أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية للشؤون الإنسانية أن تلوث مصادر مياه الشرب يعد مصدرا رئيسيا للتهديد البيئى للأفارقة، ويستوى الأمر فى ذلك بين سكان المدن وسكان الريف، مشيرة إلى أن غالبية سكان إفريقيا لا يتمتعون بمياه الشرب الآمنة، وأن 330 مليون إفريقى من سكان دول جنوب صحراء القارة يشكلون الشريحة الأكبر من بين سكان الكرة الأرضية الذين لا يتمتعون بمياه شرب آمنة والبالغ إجمالهم 884 مليون نسمة.
وأضافت المفوضية- فى تقرير لها- يتوقع خبراء الأمم المتحدة ارتفاع مستوى ندرة المياه فى إفريقيا من 47 فى المائة فى عام 2000 إلى 65 في المائة بحلول عام 2025.
ويعد تسرب بقايا المبيدات الحشرية ومركزات الأسمدة المذابة لا سيما الأسمدة الكبريتية في طبقات القشرة الأرضية مصدرا أساسيا لتلوث آبار المياه العذبة في كثير من مناطق إفريقيا، وكذلك قد ينتج تلوث تلك الآبار عن ارتشاح مياه خزانات الصرف الصحي الجوفية عبر الطبقات المسامية الواصلة إلى آبار مياه الشرب.
وعلى الرغم من ارتفاع عدد سكان العالم المتلقين لخدمات مياه شرب "محسنة" بنسبة 11 في المائة في عام 2010 مقارنة بالنسب المسجلة في عام 1990، بقي 60 فى المائة من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هم فقط من يتلقون خدمات مياه الشرب المحسنة.
وتعد شمال إفريقيا الإقليم الوحيد الذي حقق نجاحا على صعيد تأمين احتياجات سكانه من مياه الشرب الآمنة، ففي الفترة ما بين عام 1999 وحتى 2008 قفزت نسبة من يحصلون على مياه شرب آمنة في شمال إفريقيا من 72% إلى 89% من إجمالي السكان، وهي نسبة تفوق ما كانت تتطلع إليه حكومات دول شمال إفريقيا ضمن أهداف الألفية الإنمائية.
وخلال فترة الخمسين عاما التالية على العام 1950 أحالت يد الإهمال البيئي قرابة نصف مليون كيلومتر متربع من الأراضي الزراعية الخصبة إلى أراض بور مقفرة، واستتبع ذلك تشتت 60 في المائة من سكان تلك المناطق، وانتقالهم إلى مناطق أخرى، وهو ما يؤكده واقع الحال في بوركينا فاسو وإثيوبيا وليسوتو ومالي.
وتبدو المشكلة الأشد تعقيدا بالنظر إلى تقديرات الخبراء في المنظمة الدولية للطاقة أن إفريقيا ستكون أرض المنشأ لنحو 70 في المائة من المحاصيل العالمية التي تستخدم في إنتاج الوقود الحيوي، وهو ما قد يفاقم من أزمة الغذاء للأفارقة أنفسهم، ولا يدع مجالا للوفاء بمتطلبات إنتاج الوقود الحيوي المستخلص من الحبوب الغذائية.
كما لن تسلم قطاعات الماشية والثروة الحيوانية والداجنة فى بلدان إفريقيا من آثار التغيرات المناخية وانعكاساتها البيئية، حيث ستصاب الثروة الحيوانية فى إفريقيا نتيجة التغيرات المناخية، وكذلك ستقضي تلك التغيرات على مساحات كبيرة من مناطق الزراعة والرعي الطبيعية في القارة، مما سيهدد أمنها الغذائي نتيجة التصحر.
وتؤكد تقديرات لجنة الخبراء الحكوميين لتقييم الأثر البيئي لظاهرة الاحتباس الحراري بمنظمة البيئة العالمة أن مستويات حرارة الطقس في إفريقيا تتصاعد بصورة مضطرده، وأنها قد تصل بنهاية القرن الحالي إلى ما بين 3 و4 درجات، مما سيفاقم أزمة الزراعة في إفريقيا نتيجة البخر والتصحر.
وأشارت تقديرات خبراء منظمة البيئة العالمية إلى أن هذا الوضع سيؤثر سلبا على طبيعة النشاط الاقتصادي والمعيشي للأفارقة، وبالقدر نفسه سيزيد من تدهور المستوى الصحي لهم، حيث ستزيد وتيرة الإصابة بالأوبئة التي تتفشى في المناطق الحارة، والتي من أخطرها حمى الوادي المتصدع و الكوليرا والحمى الشوكية، بما قد يحيلها إلى أوبئة متوطنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة