اتفق وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي على موقفهم التفاوضي للدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (كوب 27) نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وذلك بعد نقاش قوي دار بين العواصم حول مستوى طموح الكتلة في قمة المناخ السنوية للأمم المتحدة.
وذكرت صحيفة (يوروآكتيف) الأوروبية، اليوم الثلاثاء، أنه خلال اجتماعهم في لوكسمبورج الليلة الماضية، وافق وزراء الاتحاد الأوروبي على تحديث الهدف المناخي للكتلة "في أقرب وقت ممكن"، مشيرين إلى أن هذا لا يمكن أن يتم إلا بعد الانتهاء من التشريعات الرئيسية مع البرلمان الأوروبي.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهد بخفض صافي انبعاثاته بنسبة 55% عن مستويات عام 1990 بحلول عام 2030 ويتفاوض حاليا على حزمة من قوانين الطاقة والمناخ، يطلق عليها اسم "فيت فور 55" (Fit for 55) من أجل تحقيق هذا الهدف.
وأضافت أنه يتم الآن مراجعة هذه الأهداف في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ففي مايو الماضي، اقترحت المفوضية الأوروبية رفع أهداف الاتحاد الأوروبي المقترحة بشأن مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة كجزء من الجهود المبذولة لإنهاء اعتماد الكتلة على الوقود الأحفوري الروسي، موضحة أن هذه الأرقام المحدثة سوف تنعكس في نهاية المطاف في هدف المناخ لعام 2030 للاتحاد الأوروبي، والذي من المرجح أن يكون أعلى ببضع نقاط مئوية من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55% الذي تم طرحه في البداية على الطاولة.
ونقلت الصحيفة عن وزيرة البيئة التشيكية آنا هوباكوفا، التي كانت تترأس الاجتماع، قولها "إن الاتحاد الأوروبي كان دائما في طليعة العمل المناخي وسنواصل القيادة، فحماية كوكبنا من أجل الأجيال القادمة تتطلب عملا عالميا مشتركا قويا".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في النص النهائي الذي كان لابد من الاتفاق عليه بالإجماع، ذكرت دول الاتحاد الأوروبي أيضا أن المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) المودعة بشكل جماعي حتى الآن من قبل الموقعين على اتفاقية باريس "غير كافية" وتدعو الاقتصادات الكبرى على وجه الخصوص إلى إعادة النظر وتعزيز المساهمات في الوقت المناسب لـ(كوب 27)، ومع ذلك، يجب أن تستند هذه الالتزامات المناخية إلى وعود بتشريعات قوية.
وبينت الصحيفة أن مناقشات يوم الاثنين تركزت حول نقطتين مثيرتين للجدل، وهما كيفية تحديث طموح أوروبا في ضوء حزمة "Fit for 55"، وهي قيد المناقشة حاليًا، والصياغة حول الجهود العالمية للتخلص التدريجي من الفحم، مشيرة إلى أن النص النهائي للاتحاد الأوروبي يدعو جميع الموقعين على اتفاقية باريس إلى "إغلاق الكتاب الخاص بالفحم بلا هوادة" من خلال التخفيض التدريجي وإنهاء دعم الوقود الأحفوري غير الفعال لتسريع انتقال الطاقة.
وفيما يتعلق بتعهد الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ، يسلط النص النهائي الضوء على "الهدف من اختتام المفاوضات بشأن هذه العناصر الأساسية" من حزمة "Fit for 55" بحلول نهاية العام الجاري.. وتابعت: أنه رغم ترحيب بعض المنظمات بقرار الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أكدت أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى النظر في خفض الانبعاثات بنسبة 65% بدلاً من 55% من أجل التوافق مع هدف باريس المتمثل في إبقاء الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية.
ويفكر الاتحاد الأوروبي الآن في دفع كبير في مفاوضات حزمة "فيت فور 55" قبل (كوب 27)، حسبما قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي للصحيفة، ويشمل ذلك اجتماعا للمفاوضين بشأن معايير ثاني أكسيد الكربون للسيارات يوم الخميس المقبل، حيث يأمل المشرعون في التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأضاف المسؤول أن المشرعين في الاتحاد الأوروبي سيدفعون أيضا إلى الأمام في إصلاح سوق الكربون في الاتحاد الأوروبي، وقانون للحد من الانبعاثات الناتجة عن استخدام الأراضي والغابات خلال الأسبوع الأول من (كوب 27).
ويخطط الاتحاد الأوروبي لرفع هدفه لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري بموجب اتفاقية باريس للمناخ، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم التحديث في الوقت المناسب لقمة المناخ للأمم المتحدة هذا العام، وفقًا لمسودة الوثيقة.
وفي الوقت نفسه، لا يزال تمويل المناخ للبلدان الفقيرة هو العامل الأساسي في جدول أعمال مفاوضات (كوب 27)، وهناك مخاوف من أن تفوت مجددا أغنى دول العالم تعهدها السنوي بتقديم 100 مليار دولار من المساعدات المناخية للدول النامية هذا العام.
ووفقًا لوزراء البيئة، تتوقع دول الاتحاد الأوروبي تحقيق هذا الهدف في عام 2023، بينما رأت الصحيفة أن هذا أكثر تشاؤماً بشأن تصريحات الاتحاد الأوروبي السابقة حول هذا الموضوع، والتي تهدف إلى تحقيق ذلك في العام الجاري وبالتأكيد في موعد لا يتجاوز عام 2023.
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر مزود لتمويل المناخ، فإن الدنمارك هي الدولة الوحيدة التي تعهدت بتمويل مخصص "للخسائر والأضرار" الناجمة عن الكوارث المناخية.. كما دعا البرلمان الأوروبي إلى المزيد من الطموح، وحث الدول الغنية في (كوب 27) على الاتفاق على مصادر جديدة وكافية وإضافية للتمويل العام تعطي الأولوية بوضوح للمنح من أجل معالجة الخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار السلبية لتغير المناخ.
ولكن دول الاتحاد الأوروبي أكثر ترددا، حيث قالوا "إن هذا العمل والدعم للبلدان الضعيفة بحاجة إلى مزيد من الارتقاء، ويسلطوا الضوء على دور مصادر التمويل الخاصة والعامة في معالجة الخسائر والأضرار".
وردا على سؤال حول هذه القضية، قال مسئول المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز "إن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يبني جسورا في هذا الشأن، ولديه بالفعل بعض الأفكار التي يجب طرحها على طاولة المفاوضات".
وتتمثل إحدى مبادرات بناء الجسور المحتملة في تعزيز مشاركة البيانات وأنظمة الإنذار المبكر، كما اقترحت ألمانيا أيضا درعًا عالميا من شأنه أن يشمل التنفيذ السريع للحلول للأضرار المتعلقة بالمناخ وتعبئة أموال إضافية.. ويمكن أن تدعم فرنسا هذه الفكرة، وفقًا لوزير البيئة كريستوف بيتشو الذي قال "نحن بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من الإجماع بشأن هذه القضايا المالية".
وقال الوزير الهولندي روب جيتين "إن هولندا أيضا داعمة جدا للفكرة.. واتفق وزراء الاتحاد الأوروبي في الاجتماع على أن يكون لديهم "عقل منفتح" بشأن الخسائر والأضرار، على الرغم من عدم وجود التزام مالي حتى الآن".
يشار إلى أن مؤتمر المناخ هو قمة سنوية تحضرها 197 دولة من أجل مناقشة تغير المناخ، وما تقوم به هذه البلدان لمواجهة المشكلة ومعالجتها.. ويعد المؤتمر جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ.
وتستضيف مصر الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27) خلال الفترة من 6 - 18 نوفمبر 2022، والذي يقام بمدينة شرم الشيخ، ويمثل فرصة مهمة للنظر في آثار تغير المناخ في إفريقيا؛ ولتنفيذ ما جاء فى اتفاق باريس 2015، وتفعيل ما جاء في مؤتمر جلاسكو 2021 من توصيات؛ وحشد العمل الجماعي بشأن إجراءات التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ.