خلال كلمة مسجلة له أذيعت بالمؤتمر الاقتصادى مصر 2022.. محمد العريان: نعاصر اقتصادا عالميا تحيطه حالة من عدم اليقين.. وكلما زاد عدم استقرار الدول المتقدمة تفاقمت هشاشة الاقتصاد العالمى ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا

الأحد، 23 أكتوبر 2022 02:50 م
خلال كلمة مسجلة له أذيعت بالمؤتمر الاقتصادى مصر 2022.. محمد العريان: نعاصر اقتصادا عالميا تحيطه حالة من عدم اليقين.. وكلما زاد عدم استقرار الدول المتقدمة تفاقمت هشاشة الاقتصاد العالمى ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا الدكتور محمد العريان
كتبت هند مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- واقعنا المؤلم قد فرض علينا العيش في حي محفوف بالتحديات ألا وهو الاقتصاد العالمي والنظام المالي العالمي

 

خلال الأسابيع الخمسة الماضية شهدت اقتصادات مجموعة السبع انهيارا فوضويا فى العملة وزيادة غير منضبطة فى العائدات وتوبيخ علنى من صندوق النقد الدولى وتحذيرات من وكالات التصنيف وتدخلات طارئة من البنوك المركزية وسياسات حكومية متعددة معاكسة انتهت باستقالة رؤساء وزراء.

ألقى الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمي، كلمة مسجلة، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادى (مصر -2022)، الذى بدأت فعالياته صباح اليوم بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبحضور كبار المسئولين والوزراء ونخبة من الخبراء والمختصين بالشأن السياسى والاقتصادى وممثلين عن مجتمع الأعمال المصري، والخبراء.    

    وخلال كلمته، أكد الدكتور محمد العريان أن المؤتمر الاقتصادي، ينصب تركيزه على النظرة المستقبلية لمصر والفرص والمخاطر وإمكانية إطلاق العنان لإمكانات مصر الكبيرة.

   وأشار د.العريان إلى أنه سيركز، خلال كلمته، على السياق المحيط بمصر، مشبهاً مصر بمنزل يوجد فى حى يعبر عن البيئة المحيطة به، ولافتاً إلى أن الأحياء ذات أهمية وتأثير على المنزل ؛ فالحى الجيد يعزز من قيمة المنزل، فى الوقت الذى تفرض التحديات التى يواجهها الحى تحديات على المنزل.

 وشدد، فى هذا السياق، على أن واقعنا المؤلم قد فرض علينا العيش فى حى محفوف بالتحديات ألا وهو الاقتصاد العالمى والنظام المالى العالمي، وقد ولدت تلك التحديات من رحم الدول المتقدمة واقتصادات مجموعة السبع على وجه الخصوص، مؤكدا أنه كلما زاد عدم الاستقرار فى الدول المتقدمة، تفاقمت هشاشة الاقتصاد العالمي؛ مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة للدول الأخرى.

    وتطرق الدكتور محمد العريان لما يراه مثالا حديثا لما ذكر لتسليط الضوء على الوضع المتقلب الذى نعيش فيه، منوها فى هذا الإطار إلى أن هذا المثال يتعلق بالاقتصادات المتقدمة، وخاصة باقتصاد مجموعة السبع، أى نخبة الاقتصادات المتقدمة، متسائلاً: كم مرة حدث فى اقتصاد مجموعة السبع ما يلي: انهيار فوضوى فى العملة، وزيادة غير منضبطة فى العائدات، وتوبيخ علنى من صندوق النقد الدولي، وتحذيرات وكالات التصنيف، وتدخلات طارئة من البنوك المركزية، وسياسات حكومية متعددة معاكسة انتهت باستقالة رؤساء وزراء ؟.

     وأكد د. العريان أن هذه الأمور الستة حدثت بالفعل فى اقتصاد مجموعة السبع خلال الأسابيع الخمس الماضية، وهى توضح عدم الاستقرار الكامن وغير المتصور الذى نعاصره والذى تأسس فى الدول المتقدمة، وتعد المملكة المتحدة مثالا واضحا جدًا، فكان سبب عدم الاستقرار بها هو أخطاء فى السياسات المالية، مثل محاولة خفض الضرائب دون وجود تدابير تعويضية للإيرادات.

    وأوضح الخبير الاقتصادى أن هناك أسبابا متعددة كذلك لعدم الاستقرار فى جميع الاقتصادات المتقدمة؛ ففى الولايات المتحدة يحاول البنكُ الفيدرالى الأمريكى - والذى يُعد أقوى البنوك المركزية حول العالم – خفض جماح التضخم، إلا أنه وقع فى خطأ تصنيف التضخم بوصفه تضخمًا مؤقتًا، وبالتالى فشل فى تبنى التدابير اللازمة، ويعمل حاليا على رفع سعر الفائدة بمعدلات تعد الأسرع فى التاريخ.

   وأشار د. العريان إلى أن البعض يعتقد أن ذلك سيتسبب فى وصول الاقتصاد الأمريكى إلى الكساد، كما يساور القلقُ بعضَنا أيضا حيال تقويض ذلك الأمر لأداء الأسواق المالية حول العالم، مضيفاً أن بنك اليابان يعانى كذلك من مشكلات فى عالم تسوده أسعار فائدة مرتفعة، وينطبق الأمر ذاته على البنك المركزى الأوروبي.

وأكد د. محمد العريان أن بيت القصيد هو أننا نعاصر اقتصادًا عالميًا يكتنفه حالة من عدم اليقين غير المعتاد، ولا يعد ذلك غموضًا فحسب، بل إنه عدم يقين غير معتاد، وأثار سؤالا حول السبب وراء تفاقم عدم استقرار الحى المحيط بالمنزل حتى أصبح هشاً؟

    وأكد الخبير الاقتصادى أنه من المؤكد أن لذلك العديد من الأسباب، مستعرضا ثلاثة من أبرز الأسباب فى رأيه، مشيرا إلى أن السبب الأول يتعلق بالقدرة على النمو، حيث فقدت العديد من الدول قدرتها على النمو بسبب الخصائص المتغيرة للاقتصاد العالمي، فقد انتقلنا من اقتصاد عالمى يفتقر إلى معدلات كافية من الطلب، إلى اقتصادٍ عالمى يفتقر إلى معدلات كافية من العرض، حيث يشهد العالم اضطرابات فى معدلات العرض، لذا، يواجه النمو الاقتصادى تأثيرات معاكسة جديدة.

   وأضاف د.العريان: كما تغيرت العولمة هى الأخرى بسبب التطورات الجيوسياسية ورغبة الشركات فى تفضيل المرونة على الكفاءة، مما أدى إلى نوعٍ جديدٍ من العولمة، ويفسر ذلك التباطؤ الاقتصادى المتزامن للمناطق الثلاث الرئيسة فى العالم: الصين وأوروبا والولايات المتحدة، وعليه تتباطأ محركات النمو الثلاثة للاقتصاد العالمى فى الوقت ذاته، وقد دفع ذلك صندوق النقد الدولى لإعادة النظر فى توقعاته أوائل الشهر الجاري، وحذرنا من أن "الأسوأ لم يأتِ بعد، لذا، فإن عجز النمو فى الاقتصاد العالمى هو القضية الأولى التى نواجهها الآن".

وقال الخبير الاقتصادي: القضية الثانية هى التضخم المرتفع والمستمر، وقد تحول ذلك التضخم من كونه نتيجة لصدمة الطاقة الناتجة عن الأزمة الروسية-الأوكرانية، وصدمة الغذاء الناتجة أيضا عن تلك الأزمة، إلى شيء أوسع نطاقًا، حيث يقيس الاقتصاديون محركات التضخم بما يسمى التضخم الأساسي، ويستبعد التضخم الأساسى التقلبات التى تشهدها أسعار بعض السلع صعوداً وهبوطاً، فبالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا واليابان التضخم الأساسى لا يزال يرتفع، وبالتالى لدينا مشكلة تضخم، كما تجبر البنوك المركزية على خيارات صعبة للغاية، متسائلا عما إذا كان علينا أن نواجه التضخم بصرامة وتخاطر بسحق الاقتصاد والتسبب أيضًا فى عدم الاستقرار المالي، أم تتخذ إجراءات ناعمة تجاه التضخم وتخاطر بإمكانية حدوث ركود تضخمي؟

وقال: فى ظل ذلك المزيج من النمو المنخفض والتضخم المرتفع، اختارت البنوك المركزية والاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بالأخص اتخاذ موقف صارم ضد التضخم، مما أسفر عن ارتفاع حاد فى قيمة الدولار، بنسبة تزيد على 20٪ مقابل العملات العالمية الأخرى هذا العام، وهذا بالطبع يعنى المزيد من حدة التضخم المستورد للبلدان الأخرى، وهذا يعنى المزيد من الضغط على عملاتها، ومزيد من الضغط على احتياطاتها.

وأضاف د. العريان: أما السبب الثالث فيتعلق بأداء الأسواق المالية، ودعونا نفكر فى الأمر بالطريقة التالية، لقد تكيف النظام مع بيئته، وتميزت تلك البيئة لأكثر من عقد بمعدلات فائدة منخفضة للغاية، صفر فى الولايات المتحدة، وسلبية فى أوروبا، وضخ هائل للسيولة من قبل البنوك المركزية.

كما أوضح أنه فى عالم كهذا؛ تحمل النظام المالى الكثير من الديون، واكتسب المزيد من المديونيات لأنه افترض أن هذا النظام سيستمر لفترة طويلة، ومع ذلك، فإن التضخم قد غير كل هذا ونتيجة لذلك يتعين على النظام المالى نفسه التكيف مع هذا الواقع المتغير، وكما قلت سابقًا، إنها حقيقة تتغير بسرعة كبيرة وتتمثل فى رفع سعر الفائدة والذى يعد الأعلى من قبل الاحتياطى الفيدرالى منذ عدة عقود، مع ذلك، تأتى ضغوط السيولة فى كبرى الأسواق المالية فى العالم، وتأتى ردود فعل السوق الهائلة على أى تقلب فى السياسة، كما رأينا مع المملكة المتحدة، ومع ذلك تأتى مخاطر وقوع أزمة مالية.

وأكد الدكتور محمد العريان أن هذه بيئة صعبة للغاية بالنسبة للغالبية العظمى من دول العالم، فالحى المحيط يتحدى المنزل، إنها الواقع الذى يتطلب عناية كبيرة، ومرونة كبيرة واستجابة نشطة فى التعامل مع تلك الأمور التى لا يمكن تصورها، فهذه السمات الثلاث وهى العناية والمرونة والاستجابة النشطة يجب وضعها فى الاعتبار أثناء انتقالنا من الحى المحيط إلى المنزل، حيث الاقتصاد المصرى وآثاره.

ولفت الخبير الاقتصادى إلى أنه بدأ كلمته بصورة منزل وحى محيط به، ولكنه سيختتم بصورة أخرى، وهى صورة لرحلة وعرة للغاية وصولا إلى وجهة أفضل، حيث تكمُن وُعُورَة هذه الرحلة فى الصدمات التى يتعرض لها الاقتصاد العالمى والتمويل العالمي، لذا فهى رحلة وعرة بطبيعتها لكنها إلى وجهة أفضل، وستتميز تلك الوجهة بنمو أكثر شمولاً واستدامة من حيث المُناخ والبيئة، كما ستتميز بنظام مالى أكثر استقرارًا بالفعل، وليس التمويل المصطنع للبنوك المركزية فى الدول المتقدمة، بل الاستقرار المالى الحقيقي، ونأمل أن يتسم العالم بتنسيق أفضل للسياسات العالمية لمعالجة المشكلات المشتركة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة