أكرم القصاص - علا الشافعي

حياة المصريين.. مصر تنقسم على نفسها والغرباء يحتلونها

الأحد، 15 أغسطس 2021 03:00 م
حياة المصريين.. مصر تنقسم على نفسها والغرباء يحتلونها موسوعة مصر القديمة الجزء التاسع
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نتابع سلسلة "حياة المصريين" ونتوقف مع موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات سليم حسن، ونطلع على الجزء التاسع  الذى يأتى بعنوان "نهاية الأسرة الواحدة والعشرين وحكم دولة اللوبيين لمصر".

ويقول سليم حسن فى التمهيد:

وصل بنا المطاف فى "الجزء الثامن من تاريخ أرض الكنانة" إلى فترة حاسمة أخذت بعدها البلاد تتجه وجهة أخرى غير التى كانت عليها أكثر من نحو خمسة وعشرين قرنًا من الزمان، فقد فقدت البلاد وحدتها الداخلية بانتهاء أسرة الرعامسة الضعفاء حوالى عام ١٠٨٥ق.م، ثم انقلبت إلى حالتها الأولى من الانقسام قبل أن تتوحد على يد بطلها الأول "مينا" فمصر المتحدة أصبحت مصر الشمالية أو الوجه البحرى وعاصمتها "تانيس"، ومصر العليا أو الوجه القبلى وعاصمتها "طيبة"، وكانت حكومة الوجه البحرى حكومة سياسية تسيطر على كل البلاد المصرية من جميع أقطارها، ولكنها سيطرة اسمية، كما كانت حكومة الجنوب حكومة دينية تدين لها مختلف بقاع الوجه القبلى بالزعامة الدينية المعقودة لطيبة، وكان أمراؤها يحكمون باسم الإله وأوامره وما يوحى به إليهم، ولم يكن لهم من الأمر شيء ظاهر إلا تنفيذ أحكام إلههم "آمون" — ملك الآلهة — التى كان يصدرها بالوحى فى صوره المختلفة، وقد ظلت الحال فى البلاد على هذا المنوال طوال عهد الأسرة الواحدة والعشرين كما فصلنا القول فى ذلك فى "الجزء الثامن" من هذا المؤلَّف.
 
وفى تلك الفترة من تاريخ البلاد — التى مُزِّقتْ فيها وحدتها على أيدى أبنائها أنفسهم — كان ملوك "تانيس" يستعينون على قضاء مآربهم وتنفيذ أغراضهم بالجنود المرتزقة الأجانب الذين كانوا قد وطدوا أقدامهم فى داخل البلاد باحتلال المناصب العالية والتدخل فى شئون إدارة البلاد اجتماعيًّا وحربيًّا منذ أوائل الأسرة العشرين، وذلك عندما أخذ ملوك الرعامسة يُكثرون من استخدام جنود لوبيا الأشداء البطش، ولا غرابة فى أن يصير لهم هذا الشأن؛ فقد اشتبك معهم المصريون فى مواقع حربية جبارة عَجَمُوا فيها عُودهم، وخبروا قوتهم؛ ولذلك ألَّفوا منهم فرقًا عديدة وضعوها فى العاصمة وفى أمهات المدن المصرية حامياتٍ لحفظ النظام وقمع الثورات التى كانت تهب من وقت لآخر، ولم تلبث هذه الحاميات أن تَكَاثَرَ عددها واشتد بأسها وأصبح رؤساؤها هم المسيطرون على أهم المدن وأعظمها خطرًا من الناحيتين الإدارية، والسياسية، فكسر ذلك من شوكة ملوك "تانيس" وأمراء طيبة شيئًا فشيئًا إلى أن أصبح ملوك "تانيس" لا حول لهم ولا قوة، كما أصبح أمراء طيبة فى خوف ووجل من سلطان طوائف الجنود اللوبيين المرتزقة وتزايد قوتهم فى مختلف جهات القطر.
 
ولم يمضِ طويل زمن حتى وجدنا أحد كبار رجال اللوبيين يعتلى عرش الكنانة ويلبس التاج الأبيض والتاج الأحمر إيذانًا بأنه صار ملك مصر الموحدة ثانية.
 
وهذا الأمير الكبير الذى أصبح ملك مصر هو "شيشنق الأول" فاتحة ملوك الأسرة الثانية والعشرين، ومؤسس الدولة اللوبية فى مصر حوالى عام ٩٥٠ق.م.
 
وملوك هذه الأسرة كانوا فى ظاهرهم أجانب، غير أنهم قد تمصروا بمكثهم فى البلاد أجيالًا عديدة، ومَثَلُ ملوك هذه الدولة اللوبية كمَثَلِ ملوك المماليك من نواحٍ كثيرة؛ فقد دخلوا كالمماليك لخدمة المَلِك والاشتراك معه فى شن الحروب على أعداء مصر، ولكن بعد أن قَوِى سلطانهم واستولوا على كثير من مرافق البلاد وانتشروا فى جهات متفرقة من المملكة أخذوا يعملون فى الخفاء على إضعاف المَلِك وسحب السلطة منه شيئًا فشيئًا إلى أن حان الوقت، وقفزوا إلى عرش المُلك دون كبير عناء، أو عنيف مقاومة.
وقد دلت الوثائق التاريخية التى فى متناولنا على أن أسرة "شيشنق" هذا كانت تقطن مصر منذ ثلاثة عشر جيلًا فى "أهناسية" المدينة التى اتخذوها موطنًا ومعقلًا لهم، وقد توارث حكم مقاطعة هذه المدينة هؤلاء الأمراء اللوبيون الذين يُنسبون إلى قبيلة "المشوش" صاحبة الكلمة النافذة فى عهد الأسرة العشرين فى بلاد لوبية.
وكان لأمراء مقاطعة «أهناسية المدينة» شأن يذكر فى عهد الأسرة الواحدة والعشرين، كما تدل على ذلك الوثائق التى وصلت إلينا عنها؛ فقد كانت فروعها منتشرة فى أنحاء البلاد وبخاصة "منف" فقد ظهر أن أصل الكهنة العظام للإله "بتاح" فى هذه العاصمة القديمة من قبيلة "المشوش"، ولهم صلة رحم "بشيشنق الأول" وقد دلت الآثار فيما بعد على أنه عند فتح "بيعنخى الكوشى" للبلاد المصرية وتوحيد كلمتها كرَّة أخرى فى عهد الأسرة الخامسة والعشرين أن كان كل الأمراء حكامُ المقاطعات من أصل لوبى يلبسون على رءوسهم الريشة التى كانت تعد شعارهم الخاص، وهنا نجد نقطة تشابه بينهم وبين المماليك عندما تولى "محمد على" ملك مصر؛ إذ كانت كل مديريات القطر فى قبضة حكام من المماليك. فإذا كانت الحالة على هذا الوضع عندما تولى «شيشنق الأول» مقاليد الأمور فى مصر، فإنه لم يكن أمامه صعوبات أو عقبات يجتازها ليصل بعدها إلى اعتلاء عرش الفراعنة
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة