترك مع شقيقتها، ثم ما تلبس فتاة المصنع أن تعمل خادمة بالمنازل ثم ممرضة بالمستشفيات، لكن زوج أختها يضيق ذرعا بوجودها فيطردها للشارع فتجد نفسها بلا وعي تتجه لشارع عماد الدين حيث كان مرفأ آمنا في مطلع الأربعينات لمن يملكون ذرة موهبة فنية فتتلقفها جواهرجية الصنعة: بديعة مصابني لتعمل بفرقتها في المجاميع الراقصة، وتبهر زينب خليل الست بديعة برقصتها حافية القدمين فتحجز لها مكانا على خشبة المسرح وتحجز لها أيضا اسم لم يسبق أن سميت به من قبل: سامية جمال، التي ستحجز بأدوارها فيما بعد مكانا في قلوب الملايين من المشاهدين لفنها ورقصها.

سامية جمال صاحبة الابتسامة الراقصة، كان الابتسامة التي تتمايل على وجهها تشبه خصرها ،ابتسامة حيوية تجعل الوجه مبعث البهجة قبل الخصر المتمايل، تشعر بكل شيء فيها طبيعي لا تميل للتصنع حتى في تمثيلها في السينما، كانت سامية تمثل بأحاسيسها وكانت تقول عن نفسها أنها ليست ممثلة محترفة. تتذكر مشهد في فيلم "الرجل الثاني" أمام رشدي أباظة حيث تسقط من فوق السلم، وقد أعاد المخرج عز الدين ذو الفقار هذا المشهد 12 مرة وعندما اختار أفضل لقطة لم يجد سوى الأولى. هنا ردت سامية بعفوية: "يا أستاذ عز أول لقطة عندي هي التي أشعر بها دائماً".

لعل ذلك مما جعلها تقع في حب فريد الأطرش صاحب الأغاني العاطفية الحساسة والراقية التي تليق بكونه أمير وابن أمير، وأحبها أيضا فريد وقدما معا أجمل أعمالهما السينمائية  من حبيب العمر  ل أحبك أنت ومرورا بعفريتة هانم وآخر كدبة وتعالى سلم ومتقولش لحد، غير أن قصة حبهما كان يعرفها كل أحد يعمل بالوسط فالحب كالعطر لا يختبيء، لكن اصرار فريد على التهرب من الزواج جعلها تيأس من ذلك الحب حتى دعاها الملك فاروق لقصره وكان قد أغرم برقصها فجن جنون فريد، لكن الصراع بين الأمير والملك على قلب سامية جمال انتهى بأن حصل الدنجوان رشدي أباظة على قلبها ووثيقة زواج استمرت لثمانية عشر عاما وانتجت أفلاما بينهما مثل: بنت الحتة والشيطان والخريف والرجل الثاني، ورغم زواجها الذي استمر به 18 عاما إلا أن رشدي أباظة ظل الرجل الثاني لأن سامية لم تستطع أن تتخلص من حب الرجل الأول فريد الأطرش، فهي من تلك الناس التي تستطيع أن تتجاوز الحب الأول بسهولة، وإن كانت عاشت حياتها مخلصة لرشدي أباظة لكن فريد امتلك زمام القلب مبكرا، وبسبب تركه لها بعد غيرته من الملك فاروق قررت سامية أن تتزوج أول من يتقدم لها وكان شابا امريكيا ميلونيرا من تكساس اسمه ريتشارد كينج فاشترطت عليه الاسلام فدخل في الاسلام وطلبت منه أن يكون مهرها مسجدا، وبالفعل وافق ريتشارد واعتنق الاسلام هو وعائلته وصار اسمه عبد الله كينج وتبرع لبناء مسجد في بني سويف مسقط راس زوجته سامية جمال ليكون المسجد هو مهرها كما أرادت.

لم يكن قرب الملك فاروق منها هو القرب الوحيد فقد سجلت عدسات المصورين صور لها وهي ترقص رفقة الملك تشارلز الثالث ملك انجلترا الحالي في شبابه الباكر، وحين ولى شبابها وقل العمل وضاقت سبل العيش عرض عليها ملوك وأمراء عرب أن يوفر لها حياة كريمة لكنها كانت عزيزة النفس ولم تقبل وعانت شظف العيش حتى ماتت.

ومن أغرب المواقف التي تروى عنها أن سامية طلبت من صديق شراء مدفن لها، ورغم استغراب الصديق من ذلك الطلب بأنه من قبيل التشاؤم، ولكنها أصرت، فتم شراء مدفن في أول طريق السويس وكانت تزوره من وقت لآخر حتى ذهبت ذات مرة فوجدت اللوحة الرخام على القبر مكتوب عليها الفنانة سامية جمال فاعترضت بشدة وطلبت تغييرها وقالت: "الموت مافيهوش فنانة ولا غيره".

ويقول راوي القصة : "لكن المقاول نسي ذلك، ففوجئنا عندما ذهبنا لدفنها أن اللوحة مكسورة على الأرض كما تمنت قبل رحيلها"

وفي مثل هذا اليوم من مطلع ديسمبر عام 1994 أسدل الستار على المشهد الأخير من حياة سامية جمال عفريتة السينما المصرية الطيبة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة