بيشوى رمزى

التجربة العراقية والانفتاح على المنطقة

الخميس، 16 سبتمبر 2021 10:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعم دولى كبير باتت تشهده العراق، في الأشهر القليلة الماضية، بعد سنوات التوتر والفوضى، التي هيمنت على البلاد،مع  الانفتاح على كافة المكونات الإقليمية، والذى يمثل نقطة مهمة في تاريخ المنطقة، حيث نجحت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى فى العودة إلى المحيط العربى، بينما احتفظت بالحوار مع القوى الإقليمية الأخرى، لتتحقق معادلة تبدو صعبة للغاية، ساهم في إنجاحها العديد من المتغيرات الدولية، وعلى رأسها المخاوف الكبيرة من عودة "شبح" تنظيم داعش الإرهابى، خاصة بعد القرار الأمريكي بالانسحاب، وما قد يترتب عليه من حالة من الفراغ، وهو الأمر الذى يضع الأطراف المتصارعة في المنطقة في نقطة لقاء مهمة، تقوم في الأساس على فكرة التهديد الذى يمثله مثل هذا التطور، وتداعيات ذلك على الأمن الداخلى لدول الجوار العراقى، سواء كانت عربية أو غير عربية، وبالتالي كان وأد "الكابوس" المحتمل قبل مولده نقطة انطلاق مهمة، يمكن البناء عليها في المستقبل.
 
و تبقى مرونة الدول العربية في التعاطى مع المستجدات الدولية، أهم المتغيرات التي ساهمت في تعزيز التجربة العراقية، حيث لعبت دورا رئيسيا فى دعم بغداد، سواء على المستوى الفردى، وهو ما يتضح في حرص القوى العربية الرئيسية، وعلى رأسها مصر، على التواصل مع الحكومة العراقية، عبر تحالف ثلاثى، بمشاركة الأردن، أو على المستوى الجمعى، عبر بوابة جامعة الدول العربية، التي حرص أمينها العام أحمد أبو الغيط، على القيام بثلاثة زيارات لبغداد في غضون شهور معدودة، مما يعكس الأولوية التي تحظى بها "بلاد الرافدين"، في أجندة الدبلوماسية العربية.
 
ولم تقتصر مرونة العرب على دعم بغداد، فرديا وجماعيا، وإنما امتدت إلى تشجيع انفتاحه على جميع الأطراف، ومن بينهم القوى الإقليمية المنافسة، إلى الحد الذى دفع العرب إلى الجلوس على مائدة الحوار معهم، عبر مؤتمر بغداد، والتي شاركت فيه العديد من الدول العربية، بالإضافة إلى الجامعة العربية، في "سابقة" إقليمية مهمة وتاريخية، تمثل انعكاسا صريحا لرؤية جديدة، باتت تهيمن على المنطقة، تقوم في الأساس على حماية الأمن والاستقرار، وربما تفتح الباب أمام تحويل الصراع إلى تعاون فيما يتعلق بالعديد من القضايا المحورية الهامة، التي قد يشهدها الشرق الأوسط في المستقبل القريب.
 
وهنا تصبح التجربة العراقية، بمثابة نموذجا مهما يمكن البناء عليه، في المستقبل، للتعامل مع العديد من الملفات الإقليمية العالقة، والتي تحتاج إلى إرادة حقيقية من أطراف اللعبة، سواء فى الداخل، أو على المستوى الإقليمى، لتحقيق تقدم ملموس، وتحقيق مصلحة الدول، والمنطقة بأسرها، على غرار الوضع في لبنان، والذى يمثل أحد أهم نقاظ الاستقطاب الإقليمى، في الشرق الأوسط، وكذلك الوضع في اليمن، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني، والذى تحتاج فيه طهران دعما عربيا، في مواجهة الغرب، خاصة وأن غياب مباركة الدول العربية في اتفاق طهران مع القوى الدولية الكبرى، ساهم إلى حد كبير في إفشاله بعد ذلك خلال حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
 
وبالتالي فإن تعميم التجربة العراقية صار ضرورة للجميع، سواء كانوا من العرب أو غيرهم، في ظل ما أبدته مختلف القوى في المنطقة من المرونة والحنكة في التعامل مع المشهد المتغير في بغداد، ليكون بمثابة نقطة الانطلاق للبناء عليها في المستقبل، إذا أراد الجميع تحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم الذى يعانى من الاضطرابات لعقود طويلة من الزمن.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة