هل سمعت عن الحارث بن سعيد المتنبئ الكذاب؟.. ما يقوله التراث الإسلامى

الأربعاء، 08 سبتمبر 2021 05:00 م
هل سمعت عن الحارث بن سعيد المتنبئ الكذاب؟.. ما يقوله التراث الإسلامى كتاب البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مدى التاريخ الإسلامى ظهر أكثر من شخص ادعى النبوة كان منهم "الحارث بن سعيد" وذلك فى سنة 79 هجرية، فما الذى يقوله التراث الإسلامي؟

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير "ثم دخلت سنة تسع وسبعين":

فيها قتل عبد الملك بن مروان الحارث بن سعيد المتنبئ الكذاب، ويقال له الحارث بن عبد الرحمن بن سعيد الدمشقى، مولى أبى الجلاس العبدري، ويقال مولى الحكم بن مروان، كان أصله من الجولة فنزل دمشق وتعبد بها وتنسك وتزهد ثم مكر به ورجع القهرى على عقبيه، وانسلخ من آيات الله تعالى، وفارق حزب الله المفلحين، واتبع الشيطان فكان من الغاوين، ولم يزل الشيطان يزج فى قفاه حتى أخسره دينه ودنياه، وأخزاه وأشقاه، فإنا لله وحسبنا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال أبو بكر بن أبى خيثمة، ثنا عبد الوهاب نجدة الجولي، حدثنا محمد بن مبارك، ثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن حسان، قال: كان الحارث الكذاب من أهل دمشق، وكان مولى لأبى الجلاس، وكان له أب بالجولة، فعرض له إبليس، وكان رجلا متعبدا زاهدا لو لبس جبة من ذهب لرؤيت عليه الزهادة والعبادة، وكان إذا أخذ بالتحميد لم يسمع السامعون مثل تحميده ولا أحسن من كلامه، فكتب إلى أبيه وكان بالجولة: يا أبتاه أعجل على فإنى قد رأيت أشياء أتخوف أن يكون الشيطان قد عرض لى، قال فزاده أبوه غيَّا على غيه، فكتب إليه أبوه: يا بنى أقبل على ما أمرت به فإن الله تعالى يقول: "هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ " [الشعراء: 221 - 222] ولست بأفاك ولا أثيم، فامض لما أمرت به، وكان يجيء إلى أهل المسجد رجلا رجلا، فيذاكرهم أمره ويأخذ عليهم العهد والميثاق إن هو يرى ما يرضى وإلا كتم عليه.
 
قال: وكان يريهم الأعاجيب، كان يأتى إلى رخامة فى المسجد فينقرها بيده فتسبح تسبيحا بليغا حتى يضج من ذلك الحاضرون.
 
قلت: وقد سمعت شيخنا العلامة أبا العباس بن تيمية رحمه الله يقول: كان ينقر هذه الرخامة الحمراء التى فى المقصورة فتسبح، وكان زنديقا.
 
قال ابن أبى خيثمة فى روايته وكان الحارث يطعمهم فاكهة الشتاء فى الصيف، وفاكهة الصيف فى الشتاء، وكان يقول لهم: اخرجوا حتى أريكم الملائكة، فيخرج بهم إلى دير المراق فيريهم رجالا على خيل فيتبعه على ذلك بشر كثير، وفشا أمره فى المسجد وكثر أصحابه وأتباعه، حتى وصل الأمر إلى القاسم بن مخيمرة، قال فعرض على القاسم أمره وأخذ عليه العهد إن هو رضى أمر قبله، وإن كرهه كتم عليه، قال فقال له: إنى نبى.
 
فقال القاسم: كذبت يا عدو الله، ما أنت نبى، وفى رواية ولكنك أحد الكذابين الدجالين الذين أخبر عنهم رسول الله ﷺ: "إن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثون دجالون كذابون كلهم يزعم أنه نبى" وأنت أحدهم ولا عهد لك، ثم قام فخرج إلى أبى إدريس - وكان على القضاء بدمشق - فأعلمه بما سمع من الحارث فقال أبو إدريس نعرفه، ثم أعلم أبو إدريس عبد الملك بذلك، وفى رواية أخرى أن مكحولا وعبد الله بن زائدة دخلا على الحارث فدعاهما إلى نبوته فكذباه وردا عليه ما قال، ودخلا على عبد الملك فأعلماه بأمره، فتطلبه عبد الملك طلبا حثيثا، واختفى الحارث وصار إلى دار بيت المقدس يدعو إلى نفسه سرا واهتم عبد الملك بشأنه حتى ركب إلى النصرية فنزلها فورد عليه هناك رجل من أهل النصرية ممن كان يدخل على الحارث وهو ببيت المقدس فأعلمه بأمره وأين هو، وسأل من عبد الملك أن يبعث معه بطائفة من الجند الأتراك ليحتاط عليه، فأرسل معه طائفة وكتب إلى نائب القدس ليكون فى طاعة هذا الرجل ويفعل ما يأمره به، فلما وصل الرجل إلى النصرية ببيت المقدس بمن معه، انتدب نائب القدس لخدمته فأمره أن يجمع ما يقدر عليه من الشموع ويجعل مع كل رجل شمعته، فإذا أمرهم بإشعالها فى الليل أشعلوها كلهم فى سائر الطرق والأزقة حتى لا يخفى أمره، وذهب الرجل بنفسه فدخل الدار التى فيها الحارث فقال لبوابة: استأذن على نبى الله، فقال: فى هذه الساعة لا يؤذن عليه حتى يصبح، فصاح النصرى أسرجوا، فأشعل الناس شموعهم حتى صار الليل كأنه النهار، وهمَّ النصرى على الحارث فاختفى منه فى سرب هناك فقال أصحابه هيهات يريدون أن يصلوا إلى نبى الله، إنه قد رفع إلى السماء، قال فأدخل النصرى يده فى ذلك السرب فإذا بثوبه فاجتره فأخرجه، ثم قال للفرعانين من أتراك الخليفة قال: فأخذوه فقيدوه، فيقال: إن القيود والجامعة سقطت من عنقه مرارا ويعيدونها وجعل يقول: { قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِى وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَى رَبِّى إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } [سبأ: 50] وقال لأولئك الأتراك: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّى اللَّهُ } [المؤمن: 28] فقالوا له بلسانهم ولغتهم: هذا كراننا فهات كرانك، أى هذا قرآننا فهات قرآنك، فلما انتهوا به إلى عبد الملك أمر بصلبه على خشبة وأمر رجلا فطعنه بحربة فانثنت فى ضلع من أضلاعه، فقال له عبد الملك: ويحك أذكرت اسم الله حين طعنته؟
 
فقال: نسيت، فقال: ويحك سم الله ثم اطعنه، قال: فذكر اسم الله ثم طعنه فأنفذه، وقد كان عبد الملك حبسه قبل صلبه وأمر رجالا من أهل الفقه والعلم أن يعظوه ويعلموه أن هذا الذى به من الشيطان، فأبى أن يقبل منهم فصلبه بعد ذلك وهذا من تمام العدل والدين.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة