سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم 29 نوفمبر 1947.. محمد حسين هيكل باشا شاهدا على اجتماعات الأمم المتحدة التى أصدرت قرار تقسيم فلسطين

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم 29 نوفمبر 1947.. محمد حسين هيكل باشا شاهدا على اجتماعات الأمم المتحدة التى أصدرت قرار تقسيم فلسطين محمد حسني هيكل باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
كانت الباخرة البريطانية كوين مارى تواصل سيرها من نيويورك بعد ظهر 27 نوفمبر 1947، وعلى متنها عدد من رؤساء وفود الدول، الذين شاركوا فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، من بينهم رئيس وفد السوفيت مستر فيشنسكى، ورئيس وفد لبنان شارل مالك، والدكتور محمد حسين هيكل باشا رئيس مجلس الشيوخ المصرى، الذى ترأس وفد مصر فى هذه الاجتماعات، التى استمرت دروتها ثلاثة أشهر، وأصدرت فى نهايتها قرارها بتقسيم فلسطين فى 29 نوفمبر، مثل هذا اليوم 1947، حسبما يذكر هيكل باشا فى الجزء الثالث من مذكراته «مذكرات فى السياسة المصرية».
 
يسجل هيكل باشا شهادته عما جرى فى كواليس الأمم المتحدة لإصدار قرار التقسيم، مشيرا إلى ظروف اختياره رئيسا للوفد المصرى، حيث كان مجلس الأمن الدولى سيناقش مذكرة تقدمت بها الحكومة المصرية حول خلافها مع إنجلترا، بعد أن قطع النقراشى باشا رئيس الوزراء المفاوضات معها، وطلب من هيكل باشا أن يصطحبه إلى مجلس الأمن، لكنه اعتذر ثم أبلغه بأنه اختاره ليترأس وفد مصر فى اجتماع الجمعية العامة، وأخبر الملك فاروق بذلك.. يضيف: «طلبت من وزارة الخارجية أن تمدنى بما لديها من وثائق تفيد دراستها فى معالجة المسائل الواردة بجدول الأعمال، خاصة مسألة فلسطين، ولم تسعفنى بأية وثيقة إلا ليلة سفرى، ولم تعطنى تقرير اللجنة التى أشارت إلى تقسيم فلسطين».
 
يكشف «هيكل باشا» طبيعة ما رآه وشارك فيه من تحركات للوفود العربية فى نيويورك، لمواجهة قرار التقسيم ومواقف بريطانيا وأمريكا والاتحاد السوفيتى الذين يؤيدونه، يتحدث عن الاجتماعات فى فندق ولدوف استوريا بصالون الأمير فيصل بن سعود رئيس وفد المملكة السعودية «وملك السعودية فيما بعد»، ودعوة الأمريكيين من أصول عربية إلى وليمة كبرى فى فندق بنسلفانيا، وليمة عشاء حضرها ألوف، وجلس ممثلو الدول العربية فى صدر المكان وبينهم وكيل الخارجية الأمريكية، وبعد تناول العشاء بدأ الخطباء يتكلمون مؤكدين خطر قرار التقسيم.
 
يذكرهيكل باشا أن الوفود العربية اقتنعت بأن الموضوع سيفصل فيه بما يعتقدون أنه الحق والعدل.. يضيف: إن حالة من السرور سادت عندهم حين علموا ليلة انعقاد الجمعية العامة أن الجنرال رومولو، رئيس وفد الفلبين، سيخطب لمصلحة العرب، وأن ممثلى بعض الدول الصغيرة غير الخاضعة للنفوذ الأمريكى المباشر ستصوت ضد القرار، وأن بعض الدول الخاضعة للنفوذ الأمريكى المباشر، التى كانت متجهة إلى تأييد التقسيم ستغيب عن جلسة التصويت، يؤكد هيكل باشا، أن كل ذلك أدى إلى زيادة الأمل فى سقوط قرار التقسيم، مما بعث بعض الطمأنينة لدى الوفود العربية.
 
يذكر أنه حضر الجلسة صباح يوم 27 نوفمبر، واستمع إلى رئيس وفد الفلبين يؤيد سياسة العرب، وعرف أن جلسة التصويت تأجلت إلى الغد، ثم ركب الباخرة عائدا إلى القاهرة، وفيها تلقى أنباء بأنها تأجلت إلى اليوم التالى، وهو اليوم الذى صدر فيه قرار التقسيم، 29 نوفمبر 1947، ويكشف عن أن رئيس وفد لبنان شارل مالك، الذى كان معه فى السفينة كان يتلقى أسرار ما جرى وفيه، أنه على أثر إلقاء الجنرال رومولو خطابه، اتصل البيت الأبيض من واشنطن برئيس جمهورية الفلبين، وقام بتذكيرها بأن الولايات المتحدة اعترفت باستقلال الفلبين منذ سنوات قليلة، وأنها لم تكن تنتظر أن يكون جوابها على هذا الاعتراف أن تعارض سياسة أمريكا فى مسألة تعيرها أهمية كبرى، وأن الرئيس ترومان يعتبر مثل هذا الموقف غير متفق عليه، وطلب من رئيس الفلبين أن يصدر إلى وفد بلاده فى الأمم المتحدة تعليمات بالتصويت مع قرار التقسيم.. يضيف هيكل باشا، أنهم علموا أيضا أن بعض الذين وعدوا من ممثلى الدول الصغيرة بالتصويت ضد القرار لم يحضروا الجلسة، وتضاربت الشائعات فى سبب ذلك، فذهبت بعض الأقوال إلى أن البوليس الأمريكى منعهم بحجة أو بأخرى من الذهاب إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة.
 
يذكر هيكل باشا، أنه رغم كل هذه الإجراءات لم ينل قرار التقسيم ثلثى أصوات الحاضرين، ولم يبلغ الرافضون للتقسيم ثلث الحاضرين كذلك، لأن عددا من الدول امتنعت عن إعطاء أصواتها، ولما كان الذين صوتوا فى مصلحة التقسيم يزيدون على ضعف الذين صوتوا ضده، فقد اعتبر هذا تصويتا فى مصلحة قرار التقسيم، كما أقرته الأمم المتحدة، وأعلن ذلك فى الجمعية العامة، وأذيع فى أرجاء العالم جميعا.
 
يؤكد: عادت وفود الدول العربية إلى بلادها وقد أيقنت أن الحق والعدل ألفاظ لا مدلول لها فى قاموس السياسة، وأن الدول صاحبة القوى المادية عسكريا واقتصاديا هى صاحبة الكلمة النافذة، وأن التفكير فى عالم أفضل، أو فى سلام عالمى دائم لا يعدو أن يكون ضربا من أمانى الخيال.
p.7
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة