سما سعيد

الأذى "مش زى أكل الزبيب".. هل أساعد من يرفض المساعدة؟

الإثنين، 10 أكتوبر 2022 11:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنا فى الجامعة ذات يوم، وبعد انقضاء المحاضرات، اجتمعنا كزملاء شباب وبنات أمام مبنى الكلية لنتبادل أطراف الحديث، لنجد من بعيد شابا وفتاة، لا نعرف العلاقة بينهما، وهو ما لم يتضح فى وقتها، بدأت تعلو أصواتهما لتبدأ المشاحنات بينهما تتخذ شكلا أكثر عنفا، فإذا به يجذبها من الطرحة ويصفعها على رأسها، وقفت مع زملائى البنات مذهولة مما يحدث، ولكن عندما بدأ يتطور الأمر قرر أحد زملائى التدخل، مما أثار حفيظة بعض زملائنا الشباب ليذهبوا ويدافعوا عن الفتاة، فذهب زميلى متخذا موقفا عدوانيا من الشاب ليقتحم الشجار بينهما ويمسكه من يده ويدفعه بعيداً عن الفتاة، وزميلى الآخر يقف مع الفتاة ويسألها هل تأذت أو أصابها شيء؟، والموضوع ازداد تعقيداً عندما حاول الشاب المعتدى على الفتاة منع زملائى من التدخل، ولكن ما حسم الموقف وأصابنى بالذهول أنى وجدت الفتاة تدافع عن الشاب الذى يضربها، فى الجامعة، فى وضح النهار، أمام زملائها وطلاب الجامعة، فكيف يمكننى أن أدافع عن مظلوم وهو يدافع ويعين ظالمه على ظلمه؟ كيف يمكننى التعاطف عمن أقف بجواره فى وقت ضعفه وأجده يترك يدى الممدودة له ليتعلق بما يؤذيه؟.

 

الحقيقة أن مشاعرى متناقضة، وأعتقد أن الكثيرين سيتفقون معى فى هذه المسألة، فأنا أريد المساعدة ولكننى خذلت من قبل، وعدم ثقتى فى الضحية بتكرار ما حدث من قبل يمنعنى من عرض المساعدة من جديد، بل ويحول التعاطف لنموذج أشبه من الشعور بالشماتة، ولكنى لا أستطيع التماشى معه أو تقبله.

 

فرد الفتاة والتى قالت نصاً لزملائى: "دا ابن عمى، محدش له دعوة"، جملة وقعت على مسامعى كصاعقة، فجأة وجدت زملائى الشباب انسحبوا، لأجد أحدهم يقول "سيبوها، تستاهل اللى هيجرالها"، فى الحقيقة كنت معترضة على ما قاله، وفى نفس الوقت كنت متفقة معه تماماً فى كون أن أى شخص يتنازل عن حريته بمحض إرادته هو المسئول أولاً وأخيراً عن عواقب أفعاله، فالأذى والضرب "مش زى أكل الزبيب"، ومن يفرط في كرامته ويرضى بالهوان والضرب فعليه تحمل تبعات ذلك.

 

نعم.. إن حياتك الشخصية مرفوض التدخل فيها من أى شخص، لأنها غالباً تزيد الأمر سوءا، ولكن أحيانا يكون فيه جوانب كثيرة من الصحة، ينبغى إدراكها وفهمها جيداً، فهى غالبا ما تكون مليئة بالفرص والخبرات الحياتية لآخرين، تجاهلها تماماً هو مشكلة، والتماشى معها دون تفكير يصنع مشكلة وأزمات حقيقية أيضاً.

 

موقف الجامعة استحضرنى ونحن نجد المشكلات النسوية تنقسم إلى مؤيد للتساهل ولسير المركب كما هى حتى إذا كان بها ثقب واضح، والجزء الآخر يعلن الحرب على الطرف الثانى حتى قبل أن يفعل شيء على سبيل الاحتياط، وتتزايد المشاحنات مع كل تريند سواء بقبول الطرفين لبعضهما بالصلح واعتباره شأنا داخليا وخاصا، أو يعود التريند من جديد، ولكن هنا فى اتجاه مغاير عندما تطلب الضحية الدعم والوقوف بجانبها وحمايتها.

 

لا أعتب على أحد فى أى رد فعل يتخذه، فأصحاب الاتجاه الرافض لتلك الممارسات أصبح فى قلبه غصة وعدم تحمس للدفاع عن الضحية كما كان يفعل من قبل، وأيضاً المؤيد من حيث إنها ارتضت بهذا الأمر وهذا نتيجة طبيعية لاختيارها فـ "كل نفس بما كسبت رهينة" صدق الله العظيم، وكان رأيى أنا على الأغلب سيكون مزيجا، فأعتقد أن من يحتاج المساعدة أياً كان موقفه ينبغى الوقوف بجواره، فبعد الاعتراف بالخطأ يكون الشخص تعلم الكثير، وليس دورنا إصدار الأحكام، بل دورنا مساعدة بعضنا، وتصويب أخطائنا لبعض، وهذا الشيء الحقيقى الذى ينبغى العمل به دون سواه.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة