تشهد البلاد خلال شهر يناير الجارى موجة من الصقيع سيطرت على أغلب الأنحاء، وتزامناً مع بداية فصل الشتاء، اطلق مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية حملة دعوية توعوية تحت عنوان "مسائل الشتاء" بالتزامن مع فصل الشتاء، وتضم مجموعة من الفتاوى والإرشادات الفقهية، والآداب والأذكار المتعلقة بالبرد والمطر.
وتهدف الحملة إلى بيان عدد من المسائل والمفاهيم الفقهية والدعوية التى تهم المسلم فى فصل الشتاء، وكيفية استثمار أوقاته فى العبادة، ومعرفة أوجه يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها، ومن أهم تلك المسائل:
المسح على الخفين
- فى أيام الشتاء الباردة يمكن للمسلم إذا ارتدى خُفَّين أن يمسح على رجليه فى الوضوء بدل غَسلهما.
- إذا أراد المسلم المسح على خُفَّين فى الوضوء عليه مراعاة الشروط الآتية:
- أن يرتدى خفَّيه بعد وضوء كامل، غَسل فيه رجليه إلى الكعبين.
- أن يكون الخفَّان طاهرين خاليين من النجاسة.
- أن يكونا مُباحين فلا يصح المسح على خفٍّ مسروق أو مصنوع من حرير للرجل مثلًا.
- أن يكونا ساترين لمحل الفرض، أي: لا بد أن يُغطيا الكعبين، وعليه؛ فإن ارتدى المسلم خُفًّا قصيرًا لا يُغطى عظمة قدمه البارزة لم يصح المسح عليه.
- أن يكونا سميكين لا يوصلان الماء إلى بشرة جلد القدمين.
▪️يُلحق بالخفين ما اتصف بصفتهما، وتوافرت فيه شروط المسح المذكورة، مثل: الجورب السميك، وحذاء «البوت» ونحوه.
▪️إذا كان الجورب أو الحذاء قصيرًا لا يغطى موضع الوضوء من القدم؛ فلا يجوز المسح عليه.
▪️إذا أراد المسلم المسح على الخفين أصاب من الماء بيديه، ثم مسح بيده اليمنى ظاهر قدمه اليمنى، من الأصابع إلى الساق مرة واحدة، دون أن يمسح على باطنها أو عقبها، ثم فعل بيده اليسرى على قدمه اليسرى مثل ذلك.
▪️للمقيم (أى غير المُسافر) أن يمسح على خفيه يومًا بليلة، ويبدأ حساب المدة من أول حدث بعد الوضوء الذى غسل فيه رجليه، وينتهى فى الميعاد نفسه من اليوم التالى.
▪️يرخص للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام بلياليهن، وتبدأ مدة المسح من أول حدث إلى الميعاد نفسه من اليوم الرابع، فقد «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ».
▪️يبطل المسح إذا تمت مدته المحددة شرعًا، أو إذا أصابت المسلمَ جنابة مُوجِبة للغسل.
▪️لا يُنقض الوضوء بنزع الخفين أو الحذاء الممسوح عليهما -على المُفتى به-، لكن لا يجوز لبسه والمسح عليه مرة أخرى إلا بعد غَسل القدمين؛ لأن نزعه يبطل المسح لا الوضوء.
إغلاق أجهزة التدفئة عند النوم فى الشتاء من سُبل الأمان والسَّلامة وحفظ الأنفس والأموال
حثَّ رسول الله ﷺ على صيانة الأنفس والأموال والممتلكات من خطر الاحتراق؛ فقال ﷺ: «لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِى بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ».
ويدخل فى النهى عن ترك النار موقدة عند النوم، غلق كل ما يخشى منه خطر الاحتراق، كأجهزة التدفئة الكهربائية، أو أجهزة تسخين المياه، ونحوها، وإن لم تكن هذه الأجهزة من جنس النار؛ قال الإمام النووى رحمه الله: (هَذَا -أى الحديث- عَامٌّ تَدْخُلُ فِيهِ نَارُ السِّرَاجِ، وَغَيْرُهَا، وَأَمَّا الْقَنَادِيلُ الْمُعَلَّقَةُ فِى الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ خِيفَ حَرِيقٌ بِسَبَبِهَا دَخَلَتْ فِى الْأَمْرِ بِالْإِطْفَاءِ).
وعَنْ أَبِى مُوسَى رَضِى اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِى ﷺ، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِى عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»
الطهارة فى شدة البرد
▪الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، وقد بين سيدنا النبى ﷺ فضل إسباغ الوضوء على المكاره، أي: المواضع التى يكره المرء إيصال الماء إليها؛ لشدة البرد مثلًا؛ فيقول ﷺ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إلى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».
▪لا يجوز التيمم مع القدرة على استعمال الماء؛ وإن كان باردًا، إلا إذا خيف وقوع الضرر عند استخدامه، وتعذر تسخينه، فيباح التيمم للضرورة التى تُقدَّر بقدرها، كما فعل سيدنا عمرو بن العاص رضى الله عنه، وأقره سيدنا النبى ﷺ على ذلك.
▪يجب غَسل الرأس فى الغُسل الواجب بإيصال الماء لفروته، وهذا عام للرجال والنساء، دون اشتراط فك المرأة لضفائرها فيه.
▪لا يجزئ المسح على أكمام الذراعين الضيقة عند الوضوء، بل تجب إسالة الماء على اليدين إلى المرفقين.
▪لا حرج فى تسخين الماء البارد؛ ليسهل استعماله فى الوضوء؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
▪لا حرج فى تجفيف مواضع الوضوء بعد غسلها، خاصة عند شدة البرد.
▪من يسر الشريعة الإسلامية أن شرعت مسح شعر الرأس فى الوضوء لا غَسله، لطول بقاء أثر الماء على الشعر بخلاف باقى الأعضاء.
▪مع وجوب مسح الرأس فى الوضوء؛ لم يشترط جمهور الفقهاء مسحه بالكلية؛ بل يجزئ الوضوء عندهم بمسح جزء من الرأس، كما يجوز استكمال المسح على عمامةٍ أو خمارٍ بعد مسح جزء من الرأس على المفتى به.
▪مما رخَّص فيه الشرع الشريف المسح على الخفين وما شابههما عند الوضوء؛ تخفيفًا على المكلفين، بشروط وضوابط، وقفنا معها فى منشور سابق يمكن الرجوع إليه لتمام الفائدة.
الصلاة فى الثوب الذى أصابه طين المطر
طهارة ثوب المُصلِّى من شروط صلاته التى لا تصح إلا بها.
الأصل فى ماء المطر، والطين الناتج عنه هو الطهارة، ما لم يختلط بهما ما ينجسهما، والصلاة فى الثوب المصاب بهما صحيحة.
إذا اختلط بالطين شيء نجس له عين ظاهرة، وأصاب الثوب؛ وجب غَسله لتصح صلاة المسلم فيه.
إذا لم تظهر عين النجاسة، أو كانت يسيرة لا يستطيع المسلم التحرز عنها، أو كان مشكوكًا فى وجودها، فإنه يُعفى عنها، ولا تؤثر فى طهارة الثَّوب.
جاءت الشَّريعة الإسلامية بالتيسير على المُكلَّفين فى كل ما يشقّ عليهم؛ خاصَّة فيما يغلب حُدوثه وتكراره، ويصعب التّحرّز عنه؛ قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}. [الحج: 78]
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة