الدكتور عمرو حسن يكتب :قضية السكان .. سيناريوهات الحل

الأحد، 12 سبتمبر 2021 04:25 م
الدكتور عمرو حسن يكتب :قضية السكان .. سيناريوهات الحل الدكتور عمرو حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكاد لا يخلو لقاء مع الرئيس السيسي إلا والمشكلة السكانية محور أساسي في حديثه، فنجده مرارًا وتكرارًا يشدد على أهمية ضبط معدل الزيادة السكانية وتنظيم الإنجاب في مصر، حتى أنه قال مرة: إن مشكلة الزيادة السكانية لا تقل خطرًا عن الإرهاب، ومرة أخري علق قائلًا: "تنظيم الإنجاب في مصر بيسَمع في موضوعات كبيرة وتحدي في موضوعات كثيرة وتساءل: "يا ترى محتاجين نستمر بالنمو السكاني بالطريقة دي؟".
 
وعندما يهتم رئيس الجمهورية بالحديث عن مشكلة معينة، تتبارى الأقلام وتركز وسائل الإعلام والبرامج التليفزيونية في تناول الموضوع وإلقاء الضوء عليه وطرح الاستراتيجيات والحلول، إما من وجهة نظر صاحب القلم، أو المذيع، أو من وجهة نظر الخبراء في هذا الملف؛ وهذا ما حدث مؤخرًا بعد تناول الرئيس ملف الزيادة السكانية في عدة لقاءات، ولعل ما لفت نظري في هذا الشأن اتجاه عدد من الإعلاميين المتميزين بالمطالبة بوزارة للسكان من جديد أو بفصل تبعية المجلس القومي للسكان عن أي وزارة، ويكون مستقلًا له شخصيته الاعتبارية. 
 
والحقيقة أن ضبط الإطار المؤسسي لملف السكان وحوكمته، أصبح ضرورة ملحة لا رفاهية واختيار، حتى يمكن تحقيق استدامة الجهود السكانية في مصر، إذ يستطيع الإطار المؤسسي الفعال تنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بالمشكلة السكانية، بما يضمن عدم تغير السياسة السكانية المتبعة بتغير الحكومة من ناحية، وعدم إهدار الموارد الناتج عن تضارب المصالح وتعارض الجهود من ناحية أخرى.
وعندما أتحدث عن الإطار المؤسسي، أتذكر تاريخ إنشاء المجلس، كيف بدأ وإلى أين صار، ففي عام ١٩٨٥ صدر القرار الجمهوري رقم ١٩ بإنشاء المجلس القومي للسكان برئاسة السيد رئيس الجمهورية ليكون مسئولًا عن مواجهة المشكلة السكانية، وكان أول مقرر للمجلس هو أ.د ماهر مهران أستاذ النساء والتوليد والعقم بجامعة عين شمس رحمه الله، والدكتور ماهر مهران كان فارس ومهندس تنظيم الأسرة ومقرر المجلس القومي للسكان ووزير السكان السابق الذى لايختلف اثنان على أننا إن ذكرنا مشكلة السكان فلابد أن نذكره لجهده المتواصل ونجاحه الذى لا ينكره أحد في إدارة هذا الملف. 
فقد كانت التجربة الأبرز في إدارة ملف البرنامج السكاني، كانت في الفترة من (١٩٨٦-١٩٩٦)، التي تولى خلالها الدكتور ماهر مهران، حيث توفرت لديه عوامل كثيرة للنجاح، على رأس تلك الأسباب أن المجلس القومي للسكان آنذاك كان برئاسة رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى عوامل ( الاستقلال / الاستقرار / القوة ).
 
 فقد توافرت للمجلس القوة بتوافر الإرادة السياسة والتمويل اللازم، سواء من خلال المانحين أو الموازنة العامة للدولة، وتوافر له الاستقلال لأنه كان جهة منفصلة لا تتبع أي وزارة في الدولة وتوافر له الاستقرار؛ لأن قيادته متمثلة في الدكتور ماهر مهران واستمر في منصبه حوالى ١٦ عامًا.. مما كان له عظيم الأثر في تحقيق نتائج قوية على صعيد المؤشرات الإنجابية.
 
وبمجرد انتقال تبعية المجلس القومي للسكان إلى وزير الصحة والسكان في عام 2002، بدأ يتباطأ الإنجاز المتحقق في جميع المؤشرات السكانية بشكل ملحوظ.
 
إن ما ذكرته في بداية هذا المقال هو توطئة لهذا التصور الذي أرجو أن يقرأه متخذ القرار السياسي، لعل فيه ما ينير الطريق نحو اتخاذ قرار حاسم نحو هذا الملف الهام، لنبدأ بداية جديدة في معالجته بالتزامن مع مرحلة الجمهورية الجديدة التي أسستها ثورة 30 يونيو وقادها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
 
ومن هنا نبدأ طرح للسيناريوهات المقترحة لضبط الإطار العام للشكل المؤسسي الأمثل لملف السكان والتنمية في مصر بناءً على متابعة ورصد وقراءة لتاريخ السياسات السكانية خلال السنوات الماضية، وعلى المؤشرات والنتائج المحققة على أرض الواقع في هذا الملف الهام.
 
لنبدأ من التصور الأول لشكل الإطار المؤسسي: والذي أراه أنه الأمثل لتحقيق نتائج إيجابية وسريعة في مواجهة المشكلة السكانية، وهو أن يتم تشكيل المجلس القومي للسكان والتنمية، بحيث يكون تابع لرئاسة الجمهورية، ويرأسه رئيس وأعضاء ممثلين من الوزرات المعنية وشخصيات عامة وتكون مدة رئاسة المجلس 4 سنوات قابلة للتجديد، وكان هذا هو الإطار المؤسسي للمجلس عند إنشائه في عام 1985، وقد تحققت أفضل النتائج من خلال هذا الإطار المؤسسي حيث كان يضمن استقلالية الملف وحوكمته.
 
أما التصور الثاني: فهو استحداث منصب نائب رئيس الوزراء للسكان والتنمية ويكون مسؤول عن ملف السكان والتنمية، وهذا التصور لم يطبق من قبل ولكن الميزة في هذا التصور أنه يمنح المجلس صلاحيات واسعة وقدرة على الإشراف على الوزارات المعنية.
 
أما التصور الثالث: لشكل الإطار المؤسسي هو استحداث منصب وزير الدولة للسكان والتنمية، وقد تم تطبيق هذا السيناريو 3 مرات، الأولى كان د/ ماهر مهران في الفترة 1993 – 1995، أما الثانية فكانت د/ مشيرة خطاب 2009 – 2011، أما المرة الثالثة فكانت د/ هالة يوسف 2015 وهو سيناريو مقبول.  
 
 ونرى أن هناك فرصة ذهبية في مصر لاقتحام جاد لهذه المشكلة، خاصة أن السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي منذ توليه وهو يضع مشكلة الزيادة السكانية في مصر نصب عينيه وقد ألقى الضوء مرارًا وتكرارًا على ضرورة حل هذه المشكلة المزمنة، وعنده طموح كبير وهدف واضح وهو خفض معدل الزيادة السنوية إلى ٤٠٠ ألف سنويًا، وهو حلم كبير لو تحقق سيساهم في حل الكثير من مشاكل مصر. 
 
وكما منحت الأمم المتحدة جائزتها للسكان للقيادة السياسية المصرية في عام 1994 تقديرًا لها، ليس ببعيد أن نكرر النجاح والتكريم تارة أخرى.
 
المقرر السابق للمجلس القومي للسكان






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة