"فى اليوم السابع من ولادته، يتوجه به والداه وعدد من أفراد الأسرة إلى نهر النيل لغسل وجهه، وتكحيله وتلاوة آيات قرانية له".. هذه هى بعض الموروثات من العادات والتقاليد لأهالى النوبة بمحافظة أسوان، فى التعامل مع الأطفال حديثى الولادة.
قال عبد الناصر صابر، مرشد سياحى وأحد أبناء النوبة بأسوان، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إنه رغم تطور الحياة ووسائل التكنولوجيا الحديثة فإن بعض عادات وتقاليد أهل النوبة لا زالت موروثة إلى الآن، ويحرص عدد كبير خاصة من كبار السن على اتباع هذه الموروثات بهدف الحفاظ على الهوية التاريخية لأهل النوبة والتراث الذى تربوا ونشأوا عليه.
وتابع "صابر"، أن من هذه العادات التى توارثها أبناء النوبة فى الزواج والإنجاب، هى طقوس اليوم السابع للطفل المولود، والاحتفال به من خلال الذهاب بالطفل حديث الولادة إلى النيل لغسل وجهه من مياه النهر، وهى مناسبة عائلية جميلة ندر الآن الاحتفال بها، وسط ترديد من السيدات الحاضرات للاحتفال قائلين: "يارب يا ربنا يكبر ويبقى زينا".
وأشار إلى أن احتفال السابع للطفل كانت تغنى فيه أغانى وأهازيج جميلة وتوزع فيه الحلوى والهدايا للأطفال ثم تطور الإحتفال وأخذ الشكل الإسلامى فكانت العقيقة وتحتفل الكثير من العائلات بها الآن وهى عبارة عن وليمة للأهل والاصدقاء.
وأوضح عبد الناصر صابر، بأن السبوع فى النوبة كان له تقاليد يتجلى فيها ميراث حضارى عميق،وكانت الجدات مع الخالات والعمات وبعض الجارات مع أطفال الأسرة يذهبن بالمولود فى اليوم السابع لمولده ويغسلن وجهه بماء النيل كنوع من المباركة "مثل التعميد فى المسيحية"، وتحرص جدة من الجدات بعد أن كحلت عيون المولود ب"المرواد" ترسم صليباً على جبينه، ورغم كون الطفل مسلما إلا أن الصليب المرسوم يختلف ولا يرتبط بالأديان إنما خاص بجزء الحسد، مؤكدا أن الجدات كبار السن تفعل ذلك لأنها كانت ترى والدتها وجدتها تفعل نفس الشىء.
وأضاف ابن النوبة، بأن المحتفلات يأخذن معهن أيضاً أنواع عديدة من الحبوب والخبز ويلقين بها فى النيل كنوع من الهدية "قربان" إلى ناس النهر كما يقول الأديب Haggag Oddoul وفى هذا ميراث وتأثير ثقافى من التاريخ القديم، لافتا إلى أن أغانى السبوع فى الأدب المصرى عامة كلها أمنيات فى أغانى وأهازيج متفائلة صاغها فيما بعد الشاعر أحمد فؤاد نجم وغناها محمد منير ولكن بإسقاطات سياسية.
وعلق: كانت الأم أو الجدة تهدهد الطفل وتغنى له أغانى جميلة مثل "نام نام وأدبح لك جوزين حمام وأغانى جميلة أخرى"، رغم أن الطفل الصغير اليوم للأسف لايهدأ إلا وبين يديه الموبايل حتى من قبل أن يحسن الكلام أو يحبو أو يتعلم المشى ولكنه يستمتع بالعبث بالموبايل "على حد قوله".
وفى السياق، احتفل صابر عسكر، أحد أبناء النوبة مع زوجته "أونتى" فرنسية الأصل بمولودهما سويا فى النوبة، ف"مانو" أو "أونتى" فتاة فرنسية عاشت وتربت فى أوروبا، ولم تتخيل يوما أنها تتزوج من شاب مصرى وتعيش بين أحضان النوبة، لتمارس نفس طقوس أهل النوبة.
وفى إحدى رحلات "مانو" إلى مصر توجهت إلى بلاد النوبة بمحافظة أسوان، وهناك التقت بالشاب "صابر" الذى ساعدها فى الوصول إلى مرادها وتحقيق أهدافها العلمية وتحدث معها عن مصر وحضارتها وتاريخها، وتوالت اللقاءات والكلام بينهما، ووقعت "مانو" فى حب "صابر" وفى خطوة غريبة ومفاجأة قررت الزواج من الشاب المصرى ذات الأصول النوبية، وبعد فترة وجيزة اجتمعا مانو وصابر فى منزل واحد بعد توثيق زواجهما فى مصر، وأنجبا طفلا سموه "إسماعيل" وفى يومه السابع لولادته ذهبا به سويا برفقة الأهل والأحباب إلى ضفاف نهر النيل لغسل وجهه وأخذ البركة من النيل "هبة مصر".
أبناء-النوبة-يغسلون-وجه-المولود-فى-النيل
الاحتفال-بالمولود-فى-السابع
الجدات-النوبيات-
طقوس-اليوم-السابع-للمولود
نوبى-وزوجته
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة