دينا شرف الدين

" تجار البشر "

الجمعة، 14 يناير 2022 09:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ظاهرتا التحرش والتنمر بالبشر فاقتا الحدود، فما هما إلا انعكاس لحالة المجتمع الأخلاقية وخرجت عن كل قواعد الأخلاق والدين والتقاليد والأعراف التى لم يعد الكثير يعرف عنها إلا القليل. فطالما نعلم وتعلمنا أنه كلما ارتقت الأخلاق بمجتمع زادت درجة رقيه وتحضره والعكس صحيح، فلم يمر يوم على قضية بسنت ضحية التنمر التى ما زلنا ننتظر القصاص العادل لما وقع عليها من ظلم جراء تفشى ظاهرة التنمر والابتزاز والتلفيق ببيئة اجتماعية تجردت من مشاعر الرحمة والإنسانية، وتجلت بها القسوة فى أبهى صورها، ما دفع بفتاة صغيرة للانتحار كالسبيل الوحيد للخلاص من جحيم حياة لا ترحم، حتى وقعت حادثة تنمر وتحرش إلكترونى وفقاً لموضة العصر بالمدرسة التى فقدت أسرتها وطلقها زوجها وفقدت وظيفتها لمجرد أنها مارست سلوكاً طبيعياً مألوفاً بمثل هذه المناسبات الخاصة كالرحلات، محاولة الاستمتاع بالرحلة المدرسية وسط الزملاء والتلاميذ بعفوية دون أدنى سلوك مشين أو تجاوز يستدعى ما تعرضت له من عقاب أسرى ومجتمعى شديد القسوة، أبعد ما يكون عن العدل لمجرد أن صورها أحدهم ونشر مقطعا لها ترقص برحلتها التى أودت بحياتها ومستقبلها كما لو كانت ارتكبت أبشع الجرائم وأقام عليها الحد مجتمع ظالم لا يرحم.

وأخيرا ولعله يكون آخرا..

هذا الذئب البشرى المريض المحسوب على فئة رجال الأعمال وطبقة الأثرياء، والذى اتخذ من فعل الخير ظاهرة وارتكب الفاحشة بباطنه، فتجرد من كل مشاعر الرحمة والشفقة ناهيك عن الأخلاق التى لم تكن يوماً باهتماماته، ليصبح نموذجاً جلياً للشذوذ والمرض النفسى، فيبحث بملذات الحياة التى اغترف منها حتى الامتلاء الذى يصاحبه الملل عن متعة مفقودة لا تحققها له متع الدنيا الطبيعية، ليؤسس ملاجئ للأيتام يجمع بهم كمّا من الفتيات ويعتبرهن ملك يمينه، فيقضى يومين أو ثلاثه بغرفته بهذا الملجأ ليتحرش بهن ويهددهن ويعيث فساداً بمكان من المفترض أنه للخير، لكنه بحقيقة الأمر "خير يراد به شر".

نهاية..

فما نعلم عنه بعد أن أصبح معلن أقل كثيراً عن ما ليس لنا به علم وما زال بعلم الله، فلا سبيل لتطهير المجتمع من هذه الموبيقات التى غرق بها إلا بإحياء الأخلاق من جديد، وتعليمها للأجيال الجديدة التى لا تعلم عنها الكثير بالمدارس والجامعات ووسائل الإعلام والأعمال الدرامية والخطابات الدينية كما تعلمناها وتعلمها من سبقونا بهذه المنابر المختلفة وبشكل طبيعى تشكل بها وعينا وتفتحت مداركنا وتغذت أسماعنا وأبصارنا وأذواقنا بكل ما هو طيب وجميل بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، وما نال من المجتمع بعقدين أو ثلاثة من فساد ذوقى وتدنى خلقى ودينى وتعليمى وفنى يستلزم تكثيف الجهود وتكاتف كافة المنابر المؤثرة بخطة شاملة هدفها الأوحد هو إعادة إحياء الأخلاق والارتقاء بالأذواق والاعتدال الدينى والتطور التعليمى، لعلنا ننجو ببلادنا من عدو أكثر شراسة من الإرهاب وهو التجرد من الإنسانية وانعدام الأخلاق.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة