وقعت فى سنة 213 هجرية العديد من الأحداث المهمة فى زمن الخليفة المأمون، ومن ذلك موت الشاعر العكوك، فهل سمعت عنه؟ وما الذى يقوله التراث الإسلامى عنه؟.
يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير تحت عنوان "العكوك الشاعر":
أبو الحسن بن على بن جبلة الخراساني، يلقب: بالعكوك، وكان من الموالي.
ولد أعمى، وقيل: بل أصابه جدرى وهو ابن سبع سنين، وكان أسود أبرص، وكان شاعرا مطبقا فصيحا بليغا، وقد أثنى عليه فى شعره الجاحظ فمن بعده.
قال: ما رأيت بدويا ولا حضريا أحسن إنشاء منه.
فمن ذلك قوله:
بأبى من زارنى متكتما * حذرا من كل شيء جزعا
زائرا ثم عليه حسنه * كيف يخفى الليل بدرا طلعا
رصد الخلوة حتى أمكنت * ورعى السامر حتى هجعا
ركب الأهوال فى زورته * ثم ما سلَّم حتى رجعا
وهو القائل فى أبى دلف القاسم بن عيسى العجلي:
إنما الدنيا أبو دلفٍ * بين مغزاه ومحتضره
فإذا ولَّى أبو دلف * ولَّت الدنيا على أثره
كلُّ من فى الأرض من عرب * بين باديه إلى حضره
يرتجيه نيل مكرمة * يأتسيها يوم مفتخره
ولما بلغ المأمون هذه الأبيات - وهى قصيدة طويلة - عارض فيها أبا نواس فتطلبه المأمون فهرب منه ثم أحضر بين يديه فقال له: ويحك ! فضلت القاسم بن عيسى علينا.
فقال: يا أمير المؤمنين ! أنتم أهل بيت اصطفاكم الله من بين عباده، وآتاكم ملكا عظيما، وإنما فضلته على أشكاله وأقرانه.
فقال: والله ما أبقيت أحدا حيث تقول:
كلُّ من فى الأرض من عرب * بين باديه إلى حضره
ومع هذا فلا أستحل قتلك بهذا، ولكن بشركك وكفرك حيث تقول فى عبد ذليل:
أنت الذى تنزل الأيام منزلها * وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد * إلا قضيت بأرزاق وآجال
ذاك الله يفعله، أخرجوا لسانه من قفاه. فأخرجوا لسانه فى هذه السنة فمات.
وقد امتدح حميد بن عبد الحميد الطوسي:
إنما الدنيا حميد *
وأياديه جسام *
فإذا ولَّى حميد *
فعلى الدنيا السلام *
ولما مات حميد هذا رثاه أبو العتاهية بقوله:
أبا غانم أما ذراك فواسع * وقبرك معمور الجوانب محكم
وما ينفع المقبور عمران قبره * إذا كان فيه جسمه يتهدم
وقد أورد ابن خلكان لعكوك هذا أشعارا جيدةً تركناها اختصارا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة