أصدرت الدائرة المدنية "ب" – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ في غاية الأهمية بشأن صدور صدر حكمين عن ذات الموضوع متناقضين، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية قالت فيه: "تناقض حكمين وعرض النزاع لمرة ثالثة على قاضى أخر يكون أثره عدم جواز التصدي للفصل في النزاع مجدداً، ويكون مؤداه الالتزام بحجية الحكم الأول وعدم الاعتداد بالثاني".
ملحوظة: الحكم تصدر للإجابة على السؤال ماذا لو صدر حكمين عن ذات الموضوع متناقضين ولم يلحظ الحكم الثانى سبق صدور حكم فى ذات الموضوع، فأيهما يحوز الحجية ويقبل التنفيذ دون الآخر؟
الوقائع.. نزاع حول قطعة أرض
إذ كان البين من الأوراق أن الحكم المدفوع بحجيته قد قضى برفض طلبات المطعون ضدهما بإلزام الطاعنين بتسليم أرض ومبانى الفندق محل التداعى وعقدى البيع، والتعويض تأسيساً على ثبوت ركن الخطأ في جانبهما بشأن هذين العقدين، وإذ صدر هذا القضاء لاحقاً ومناقضاً للحكم الصادر في الدعوى رقم... لسنة 1995 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية والمردده بين الخصوم أنفسهم وعن ذات الموضوع والذى خلُص إلى أن الطاعنين هم من أخلوا بتنفيذ التزاماتهم المترتبة على العقود الثلاثة، فإنه يكون منعدماً لا حجية له، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن الدفع المبدى من الطاعنين في هذا الخصوص، ويكون النعى عليه بهذا السبب " بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع لالتفاته عن دفعهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها" على غير أساس.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن تناقض حكمين وعُرض النزاع لمرة ثالثة على قاض أخر فلا يجوز له إتقاءً لتأبيد الخصومات أن يتصدى للفصل في النزاع مجدداً، بل عليه أن ينفذ الحكم الأول وحده ويلتزم بحجيته ولا يعتد بالتالي، كما أن صدور حكم سابق نهائياً حائزاً قوة الأمر المقضي يكون مقتضاه سلب سلطة أية محكمة في إعادة نظر النزاع لتعلقه بالنظام العام، أما تجاوز المحكمة حدود سلطتها وتصديها لنظر النزاع وقضاءها على خلاف الحكم السابق يكون أثره صدور حكمها في خصومة انتهى محلها وسببها مفتقداً لأحد أركانه الأساسية وهو صدوره من قاضى له ولاية الفصل في خصومة مستكملة المقومات أطرافاً ومحلاً وسبباً وفقاً للقانون، مؤداه فقده لكيانه وصفته كحكم وينحدر به إلى درجة الانعدام.
تناقض حكمين وعرض النزاع لمرة ثالثة على قاضى آخر أثره عدم جواز التصدي للفصل في النزاع
ووفقا لـ"المحكمة" - إن مبدأ حجية الأحكام القضائية هو أحد المبادئ الأساسية التى يقوم عليها النظام القضائي وقد حرص المشُرع على الالتزام بهذا المبدأ الذى قوامه قرينه الصحة في الأحكام القضائية، وهى ليست قرينه حتمية، فما أعوز القضاة للعصمة بيد أن المشرع أطلقها رعاية لحسن سير العدالة وإتقاءً لتأبيد الخصومات وتجنباً لتضارب الأحكام القضائية بما يخل بالثقة العامة في أحكام القضاء، وفى سبيل ذلك وإدراكاً له فقد حال المشرع في المادة "101" من قانون الإثبات بين صدور قضاء جديد مخالف لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضى عن ذات الحق وبين الخصوم أنفسهم .
وبحسب "المحكمة" - كما استهدف الحيلوله دون استقرار أى قضاء جديد يصدر بالمخالفة لحجية حكم سابق بأن أجاز في المادة 249 من قانون المرافعات الطعن بالنقض لهذا السبب على أى حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته، بما مفاده أنه يترتب على صدور حكم سابق نهائي وحائز على قوة الأمر المقضي إنكار لسلطة أيه محكمة بعد ذلك في إعادة نظر النزاع لتعلق ذلك بالنظام العام ، فإذا ما تجاوزت المحكمة حدود سلطتها وتصدت لنظر النزاع وقضت فيه على خلاف الحكم السابق فإن حكمها يكون صادراً في خصومه قد انتهى محلها وسببها، مفتقداً بذلك لأحد أركانه الأساسية التي قوامها صدوره من قاضى له ولاية الفصل في خصومة مستكمله المقومات أطرافاً ومحلاً وسبباً وفقاً للقانون، بما يجرده من مقومات صحته ويفقده كيانه وصفته لحكم ويطيح بما له من حصانة وينحدر به إلى درجة الانعدام .
الأمر يتعلق بتعارض حجية حكمين صادرين من جهة قضائية واحدة وليس جهتين مختلفتين "كالقضاء العادي وقضاء مجلس الدولة" فهذا الفرض الأخير مناط اختصاصه اعمال نص المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية التي تنص على:
أولا:
الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح.
ثانيا:
الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رقعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل احداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.
ثالثا:
الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من اية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والأخر من جهة أخرى منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة