حياة المصريين.. آداب وثقافة فى الحضارة المصرية القديمة

الأحد، 26 سبتمبر 2021 03:00 م
حياة المصريين.. آداب وثقافة فى الحضارة المصرية القديمة لوحة مصرية قديمة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نتابع سلسلة "حياة المصريين"، حيث نكمل ما يقوله ول ديورانت فى موسوعته الشهيرة "قصة الحضارة" عن مصر وحضاراتها، ونتوقف اليوم مع الآداب فى الحضارة المصرية القديمة.

يقول ول ديورانت فى الموسوعة:

إن معظم ما بقى من آداب مصر القديمة مدون بالكتابة الهيراطية، وهذا القدر الباقى قليل لا يغنى، ولهذا فإننا لا نستطيع الحكم على الأدب المصرى القديم إلا من هذه البقايا القديمة وهو حكم أعمى للمصادفة فيه النصيب الأوفر. 

 

ولعل الزمان قد عدا على أعظم شاعر فى مصر، ولم يبق إلا شعراء البلاد، وقد كان للمصريين دور كتب وخزنة عليها، فقد كتب على قبر موظف كبير فى الأسرة الرابعة " كاتب دار الكتب ولسنا نعرف أكانت هذه الدار البدائية مستودعاً للأدب، المصرى القديم هو "نصوص الأهرام" وهى موضوعات دينية ورعة منقوشة على جدران خمسة من أهرام الأسرتين الخامسة والسادسة.
 
وقد وصلت إلينا مكتبات يرجع تاريخها إلى عام 2000 ق.م وتحوى برديات مطوية ومحفوظة فى جرار معنوية ومصفوفة على رفوف (145). 
 
وعثر فى إحدى هذه الجرار على أقدم صورة من صور قصة السندباد البحري، أو لعلنا نكون أقرب إلى الحقيقة إذ أسميناها أقدم صورة من صور قصة رُبنسن كروزو.
 
وهذه القصة "قصة الملاح الذى حطمت سفينته" قطعة من ترجمة ذاتية لحياة ملاح تفيض حياة وشعوراً. 
ويقول هذا الملاح القديم فى أحد سطورها قولا يذكرنا بقول دانتى: "ما أعظم سرور من يقص ما وقع له حين ينجو من كارثة حلت به!". 
 
يقول هذا الملاح فى مطلع هذه القصة: "سأقص عليك شيئا حدث لى حين يمت شطر مناجم الملك ونزلت البحر فى سفينة طولها مائة وثمانون قدما وعرضها ستون، وفيها مائة وعشرون من صفوة الملاحين المصريين، خبيرين بمعالم الأرض والسماء، وقلوبهم أشد بأسا.. من قلوب الآساد، يتنبأون بأعاصير البحر وعواصف البر قبل أن تثور.
 
وهبت علينا عاصفة ونحن لا نزال فى البحر، ودفعتنا الرياح حتى كنا نطير أمامها، وثارت موجة علوها ثمان أذرع، ثم تحطمت السفينة، ولم ينج أحد ممن كان فيها، وألقت بى موجة من أمواج البحر فى جزيرة، قضيت فيها ثلاثة أيام بمفردى لا رفيق لى إلا قلبي، أنام تحت شجرة وأعانق الظلال، ثم مددت قدمى أبحث عما أستطيع أن أضعه فى فمي، فوجدت أشجار التين والكروم وجميع صنوف الكُرّات الجميل، وكان فيها سمك ودجاج ولم يكن ينقصها شيء قط، وبعد أن صنعت لنفسى جهازاً أوقد به النار أشعلتها وقربت للآلهة قرباناً مشويا"، وتروى قصة أخرى مغامرات سنوحي، وهو موظف عام فرّ من مصر على أثر وفاة أمنمحيت الأول، وأخذ يتنقل من بلد إلى بلد فى الشرق الأدنى، وحظى فيها بضروب من النعيم والشرف، ولكنه رغم هذا لم يطق صبراً على ما حلّ به من آلام الوحدة والحنين إلى وطنه، وبرح به الألم آخر الأمر حتى ترك ثروته وعاد إلى مصر وقاسى فى طريقه إليها كثيرا من الشدائد والأهوال. وقد جاء فيها:
"ألا أيها الإله، أيا كنت، يا من قدّرت على هذا الفرار، أعِدْنى إلى البيت (أى الملك). ولعلك تسمح لى أن أرى الموضع الذى يقيم فيه قلبي.
 
وأى شيء أعظم من أن تدفن جثتى فى الأرض التى ولدت فيها؟ أعنّى على أمري! وليصبنى الخير، وليرحمنى اللّه!".
 
ثم نراه بعدئذ وقد عاد إلى وطنه، متعبا من طول السفر فى الصحراء، يخشى أن ينتهره الملك لطول غيابه عن بلد يراه أهله- كما يرى الناس بلادهم فى سائر الأزمان- البلد المتحضر الوحيد فى العالم. ولكن الملك يعفو عنه ويحسن استقباله ويحبوه بكل أنواع العطور والأدهان:
 
"وأقمت فى بيت أحد أبناء الملك، حيث توجد أفخر ضروب الأثاث، وكان فيه حمام....وزالت عن جسمى آثار السنين الطوال؛ وقص شعري، ومشط، وطرح فى الصحراء حمل (من الأقذار؟) وأعطيت الملابس (القذرة) لروّاد الرمال. وجيء لى بأرق الملابس الكتانية وعطّر جسمى بأحسن الزيوت".






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة