ناهد صلاح

كيان .. الشريك المخالف فى السينما السعودية

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثمة أمران مثيران للاهتمام يعكسهما الفيلم السعودي "كيان"، تم عرضه في افتتاح مهرجان البحرين المنعقد حالياً، أولهما: أنه فيلم يختلف بشكل ملحوظ، سواء على مستوى الفكرة والموضوع وبناء الشخصيات ، عن الأفلام السعودية مؤخراً ، والتي تسعى بنضالية ما لإبراز صور من محاولات التحرر والتمرد على التابوهات الاجتماعية القديمة، ليندرج هذا الفيلم تحت تصنيف أفلام الرعب، وهو تصنيف في حد ذاته شحيح الصنع في السينما العربية عموماً ، سواء في الكم والعدد أو الكيف والقيمة الفنية، فما بال السينما السعودية الساعية إلى تشكيل كيانها كما عنوان الفيلم .
الأمر الثاني يتعلق بهذا الالتباس الذي قد يواجهه المشاهد وربما يصدمه، بما يكتشفه من تناص واضح بين (كيان) وبين (الليل / The night) الفيلم الإيراني/الأمريكي، أخرجه كوروش أهاري في العام ٢٠٢٠.
الفيلم السعودي من بطولة أيمن المطهر وسمر ششة، تدور أحداثه في إطار من الرعب حول سلمان وثريا، زوجان يقضيان ليلة مرعبة في فندق بمنطقة نائية، يطاردهما أشباح الماضي.
والفيلم الإيراني هو كذلك يحكي عن زوجين محاصرين داخل فندق في ليلة قلقة لا تنتهي أبدا.
السعودي جغرافياً في مصر والإيراني في أمريكا، والتماثل بينهما لا يخفى على أحد ، بما يطرح سؤال الاستغراب: لماذا فعل المخرج السعودي الشاب حكيم جمعة ذلك في أول تجاربه السينمائية ، لماذا أعاد تقديم قصة الفيلم الإيراني الذي أنتج من عامين فقط؟ 
لولا إشارة على التيتر للفيلم الإيراني، ولولا جواب حكيم جمعة ، بأنه تعمد أن يفعل ذلك بعد ما استفزه الفيلم الإيراني فنياً ، وأنه لا يعيد إنتاج سابق، بل يسعى لتقديم تحليل له، كحالة فنية مركبة، لواجه الفيلم السعودي اسئلة كثيرة، تعبيراً عن الشك والارتياب وربما الارتباك. 
إذن نحن أمام اختيار فني عجيب وغير متكرر، قد يرى البعض أنه ينسف السينما التقليدية ، لكنه يأتي ليكون متسقا مع روح تبحث عن مرفأ أمان، وهذا ما يؤكده الفيلم الذي يتكيء على العامل النفسي، ويبرز مشاعر الاغتراب في العلاقات وحتى في تعاطي الشخص نفسه مع ذاته.
على جانب آخر وهو جانب مهم يشير هذا الفيلم إلى حضور فكر شبابي جديد يتطلع إلى أفكار مغايرة، ويكشف أن هؤلاء الشباب غير منقطعين عن الصنيع البصري في سينمات أخرى.
على هذا الأساس اشتغل المخرج على فيلمه، بطريقة لافتة لا يظهر الرعب فيها، متمثلا في الخوف من أهوال الطبيعة، ولا يتعلق بالحروب، بل يعبر عن مخاوف داخلية ، هي مخاوف فردية نابعة من اللاوعي.
هذا يبدو واضحاً في المشهد الأخير الذي يكرر اسئلة البطل منذ البداية، سؤال المعاناة ومطاردة الماضي، وبين البداية والختام يتلاعب المخرج بالمشاهد، ويزيد من ارتباكه، ليتركه رهين حيرته أمام الحكاية بأكملها..، وليظهر صاحبها كما لو كان السينمائي المتمرد، صاحب رؤية خاصة، يعني الشريك المخالف إن جاز التعبير في سينما سعودية جديدة.
وإن كان الفيلم وافر الحظ في الدعاية، بدأ قوياً، جاذبا، ثم توهن بعد ذلك ببعض الإطالة وبطء الإيقاع، لكننا إجمالاً أمام تجربة جيدة تستحق وقفة للتأمل.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة