قنا قبلة الحرف اليدوية التراثية.. الخزف من قرية جراجوس إلى كل العالم.. الفركة مهنة عمرها 3 آلاف عام ورثها أبناء المحافظة عن الفراعنة.. صناعة الجريد تلم شمل الأسر.. وعشرات العائلات تعمل فى صناعة الفخار.. صور

الخميس، 15 ديسمبر 2022 04:00 م

قنا قبلة الحرف اليدوية التراثية

قنا صابر سعيد

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هنا في قنا ستجد صانع الفخار يعمل بجانب صانع الحصير من نبات الحلفا، بجانب الزراعات، وما هي إلا أمتار قليلة حتى تجد كبار سن يعملون داخل منازلهم وتنسج أيديهم وتبدع أفضل الأشكال في صناعة تاريخية عرفتها البشرية منذ القدم وهي صناعة الفركة، ثم تذهب في الجنوب والشمال لتجد صناعة الكراسي والأسرة والأشكال المتنوعة من جريد النخيل، لتعد بذلك قبلة الصناعات التراثية التي وهبت لها منذ قرون واستمرا الصناع في استكمال ما بدأه الأوائل من الأجداد والآباء، لتضفي تلك الصناعات طابعًا مميزًا للمحافظة الجنوبية وتوفر فرص العمل لآلاف من الشباب وكبار السن.

ومن أشهر الصناعات التراثية التي تشتهر بها محافظة قنا هي "الفركة" التي تنتج الشال من الحرير أو الكتان ويعمل صانعوها على النول اليدوي الفرعوني الذي ورث عن الآباء والأجداد، لتوفر مصدر دخل لكثير من الأسر وعمل إضافي لعدد من الموظفين الذين يفضلون تعلمها لقدرتهم على الإنتاج في أوقات الفراغ ، لأنها غير مرتبطة بوقت معين، ثم تأتي صناعة الفخار وتتنوع في إنتاجها ما بين الأواني والأزيرة والقلل وتعتمد على الطمي والأفران وقبلها الأيادي الماهرة التي تستطيع أن تشكل وتبدع بخفة ومهارة.

وفي مدينة نقادة والوقف وعدد آخر من مراكز المحافظة ستجد صناع الكراسي والأسرة، وأقفاص الطيور يعملون بجوار منازلهم وفي أماكن فسيحة بأعداد كبيرة ويتميزون بالمهارة والإتقان وابتكار أشكال جديدة من جريد النخيل الذي يتوفر طوال الموسم بأسعار مناسبة، أما عن مدينة قوص ستجد صناعة الزيوت في معصرة هي الأقدم بالمحافظة والتي تستخدم الأبقار ووسائل قديمة في عصر الزيون، وفي نفس المركز قرية جراجوس وهي قبلة صناعة الخزف الذي يصل إلي كل العالم بأيادي قنائية.

وقال حربي رسلي، كفيف من أشهر صناع الفخار بقنا، إن صناعة الفخار تتطلب المهارة والصبر أيضًا لأن يوم العامل يبدأ في الصباح بتجهيز الطمي والأدوات المستخدمة وينتهي في المساء والعمل على مدار العام، وتشتهر محافظة قنا وبالتحديد قرية الشيخ علي بتلك الصناعة حيث يعمل فيها أكثر من 50 أسرة، وصناعة الزير التي يعمل بها تتم علي 3 مراحل وليست مرحلة واحدة ولا يجد صعوبة في علمها رغم فقدان بصره، حيث أنه اعتاد علي الحرفة وأصبحت أكثر سهولة، كما أن العمل في الصيف والشتاء لا يختلف إلا في سرعة جفاف الزير أو الآنية التي يصنعها حرفي الفخار.

وأوضح أحمد منصور، صانع جريد بقنا، إن صناعة الجريد هي صناعة متوارثة تعمل فيها الأسرة من الأب والأم وكذلك الأخوات في مكان واحد وتجمع الشمل، وتستخدم فيها أدوات الهلال ومسمار العلام والقرمة والماسورة وجميعها أدوات تكلفتها متوسطة، ويشتري الصناع جريد النخيل من المزارعين والتجار في مواسم محددة بأسعار تختلف من موسم لموسم، ويحتاج الجريد أن يوضع لفترة تحت أشعة الشمس حتي يجف.

وأشار منصور، إلي أن الأشكال التي تصنع من الجريد عديدة ومتنوعة تختلف من صانع إلى آخر ولكن أشهر الأشكال هي الكراسي والأسرة والأقفاص التي تباع للمزارعين في مواسم الزراعات وكذلك للطيور، ويصنع أيضًا منها الستائر التي تستخدم في المنازل والأباجورة والتحف الصغيرة، وأقفاص عصافير الزينة ومجسمات للمساجد والفوانيس في شهر رمضان، وأسعارها أرخص من الأخشاب كما تتميز بالعمر الطويل.

وتابع العم محمود على، 50 عاما في صناعة الفركة، لافتًا أن تلك الحرفة هي إرث القنائيون من الفراعة فقد عرفت الصنعة قديمًا وهي عبارة عن نول يدوي يتكون من عدة أجزاء وينقسم إلي نوعين الأول له حفرة ببطن الأرض والثاني فوق الأرض وهو أكثر من النوع الأول الذي أطلق عليها النول الفرعوني، ومن القطع المهمة في النول المكوك الذي يدفعه الصانع يمينًا ويسارًا لينتج الشال من الحريد أو الفبران أو القطن وبأشكال وألوان مختلفة، وكانت تصدر مدينة نقادة ذلك المنتج إلي دول كثيرة أفريقية ودول في أوروبا.

أما عن صناعة الخزف أوضح حمدي حسن، أن صناعة الخزف هي تحويل الطين إلى أواني وأشكال فنية وتعتمد على الطين الأسواني الذي يأتي ثم يصفى ويوضع حتى يجف ليبدأ العمل به على الدولاب اليدوي ثم يوضع في الفرن المخصصة لذلك، ويشكل منه الآواني وكوب القهوة والشاي ومجسمات مثل العرائس والجمال والحصان، ويشارك به في معارض داخل قنا وخارجها بأسعار مناسبة، مضيفًا أن تاريخ صناعة الخزف في القرية يعود لسنوات عديدة وهي أقدم القرى في الصعيد التي تصنع الخزف.