أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

دبلوماسية مصر المناخية

السبت، 15 أكتوبر 2022 02:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع اقتراب قمة المناخ، والتي سوف تستضيفها مدينة شرم الشيخ، في الشهر المقبل، تبدو الجهود المصرية واضحة، لتحقيق أكبر قدر من التوافق الدولي، وإنهاء حالة الانقسام التي يشهدها العالم، منذ بزوغ أزمة التغيرات المناخية، بسبب تقاعس الدول المتقدمة عن الالتزام بتقليل الانبعاثات الكربونية، من أجل تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية، بينما يبقى معسكر الدول النامية في حاجة إلى الدعم، مع تراجع الأوضاع الاقتصادية، بعد سنوات من التجريف بسبب أطماع القوى الكبرى في مواردهم، مما ساهم في تفاقم الأزمة بصورة كبيرة، مع الأزمات التي طرأت مؤخرا، وعلى رأسها الازمة الاوكرانية واندلاع الوباء، وهي الأزمات التي تركت تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي.

الخلافات طويلة المدى، بين معسكري العالم، المتقدم والنامي، كانت نقطة الانطلاق لدبلوماسية مصر المناخية، والتي عززتها استضافة القمة المرتفبة في شرم الشيخ، عبر التحرك نحو تحقيق ما يمكننا تسميته "العدالة المناخية"، والتي تعتمد مسارين متوازيين، أولهما الالتزام بتخفيض الانبعاثات، من جانب الجميع دون تفرقة، بينما يقوم الاخر على تمويل الدول المتقدمة لمشروعات "صديقة للبيئة" في الدول النامية، حتى يمكنها تحقيق التنمية الاقتصادية، على أساس منهج "الشراكة" الدولية في مواجهة الأزمات ذات الطبيعة العالمية.

مفهوم "العدالة المناخية" لا يقتصر من وجهة النظر المصرية على مجرد الالتزام بتقليص الانبعاثات، وإنما تمثل في جوهرها تعزيز لمبدأ "الشراكة" على المستوى الدولي، في مواجهة الأزمات الكبرى، بما يضمن حقوق الجميع في تحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة، بعيدا عن مفهوم "الدعم" التقليدي، الذي طالما تبنته القوى الدولية الكبرى تجاه العالم النامي، كتعويض لا يذكر مقابل سياسات التجريف التي تبنتها تجاههم لسنوات طويلة.

ولعل مبدأ "الشراكة" الدولية، فيما يتعلق بدبلوماسية مصر المناخية، يمثل امتدادا صريحا لسياساتها التي تبنتها منذ ميلاد "جمهوريتها الجديدة"، بدء من التعاون مع القوى المحيطة بها لتحقيق أكبر قدر من المصالح المشتركة، على غرار التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وهو من مصادر الطاقة النظيفة، مع كلا من قبرص واليونان، والذى تحول من مجرد تعاون ثلاثي إلى "منتدى غلز شرق المتوسط"، يضم في عضويته العديد من الدول الأخرى، وكذلك عقد الشراكات مع العديد من الدول العربية الأخرى في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تجاوز المحيط الإقليمي إلى نطاق أوسع، عبر التوغل إلى مناطق بعيدة.

وتعد التجربة التي تخوضها مصر، فيما بتعلق بمشروعاتها التنموية، أحد أهم المؤهلات التي ساهمت في تعزيز دورها على اعتبار أنها قادرة على تعميمها خاصة في محيطها النامي، وهو ما يمثل ضمانة حقيقية لمصداقية الدور المصري، وتعزيزا لدور الوساطة الذي تلعبه لدى الدول المتقدمة للمساهمة في تمويل المشروعات التنموية في الدول النامية، خاصة وأن مثل هذه المشروعات تساهم في تعزيز التنمية المستدامة، وبالتالي إنهاء اعتماد الدول الفقيرة على المنح المقدمة لهم من الخارج، خاصة مع قدرة مصر على مجابهة الأزمات الكبرى وتحقيق معدلات نمو إيجابية بشهادة كبرى المنظمات الاقتصادية في العالم، وهو ما يزيد دورها زخما وأهمية الحديث عن مبدأ الشراكة، والسعي الدؤوب نحو تعزيز مفهوم التنمية المستدامة يعكس انسجام ملموس في السياسات المصرية، بين الداخل والخارج، حيث تبقى الدولة حريصة على مراعاة البعد البيئي في مشروعاتها، ناهيك عن حرصها الشديد على تعزيز مبدأ الشراكة مع كافة الفئات المجتمعية، والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، في إطار يبدو متناسقا، يمثل وضوحا للرؤية والأهداف.

وهنا يمكننا القول بأن مسارات العدالة المناخية التي تعتمدها الدولة المصرية تمثل امتدادا لرؤيتها في الداخل، بينما تبقى تجربتها في الداخل ملهما للعديد من الشركاء الدوليين يمكنها تطبيقها بما يتناسب مع ظروفهم الداخلية، في الوقت الذي يمكن فيه تقديم الخبرات المصرية لمساعدتهم، وهو ما يساهم في تعزيز الدور المصري في المحيطين الدولي والإقليمي.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة