ناهد صلاح

باب البحرين

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022 02:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أدرك الآن، وربما هذا ما أدركه من قبل المخرج بسام الذوادي ورفيقه الروائي فريد رمضان، حينما قدما فيلمهما (حكاية بحرينية) في العام 2006؛ أن الزمن قد تغير وأن الأحلام التي كانت قديما كبيرة، تلاشت إلى حد كبير ولم يعد لها مكان تقريبا على خريطة العصر الجديد.

 

أذهب بهذا الإدراك إلى البحرين، لأول مرة، مشاركة في لجنة التحكيم لمهرجانها مع زملائي: المخرج البحريني محمد راشد بوعلي، والكاتب الفرنسي فيليب جلادو ، المهرجان الذي يترأسه يوسف فولاذ ويقيمه نادي سينما البحرين.

 

كنت تواصلت مع الفنان عمار زينيل المدير الفني للمهرجان قبل السفر وتابعت الأفلام المشاركة واستوعبت أكثر ملامح التغيير العامة في السينما ومحاولات صانعي الأفلام لإيجاد مساحتهم الخاصة.

 

هذه المحاولات غير مقلقة سواء على صعيد الشكل أو المضمون، بل هي تعبير عن تيار التغيير الطبيعي والمتدفق في السينما عربياً وعالمياً.

المثير في رحلتي أنه عادة ما تصيبني مشاعر Homesickness الحنين إلى الوطن، بمجرد مغادرتي الأجواء المصرية، على الرغم من كثرة أسفاري، أما في البحرين، فهي من البلاد القليلة التي لم تنتابني فيها هذه المشاعر.

 

بلد صغير، حميمي ، احتوائي، محب، وهذا ما لمسته في حديثي مع السفير ياسر شعبان، سفير مصر في المنامة، حيث أشار إلى متانة العلاقات بين القاهرة والمنامة، على كافة المستويات خصوصا في مجال الاستثمار والاقتصاد، ويزيد عليهما تفعيل العلاقات الثقافية، وأنه خلال فترة الثلاث سنوات التي قضاها في البحرين، عمل على توطيد العلاقات المصرية البحرينية، بما يلائم قوة ارتباطهما.

السفير ياسر شعبان نشط بدأب ملحوظ في هذا الإطار وكذلك في إطار اهتمامه بالجالية المصرية، والحضور المصري المتنوع في البحرين، حتى أنه تابعنا جميعاً منذ اللحظة الأولى ، بما جعلنا نشعر باعتزاز وتقدير كبير نحو الخارجية والدبلوماسية المصرية.

من هذه النقطة التي تتعلق بالحضور المصري في البحرين ، لم أكن بحاجة للبحث عنه، أذ وجدته في الترحاب البحريني سواء على مستوى فريق المهرجان أو مستوى اللقاءات الشعبية في الشارع، حيث عبر الكثيرون عن امتنانهم لمصر الشقيقة الكبرى، وأشاروا إلى أنهم نشأوا وتعلموا على يد المدرسين المصريين.

لا أبالغ إن قلت إن مصر كانت باب دخولي إلى البحرين، إنها باب البحرين، ليس المقصود الباب التاريخي في مدخل سوق المنامة ، حيث تقبع خلفه دكاكين المنسوجات والبهارات والبخور والعطور والمصنوعات اليدوية الشعبية والتراثية، إنما بدلالات كبرى أخرى و كثيرة.

من هنا أعود إلى (حكاية بحرينية) الفيلم الذي لم يفارقني طول رحلتي، فيه رأيت مصر المحركة للأحلام القومية ، نكسة يونيو 1967 وجنازة عبد الناصر، كامتداد لأحلام الإنسان البحريني وانكساراتها، من خليفة الصبي الذي يرشدنا إلى تفاصيل الحكاية، إلى نساء الفيلم: لطيفة، فاطمة، منيرة،  واختيار كل منهن على طريقتها للتحرر من مجتمع ضاغط ومضغوط، إلى حميد المثقف الضائع بين حبيبته المتأخرة ونكسة وطنه الكبير، إلى موسيقى محمد حداد التي احتوت هذه الحالة ، إلى بسام الذوادي المهموم بصناعة السينما في بلاده(له وحده خمسة أفلام طويلة ضمن تسعة أفلام هي كل الإنتاج الطويل، هذا غير أفلامه الوثائقية القصيرة) إلى فريد رمضان الذي افتقدته جدا في هذه الزيارة، الروائي الباحث عن هوية بلاده.

هذه الهوية هي محرك لأفلام أجيال جديدة يحركها الشغف السينمائي، لكن بمنظور جديد يمتزج فيها الحلم القديم بمحاولات متطلعة إلى العالم الجديد ، يوازي ذلك حركة نقدية ممتدة من : أمين صالح، حين حداد، نادر المسقطي، إلى منصورة الجمري وأخرون، وإن كان الإنتاج السينمائي البحريني يعتريه البطء، نظراً لأسباب إنتاجية ، لكن ثمة أمل يتراءى مع النهوض الحديث في السينما السعودية والخليجية عموماً وما يترتب عليه من تغييرات كبيرة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة