الاعتراف بالاستقلال نقطة انطلاقة في صداقة الشعبين
170 شركة كورية داخل مصر توفر استثمارات ضخمة بـ800 مليون دولار
تطوير المترو والسكك الحديدية ومصنع التكرير في مسطرد أبرز مجالات الشراكة
التبادل التجاري ارتفع لـ2.1 مليار دولار في 2021 .. وتوقعات بالمزيد خلال زيارة الرئيس الكوري
لطالما اتسمت العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية بالقوة والتميز لاسيما وإن مصر رغم بعدها الجغرافى كانت موقع "إعلان القاهرة" الذي منح الاسقلال لكوريا في 27 نوفمبر 1943، لتبدأ العلاقات الرسمية بين البلدين باعتراف مصر رسميا باستقلال كوريا الجنوبية عام 1948.
ومنذ عام 1961 عندما اتفقت البلدان علي إقامة علاقات قنصلية بينهما، حيث افتتحت جمهورية كوريا قنصليتها العامة في القاهرة في عام 1962، وافتتحت مصر كذلك قنصليتها العامة في العاصمة الكورية سول في عام 1991، ثم اتفق البلدان في عام 1995 علي جدارة ترقية العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى سفارة، شهدت العلاقات الثنائية تطورا مستمرا فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.
لكن شهدت العلاقات الثنائية طفرة بعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى كوريا الجنوبية عام 2016، حيث اتفق القادة على رفع العلاقات إلى مرتبة الشراكة الاستراتيجية الشاملة فى كافة مجالات التعاون.
وبحثا الجانبان تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات وتشجيع الاستثمارات الكوريّة في مصر وخاصة في المشروعات القومية الجديدة وعلي رأسها مشروع محور تنمية قناة السويس، والقضايا الإقليمية في منطقتي الشرق الأوسط وشرق اسيا والتعاون المشترك في جهود مكافحة الاٍرهاب.
وشهد الرئيس السيسى والرئيسة الكورية الجنوبية توقيع 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم تضمنت اتفاق إطاري لتنظيم إتاحة القروض الكورية لمصر بالتعاون بين وزارة التعاون الدولى والصندوق الكوري للتعاون الاقتصادي والتنموى.
وتضمنت الاتفاقية الثانية الترتيبات الخاصة بمشروع تطوير نظم الإشارات بين نجع حمادي والأقصر، والثالثة الترتيبات الخاصة بإنشاء الكلية المصرية الكورية للتكنولوجيا، والرابعة مذكرة تفاهم للتعاون المشترك بين وزارة التعليم العالي المصرية ووزارة التعليم الكورية، والخامسة مذكرة تفاهم للتعاون المشترك بين وزارة العدل المصرية ووزارة العدل الكورية، والسادسة مذكرة تفاهم في مجالات التجارة والصناعة بين وزارة التجارة والصناعة المصرية ونظيرتها الكورية، والسابعة مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشروع تطوير ميناء الإسكندرية.
أما المذكرة الثامنة، كانت القرض بين هيئة سكك حديد مصر وبنك التصدير والاستيراد الكورى، والتاسعة مذكرة تفاهم بين بنك الإستيراد والتصدير الكوري والحكومة المصرية بشأن إتاحة حزمة تمويلية لمصر بقيمة 3 مليار دولار.
وتوجت الشراكة باختيار سيول للقاهرة الشريك الاستراتيجى لخطط التعاون الإنمائى لدولة كوريا الجنوبية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للفترة 2021/2025.
وحول ذلك، قال سفير كوريا الجنوبية بالقاهرة، هونج جين ووك، إن مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تم اختيارها لتكون ضمن هذه القائمة في ضوء ما تتمتع به مصر من إمكانات كبيرة وقوى عاملة قادرة من الشباب، فضلاً عن كون مصر بالفعل مركزا استراتيجيا للشركات الكورية في أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
ولتعزيز العلاقات الثنائية، يزور الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه إن مصراليوم، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن المتوقع أن يبحث مون جيه إن والرئيس المصري سبل زيادة تطوير الشراكة التعاونية الشاملة بين البلدين.
وتعد هذه الزيارة هى الزيارة الأولى منذ 16 عاما، حيث قام الرئيس الكوري السابق رو موو هيون بزيارة إلي مصر فى مارس 2006 وكان لها دور في إعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين، حيث شهدت تلك الزيارة توقيع ثماني مذكرات تفاهم وبروتوكولات تهدف إلي تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات .
وسيحضر الرئيس منتدى أعمال حيث سيناقش سبل تعزيز التعاون في الأعمال الصديقة للبيئة.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة بارك كيونج مي إن زيارة مون جيه إن للمنطقة حيث يزور الإمارات والسعودية ومصر من المتوقع أن تعزز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والبناء والبنية التحتية بالإضافة إلى الصحة العامة والعلوم والهيدروجين. وسيعود مون إلى الوطن في 22 يناير.
ومن بين أبرز المحطات فى التعاون الكورى المصرى:
الاستثمارات الكورية في مصر
ووفقا للسفير الكورى بالقاهرة، هونج جين ووك يوجد نحو 170 شركة كورية عاملة فى مصر، منها 33 شركة كبرى تغطى مجموعة واسعة من القطاعات منها الإلكترونيات كشركة سامسونج وإل جى، والنقل والطاقة والمنسوجات كـ Seong-An وUlhwa والبناء والخدمات والسيارات، تعمل على توفير فرص عمل لأكثر من 4500 شخص. ويبلغ حجم الاستثمارات الكورية فى مصر حوالى 800 مليون دولار.
ومن بين الاستثمارات الكورية فى مصر التعاون فى تنفيذ المشروعات الكبرى مثل تطوير مترو الأنفاق والسكك الحديدية ومصنع التكرير فى مسطرد، علاوة على صناعات الإلكترونيات والمنسوجات التى يتم تصدير منتجاتها للخارج. وأكد السفير الكورى بالقاهرة وجود فرصة واعدة لكوريا ومصر للعمل معا لربط آسيا وإفريقيا وربما أوروبا من خلال الاستفادة من الاستثمار فى مصر كمركز للصادرات الكورية.
حجم التبادل التجارى
وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين في ٢٠١٩ إلى ١.٨ مليار دولار بينما وصل في عام ٢٠٢٠ إلى ١.٥ مليار دولار نظرا لظروف وباء كورونا. ولكن في ٢٠٢١ خلال الفترة من شهر يناير إلى نوفمبر فشهد زيادة سنوية كبيرة حيث وصل حجم التبادل التجاري إلى ٢.١ مليار دولار، وفقا للسفارة الكورية الجنوبية بالقاهرة.
وزادت الصادرات الكورية لمصر كما حدث العكس وزادت الصادرات المصرية لكوريا، فى مؤشر على عمق العلاقات.
التعاون الثقافى
ولتعزيز العلاقات الثنائية فى المجال الثقافى، أنشأت كوريا الجنوبية المركز الثقافى الكوري فى ٢٩ اكتوبر 2014 والذى يعد الأول من نوعه فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
ويعمل المركز كنافذة لتعزيز التبادل الثقافى بين مصر وكوريا من خلال تقديم الثقافة الكورية للشعب المصرى وتعريف الكوريين بالثقافة المصرية وينظم المركز دورات مجانية لتعليم اللغة الكورية ومعارض للفرق الفنية ومعارض للكتب والفنون وتعليم فنون المطبخ الكورى ورياضة التايكوندو.
التعليم
تحرص كل من مصر وكوريا الجنوبية تدعيم أواصر التعاون لتعزيز العلاقات التاريخية والتطورات الإيجابية بين البلدين، وفى ضوء ذلك، تم إنشاء الكلية المصرية الكورية لتكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة بني سويف التكنولوجية.
وتتبادل البلدين في مجال التعليم المنح ، حيث تمنح مصر كل عام منح لتعليم اللغة العربية تابعة لوزارة التعليم العالي ، ومنح للعلوم الإسلامية من جامعة الأزهر لمسلمي كوريا ، بالإضافة إلى منح للمشاركة في البرامج التدريبية التي يقيمها المركز الدولي للزراعة التابع لوزارة الزراعة المصرية. ومن جانبها توفر الحكومة الكورية عددا من المنح لتعليم اللغة الكورية وعدد آخر للحصول على درجة الماجستير في الإدارة والعلاقات الدولية (من خلال الوكالة الكورية للتعاون الدولي – KOICA).
التمويلات الخضراء والرقمنة
من محاور التعاون كذلك في ضوء إعلان الحكومة الكورية اختيار مصر شريكًا استراتيجيًا لخطط التعاون الإنمائي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التعاون فى مجال التكنولوجيا والتمويلات الخضراء لاسيما مع اتجاه مصر نحو الاقتصاد الأخضر واستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP27.
وخلال زيارة الرئيس الكورى الجنوبى لمصر ستمثل هذه القضية أولوية فى المباحثات حيث يحضر منتدى حول الصناعات الخضراء لبحث سبل تعزيز التعاون فى هذا المجال.
التعاون السياحي
تحمل مصر أهمية خاصة للسياح من كوريا الجنوبية نظرا لحضارتها العريقة وتاريخها الطويل، حيث يفضل السياح زيارة المناطق الأثرية كالأهرامات والأقصر وأسوان.
وفى عام 2019، تم البدء فى تشغيل 25 رحلة طيران مباشر بين مصر وكوريا لأول مرة منذ سنوات.
وأشاد سفير كوريا الجنوبية في القاهرة هونج جين ووك، بجهود الحكومة لاستعادة صناعة السياحة وبصفة خاصة ما يتصل بتطوير البنية التحتية والتدابير الوقائية ضد وباء كورونا، مؤكدا أنه سيسعى جاهدا لتشجيع السياحة الكورية الوافدة لمصر. وشدد على أن الحضارة المصرية القديمة تحظى بمكانة رفيعة وشغف كبير من جانب الشعب الكورى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة