قال الدكتور أسامة العبد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أن مصر حريصة على الوعى على قدر حرص قائدنا الزعيم السيسى فى بناء الجمهورية الجديدة بالوعى والنضال.
وأضاف خلال افتتاح المؤتمر الدولى "الوعى لدى الشباب فى العصر الرقمي" المنعقد بجامعة السويس، أن الوعى أداة الأمم فى مواجهة التحديات، مشيدا بأهل السويس، قائلا: لا شك أنكم توافقوننى الرأى أن لقاءنا هنا على هذه الأرض الطيبة أرض السويس له أكثر من دلالة ومعنى.. فالسويس هى أرض البطولة، الأرض التى تجسد معنى فداء الوطن وحمايته ونهضته، والتاريخ عادة يسجل للأماكن خصوصيتها وعبيرها؛ ولذلك فإن أرواح شهداء الوطن على أرض السويس فى معارك النضال والشرف ترفرف علينا الآن، تحمل إلينا نسمات العزة والكرامة وتُوجب علينا استمرار هذه الروح الوطنية فى كل معارك البناء التى نخوضها الآن فى الجمهورية الجديدة التى يؤسس لها القادة بالعمل الدءوب والرؤية الصادقة والإخلاص الوطني.
واستكمل: يطيب لى ولرابطة الجامعات الإسلامية أن نتواجد فى هذا الصرح الشامخ، جامعة السويس؛ لحضور هذا المؤتمر الدولى المهم، والذى تنبع أهميته من كونه يناقش موضوع "الوعى الدينى للشباب فى العصر الرقمي"، ولاشك أن الوعى يعد لغة الفهم والحفظ والإدراك، وهو أيضا بمعنى الحكمة ورفع المستوى الفكرى وعدم الانقياد الأعمى، والشخص الواعى هو الكيس الفطن الذى يحمى فكره من التدمير والانحراف والتطرف؛ لأنه ذو شخصية سوية.
وأضاف أن الوعى الفكرى يشكل أهمية قصوى ذات آثار إيجابية فى بناء المجتمعات وتطورها، والإنسان الواعى يستطيع خدمة مجتمعه بكل اتزان عقلانى دون خروج عن آداب اللباقة أو اللياقة، ويكون ماهرًا فى التخطيط وعدم التخبط، فالوعى أساس الشخصية القوية الذى يمنحنا القدرة على القيادة وتحقيق الأهداف المرجوة، كذلك يمنحنا القدرة على اتخاذ القرار المناسب والسليم والحكم الصحيح على الأشياء، والوعى المتقدم يجعل الإنسان راقيا وهادئا وقادرا على التركيز على الإيجابيات ومنع السلبيات، كما يجعله قادرا على احتواء الآخر حتى لو اتصف بالسلبية، وكل ذلك يؤدى إلى السعادة وراحة البال، فعلى الإنسان أن يطور وعيه وأن يزكى نفسه بمراقبة فكره وقيمه ومشاعره ليكون إيجابيا، هذه الإيجابية التى تتحقق فى الفكر والقيم، فالإيجابى يرى لكل مشكلة حلا، والسلبى يرى فى كل حل مشكلة؛ لأن الإنسان الواعى يحسن التقدير ويمتلك ميزانا دقيقا فى فهم الواقع والتاريخ والأحداث، وقد حرك القرآن الكريم العقول واستحثها على مزيد من التدبر وإعمال الفكر، قال تعالى: "وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ" سورة الذاريات – الآية 21، وقوله تعالى: " قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" سورة الأنعام – من الآية 11، وأيضا قوله تعالى: "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أن سَعْيَكُمْ لَشَتَّى" سورة الليل – الآيات من 1 – 4، وكذلك قوله تعالى: " أَلَمْ تَرَ أن اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا أن فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِى الْأَلْبَابِ" سورة الزمر – الآية 21، والآيات فى ذلك كثيرة.
وشدد على أن التوعية مهمة للشباب ليرتقوا فى تخطيطهم للمستقبل، ويمنحهم الشعور بالمسئولية الوطنية، فهم ركيزة المستقبل وعليهم تتقدم البلاد وتزدهر.
فلا تتقدم الدول دون وعى ويقظة وتخطيط سليم، ففى كتاب الله عزوجل ما يؤكد ذلك على لسان سيدنا يوسف –عليه السلام-، حيث قال الله تعالى: " قَالَ اجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ" سورة يوسف – الآية 55، والحاكم المخلص المحب لوطنه ينادى بالوعى الصحيح داخل مجتمعه، وهو ما طلبه ونادى به فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى –رئيس جمهورية مصر العربية-، بخلاف الحاكم المستبد الذى ينادى باللاوعي؛ ليتحقق له استبداده وطغيانه.
ولا يخفى علينا أن ما يميز هذا العصر عن غيره، هو سرعة تبادل المعلومات فيه، إذ المعلومات اليوم تتجدَّد وتتبدل شهريا، بل أسبوعيا، بل يوميا، وهذا ما نلحظه اليوم، وهذه من سمات هذا العصر، وبسبب التوسع المعرفى والرقمي، فقد أصبحت كمية المعلومات تكبر وتتضاعف بسرعة قد فاقت التصور، وهذا ما يضعنا أمام تحد مهم، وهو المعلومات الواجب أن تصل إلى الشباب الذين هم عصب الأمة وحاضرها وكل المستقبل، وواجب علينا أن نوجه الشباب تجاه تلك المعلومات والتطور الذى لا يستطيع أن يستغنى عنه أحد فى حقل التربية والتعليم وفى غيرها.
كما يجب علينا النظر بعين الاعتبار فى كمية المعلومات اللازمة فى ظل هذا العصر الذى تتغير فيه المعرفة بصورة سريعة ودائمة، مما يشكل وعى الشباب ويضع له منهاج حياته.
إن العلوم الدراسية تُعد من أكثر المواد قدرة على غرس الإيمان بالله فى نفوس الشباب؛ لتخلق وعيا داخل نفوسهم، وتعميق خشية الله لديهم، يقول الله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" سورة فاطر من الآية 28؛ وذلك عن طريق توجيه أنظار الشباب إلى التبصر فى دقة النظام الكونى فى مختلف الظواهر، والانتظام الدقيق فى مخلوقاته، وحتى يتأتى ذلك، لابد من إسناد تأليف كتب العلوم والعاملين فى مجال التكنولوجيا إلى أشخاص مؤمنين صادقين حريصين على الشباب وبناء الوعى لديهم دينيا وسياسيا ومجتمعيا وغير ذلك.
وليقم هؤلاء باستثمار كل ظاهرة من ظواهر الكون والتوسع المعرفي، ومنها "الرقمنة"، فى إظهار وبيان عظمة الخالق الذى أبدعها وصورها وسخرها للإنسان، والذى من واجبه شكر الله على هذه النعم ودوام عبادته والالتزام بأوامره، والانتهاء عما نهى عنه، فهو سبحانه لم يأمرنا إلا بما هو خير لنا، ولم ينهانا إلا عما فيه أذى لنا وللمجتمع الذى نعيش فيه، فهو الذى خلقنا ويعلم ما ينفعنا وما يضرنا، وقد أرشدنا إلى ذلك كلام الله فى القرآن العظيم، مصدر الهداية ونور الطريق فى حياتنا، وسنة الهادى –صلوات ربى وسلامه عليه-، قال تعالى: "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" سورة الملك – الآية 14.
إننى أرى أيها الأخوة الأفاضل أن قضية الوعى الدينى لدى الشباب تفرض علينا، أن نعمل على تأكيد هويتنا العربية والإسلامية فى نفوسهم من خلال مؤسساتنا التربوية والتعليمية المختلفة؛ وذلك بغرس قيمنا الإسلامية فى مختلف المواد التعليمية، وبالتحديد مادة "التربية الإسلامية"، والعمل على إزالة التناقضات بين المناهج المختلفة، مما يؤدى إلى وحدة الغاية.
وأحب أن أؤكد على أهمية استخدام لغتنا العربية لدى الشباب وأهمية التركيز عليها؛ لأنها أصل فى الوعى الدينى للشباب خاصة فى العصر الرقمي، حيث تحفظ عليهم هويتهم العربية وسلوكهم القويم.
ولابد أن نزرع فى نفوس ووعى أبنائنا الشباب فى هذا العصر، أن عقيدتنا وقيمنا لم يعتريها أى تغيير، وأن يدركوا أن أعداء الإسلام لا سبيل لهم علينا؛ إلا عن طريق التأثير على الشباب بالتشكيك فى العقيدة حينا وفى الرسالة أحيانا، وبإثارة الشبه والمطاعن حول شريعة الله التى ارتضاها سبحانه لعباده، وبإثارة الفتن والنعرات المختلفة، والسعى إلى إيقاع الفرقة بين الشباب ومجتمعاتهم، حيث أن ذلك هو السبيل الأيسر والخفى لهم للسيطرة على هؤلاء الشباب والعبث بعقولهم، فلابد من التحصن بالوعى السليم والحكمة البالغة والفهم الصحيح استرشادا بالقيادة التعليمية والتربوية المخلصة لدينها ووطنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة