تعتبر مشكلة تلوث مياه الصرف الصحى غير المعالجة، من المشاكل الأزلية التى تعد من ضمن تحديات الملف البيئى فى مصر، وعلى مدار حكومات كثيرة متعاقبة لم يتم وضع حلول جذرية للقضاء على هذا الملف، وفى عهد قيادة سياسية وضعت الملف البيئى على أولويتها، تم إطلاق البرنامج القومى للاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى، المعالج فى زراعات الغابات الشجرية بالتعاون بين 6 وزارات، وهو تجربة تعكس كيف تحولت الصحراء لجنة خضراء تعج بالحياة والنشاط المثمر، فى المحافظات ذات الظهير الصحراوى، ومنها الأقصر والبحر الأحمر وأسوان، للاستفادة من المياه السوداء بعد معالجتها، لرى واستزراع غابات شجيرية تتيح فرص عمل وذات جدوى اقتصادية وبيئة عظيمة.
6 وزارات يتعاونون
ومن الجهات المشاركة فى التنفيذ منها وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، وزارة البيئة، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وزارة التنمية المحلية، وزارة الأشغال والموارد المائية، وزارة الصحة.
تحسين ظروف البيئة
وحقق برنامج الاستخدام الأمن لمياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة الغابات الخشبية فى مراحلة الحالية الكثير من الأهداف، أهمها الاستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج بزراعة الغابات، وتحسين ظروف البيئة، من حيث المناخ وزيادة التنوع الحيوى داخل هذه الغابات.
مشاريع ذات جدوى اقتصادى
واستهدف البرنامج المحافظات ذات الظهير الصحراوى، لاستصلاح وإضافة مساحات جديدة من أراضى المناطق الصحراوية وإقامة مجتمعات جديدة بجوار هذه الغابات، وبالتالى تم خلق صناعات جديدة مرتبطة بتصنيع الاخشاب، وإضافة مصادر دخل جديدة من الإنتاج الثانوى للغابات، مثل تربية دودة الحرير لتصنيع الحرير، والسيسال وإنتاج زيت البيوديزل وإنتاج نباتات الزينة، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، حماية مصادر المياه وكذلك التربة من التلوث.
إنتاج أخشاب محلية بديلة للاستيراد
كما سعى أيضا البرنامج لتوفير جزء من الأخشاب المنتجة محلياً، بدلا من الاستيراد الكامل من الخارج وبالتالى تحسين فى ميزان المدفوعات، وحماية المناطق الصحراوية والمدن الجديدة من الرياح وسفى الرمال ومقاومة التصحر، واستغلال هذه الغابات كمناطق سياحية داخلية كمتنفس لسكان المدن الجديدة.
نقل الخبرة
البرنامج القومى للاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى، المعالج فى زراعات الغابات الشجرية، يعد من المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية، وليس له آثار بيئية ضارة بل على العكس يحسن صفات البيئة مما دفع العديد من الجهات الدولية والدول العربية للمشاركة فى هذا البرنامج، ونقل الخبرة المصرية الرائدة فى هذا المجال لدولة الجزائر.
غابات الجاتروفا بالأقصر نموذج
نجحت زراعة الجاتروفا فى صعيد مصر (الأقصر) حيث نجحت الزراعة بالغابة التى تروى على مياه الصرف الصحى وذلك ضمن المشروع القومى للاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة الغابات الشجرية.
غابات لا تحتاج لتسميد عضوى
تمت زراعة الشتلات التى تم إنتاجها بالصوبة والمرباة فى أكياس من البولى ايثلين الأسود والذى يزال قبل الزراعة، فى جور صغيرة يتم الرى عقب الزراعة أما التربة فهى صحراوية رملية ومسافات الزراعة تضم 466 نبات لكل فدان أى حوالى 1260 نبات/ هكتار، وتم الرى بمياه الصرف الصحى المعالجة والتى يبلغ درجة التوصيل الكهربى (E.C) لها 1.04 مليموز/ سم و(PH) رقم الحموضة 7.47، ولا يتم أى نوع من أنواع التسميد سواء العضوى أو المعدنى أو بالرش ويكتفى بمياه الصرف الصحى المعالج.
الإثمار بعد 18 شهر ا
تفوقت الزراعات بالأقصر على نظيرها فى العديد من الدول وذلك بارتفاع معدلات النمو الخضرى ولأثمار بعد 18 شهر من زراعة الشتلات، بينما وصل ذلك فى العديد من الدول الأخرى إلى ثلاث سنوات.
18كيلو زيت وقود حيوى من الشجرة الواحدة
وقد بلغ محصول الشجرة الواحدة بعد سنتين من الزراعة 3-4 كجم ومن المتوقع زيادة المحصول بزيادة عمر الأشجار والذى يصل إلى 12-18 كجم /شجرة. كما تم إنتاج الزيت الحيوى Biodiesel من بذور الجاتروفا المنزرعة بالأقصر وتم تكريره بأحد المعامل الإنجليزية وثبت من النتائج أن مستوى إنتاج هذا الزيت الحيوى أعلى من نظيره فى البلاد الأخرى.
من أمريكا للأقصر
والموطن الأصلى للجتروفا هو أمريكا الجنوبية ومنها انتشرت الشجيرات إلى العديد من المناطق الجافة وشبه الجافة والاستوائية فى العالم. والجاتروفا Jatropha curcas شجيرة أو شجرة صغيرة تتبع العائلة Euphorbiaceae يصل ارتفاعها 7 - 10 أمتار، القلف ورقى والأفرع غليظة، الأوراق بيضية خماسية التفصيص غير مسننه طولها 8.5 سم وعريضة ولا يوجد عليها أهداب، عنق الورقة طوله حوالى 11 سم.
أما الأزهار فهى صفراء مخضرة والأسدية ملتحمة وعددها ثمانية. والثمار كبسولة طولها 2.5سم تقريبا وتحتوى على ثلاثة بذور لونها أسود (تشبه بذور الخروع لحد كبير). التزهير فى أبريل ويتم الأثمار فى مايو (تم الإزهار مرتين فى العام بالأقصر).
بلغت نسبة الزيت فى البذور 35-40 % وفق موسم النضج، وتصل نسبة الدهون المشبعة إلى 20% والغير مشبعة 79% ولا يستخدم الزيت فى الاستخدام الآدمى ولكنه يستعمل فى إنتاج الزيت الحيوى كوقود وذلك يرجع لاشتعاله دون انبعاث أبخره ملوثة للبيئة لذا يطلق عليه الزيت الصديق للبيئة كما يستخدم للإضاءة وعدة أغراض صناعية أخرى.
استخدامات شجرة الجاتروفا
وشجيرة الجاتروفا لها استخدامات متعددة فهى علاوة على إنتاجها المتميز للزيت الحيوى فهى تستخدم كسور وسياج للمزارع لحمايتها من اعتداءات الحيوانات على المحاصيل الحقلية وكذلك لها إمكانيات متميزة فى مقاومة انجراف التربة بالرياح وتعمل على تثبيت الكثبان الرملية.
زيت نباتى للسيارات
ومن المؤكد أن هذا الزيت النباتى يعتبر جزءا أساسيا لتوفير الاحتياجات الواعدة التجارية إما مفردا أو بعد خلطه مع زيت الديزل حيث يمكن استخدامه للسيارات دون تعديلات جوهرية فى التصميم.
الزيت الحيوى مطلب بيئى
وتجدر الإشارة إلى أن الزيت الحيوى Biodiesel قد أصبح من الأهمية بمكان فى دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية. وتشترط الدول الأوروبية أن يخلط بنسبة 5 - 8 % مع زيت الديزل فى الاستخدام الصناعى والسيارات كأحد الشروط البيئية فى تلك الدول مما أعطى أهمية كبيرة للتوسع فى زراعة النباتات المنتجة لهذه النوعية من الزيوت ذات العائد الاقتصادى والتصديرى المرتفع.
الجدوى الاقتصادية
وتؤكد نتائج دراسة الجدوى المالية والاقتصادية، التى وضعتها الوزراء المعنية، بأن نسبة العائد لكل جنيه تكاليف قيمة = 1.34 جنيه، ومعدل العائد الداخلى = 15.6 %، اضافة لتحويل مياه الصرف الصحى المعالجة إلى قيمة اقتصادية مضافة للناتج القومى بما يعمل على زيادة الدخل القومى، وتحسين العجز فى ميزان المدفوعات عن طريق إحلال الأخشاب المنتجة محليا محل الواردات من الأخشاب.
الجدوى الاجتماعية
وعن الفوايد الاجتماعية لهذا المشروع، فإنه المساهمة فى تشغيل شباب الخريجين وحل مشكلة البطالة بمعدل 5 فدان لكل خريج.
الجدوى البيئية
وعن تقييم الأثر البيئى للمشروع أو ما نعرفه بالجدوى البيئية، فانه يعمل تحسين صفات الهواء وتقليل التلوث، التخلص من المياه بطريقة آمنة بما يقلل من التلوث، إضافة لإنتاجه كميات كبيرة من الاكسجين لتقليل حجم الانبعاثات الكربونية ويعد أحد حلول الحد والتكيف مع آثار التغيرات المناخية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة