"قاهر الصمت".. أول مبرمج كمبيوتر من ضعاف السمع يتحدى الظروف ويتخرج من الهندسة

الخميس، 30 سبتمبر 2021 10:00 ص
"قاهر الصمت".. أول مبرمج كمبيوتر من ضعاف السمع يتحدى الظروف ويتخرج من الهندسة المهندس عبد الرحمن الوكيل
حسام الشقويرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"أنا المهندس عبد الرحمن الوكيل، مبرمج كمبيوتر بإحدى شركات نظم المعلومات"، بهذه الكلمات استقبلني عبد الرحمن، على باب مكتبه، التى خرجت من فمه ببعض الصعوبة، والتى بدت طبيعية بالنسبة له، لتصل الى مسامعى مفهومة وواضحة، ليعلن عن نفسه وقدراته، وتحديه لما أصابه منذ صغره، ولم يكن مسئولا عنه حتى أصبح بعده من ضعاف السمع وافقده القدرة على النطق ، ولكنه لم يستسلم لهذه الدائرة من الصمت، بل قهرها ليصل الى هذه المرتبة من النجاح والتفوق حتى على أقرانه الأسوياء، ومن خلفه البطل الحقيقى، والداعم الأكبر لهذه المعجزة الام الدكتورة "حنان".
 
وبداخل احدى المكاتب جلسنا سويا أمام احدى شاشات الكمبيوتر، ليبدأ حوارنا والذى أكد فيه انه يستطيع معرفة ما اريده من استفسارات، عن طريق قراءة الشفاه التي يجيدها منذ الصغر، ويستطيع الرد عن طريق نطقه للكلمات من مخارج الحروف التي تدرب عليها فى جلسات التخاطب، ليعبر عما يريد دون الحاجة لاستخدام لغة الإشارة، وبمزيد من التركيز بين طرفينا نستطيع التواصل بشكل طبيعى.
 
وعن بداية خطواته نحو عالم الأسوياء، قال عبد الرحمن : أنا الابن الأصغر في ترتيب أسرتى المكونة من أبى وأمى، وأخى الذين ساندونى كى أصل لهذه المرحلة من النجاح، وعن بداياتىأ تسببت إصابتي بالحمى شوكية في سن مبكرة من طفولتى عند عمر 3 سنوات، من فقدان السمع وتبعه النطق، والحمد لله وشاء القدير أن ينعم على بأمي التي رفضت أن أظل أسير لعالم الصمت، والحقتنى بمدرسة متخصصة للصم الذين يتلقون تعليم خاص من خلال التدريب على التخاطب والاعتماد على تعلم لغة الشفاه، لتسهيل مهمة الاندماج مع المجتمع الخارجى بشكل طبيعى بعيدا عن حلقة الصمت التي تعتمد على لغة الإشارة ، مما يفقد ضعاف السمع الكثير من أدوات التواصل مع الاخرين ويجعلهم في جزر منعزلة.
 
وأضاف أن تلك المرحلة استمرت من الروضة، وحتى المرحلة الإعدادية مع مزيد من الدروس الخاصة على ايدى معلمين مهرة والكثير من جلسات التخاطب ، لتنمية جهاز النطق وتدريبه على اخراج الأصوات ومن ثم الكلمات ، وبعد حصولى على الإعدادية بمجموع كبير يؤهلنى للمرحلة الثانوية العامة واجهت الكثير من الصعوبات ، لعدم وجود مدرسة نوعية للصم في هذه المرحلة حيث يتم الاكتفاء بتعليمهم في احدى المدارس الفنية للصم والبكم والتخرج بمستوى التعليم المهنى ويتوقف عندها التعليم ، وبعد مجهود كبير لإقناع المسئولين بالمدارس الثانوية العامة بانطباق جميع الشروط عليه بدءا من المجموع ، وانه لا يوجد ما يدعوا لمنعى من استمرار دراستى في هذه المرحلة ، استطعت الالتحاق بإحدى المدارس.
 
 
 
 
وقال : كانت بداية التحدى كبير للحصول على مجموع يؤهلنى لدخول كلية الهندسة خاصة ، وإنني عاشق للمواد التكنولوجية والرياضيات وحصلت على دورات في الكمبيوتر وخضت الكثير من المسابقات في مجال الروبوتات والتكنولوجية، مما أهلني بالفعل لحصول على مجموع تعدى ال90% ، واستطعت اللحاق بإحدى كليات الهندسة وتخصصت في البرمجة ، ولم يكن من اليسير ان انتهى من دراسة الهندسة وبتقدير ممتاز من غير جهد وتعب كبير ، حيث كنت احضر المحاضرات واقوم بتسجيل كافة المعلومات واقوم بمذاكرتها مرات ومرات، حتى تمكنت من اعداد مشروع التخرج الذى قمت بإعداده من اجل الصم ، وهو جهاز ترجمة من لغة الإشارة الى حروف وكلمات لمزيد من التواصل ، وادماج ضعاف السمع في المجتمع. 
 
وبعد تخرجى عام  2015، تقدمت بسيرتى الذاتية لأكثر من شركة نظم معلومات للحصول على عمل كمبرمج، وقمت بخوض عدة اختبارات والتحقت بالتدريب لمدة 3 شهور بعد اختيارى للعمل، ضمن فريق الشركة التى تعمل لصالح إحدى الشركات العالمية، الأمر الذى مهد لى بالانتقال لمرحلة أخرى، وهى الزواج لتستمر مسيرتى بشكل طبيعى. 
 
وعن طلباته لدعم ضعاف السمع أكد عبد الرحمن على ضرورة أن يكون هناك مدارس متخصصة لتعليم الصم، والتي تعتمد على التخاطب ولغة الشفاه، بجانب مدارس الصم والبكم التي تعتمد على لغة الإشارة، حيث لا يوجد في الإسكندرية ومصر بكاملها سوى مدرسة الصم التي التحق بها في مرحلة الروضة والاعدادية وإمكانية إقامة مدرسة ثانوية عامة في نفس التخصص ، وإتاحة الفرصة للجميع من ضعاف السمع باستكمال دراستهم وصولا الى المرحلة الجامعية ، كما دعا لمزيد من المبادرات للتعريف بضعاف السمع ودمجهم في المجتمع ومحاربتها للتنمر بضعاف السمع وغيرهم من الاعاقات .
 
ومن دائرة العمل أكد عمرو المكى، صاحب إحدى شركات البرمجة ونظم المعلومات، والتى قامت بتعيين المهندس عبد الرحمن ضمن فريق عملها، أن عبد الرحمن يمتلك الكثير من المهارات التى ساعدته لكى يحصل على مكانه كمبرمج بالشركة، حيث اجتاز جميع الاختبارات المؤهلة للعمل، ولم يكن هناك أى اعتراض عليه لكونه من ضعاف السمع، وذلك بسبب قدرته على التواصل مع الجميع بشكل جيد عن طريق قراءته للغة الشفاه وإجادته للنطق، وتم الاعتماد عليه في كثير من مشروعات الشركة من خلال تخصصه كمبرمج نابغة.
 
 
ولم يكن الأمر باليسير على طبيبة متخصصة، أن تفاجأ بتشخيص خاطئ لطفلها على لأثر اصابته بمرض الحمى الشوكية، الذى تسبب في فقدانه لحاسة السمع والتي تبعها فقدانه للنطق في سن 3 سنوات، لتبدأ معه رحلة مبكرة نقلته خلالها من عالم الصم والبكم الى عالم الاسوياء هكذا تحدث لسان حال الدكتورة حنان والدة المهندس عبد الرحمن والتي حملت نبرة حديثها الكثير من التحدى والقوة والفخر بما وصلت اليه مع ابنها .
 
وقالت كانت اصابته بفقدان السمع، بمثابة صمة كبيرة لى ولوالده، خاصة بعد تشخيص خاطئ في البداية، ولكننى أصررت على دمجه في المجتمع، وقبلت التحدى حتى لا يعيش في جزيرة منعزلة، وقمت بتغيير تخصصى من أخصائية أمراض نساء إلى أخصائية نفسى وعصبى للوقوف بجانبه، وكانت البداية بجلسات التخاطب والحاقه بإحدى مدارس الصم الخاصة التي تقوم بتدريب ضعاف السمع على قراءة لغة الشفاه، وبمزيد من جلسات تنمية المهارات والتدريب على مناحى الحياة المختلفة، لم يشعر عبد الرحمن أنه أقل من الآخرين، ليواصل نجاحاته فى التعليم وصولا بالمرحلة الجامعية، وبمساعدة أخيه ووالده حتى اصبح احد المبرمجين بشركة كبيرة لنظم المعلومات وتزوج حديثا من شريكة حياته.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة