أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: 145 سنة أهرام كيف تصمد الصحافة فى عصر الموبايل؟.. ظهور مواقع التواصل الاجتماعى ضاعف التحديات.. والشائعات تنافس الأخبار بتدفق يربك عمل الصحافة التقليدية والرقمية.. ووسائل التمويل التحدى الأكبر

الأربعاء، 11 أغسطس 2021 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثلما كانت جريدة الأهرام شاهدا على تطور شكل ومضمون الصحافة منذ القرن التاسع عشر، لا تزال الأهرام ومعها الصحافة المختلفة تستمر وتشهد المزيد من التحولات التى تؤثر على شكل الصحافة والإعلام، مثلما تؤثر على السياسة والطب، بل إنه حتى التليفزيون والإذاعة يضطران لتغيير أشكال ومضامين ما يقدمانه حتى يتناسب مع الموبايل والكاميرا، الأدوات التى فرضت نفسها فى عصر الإنترنت.
 
هناك أجيال عاصرت زمنا كان الناس فيه يحرصون على شراء الأهرام والصحف اليومية صباحا، ليعرفوا ما جرى من أخبار، فى صحف تطبع مساءً، وهى عادات بقيت على مدى أكثر من قرن، لكنها الآن مجرد نوع من النوستالجيا والحنين للماضى، بينما تغير الصحف شكلها وتتخلى عن أوراقها لصالح أشكال وقوالب جديدة افتراضية، تحمل مضمونا مختلفا يتغير فيه شكل ومضمون الخبر، وتعانى أجيال عاشت عصر ازدهار الصحافة، من منافسة موبايل بحجم الكف يجعل العالم كله على شاشة لا تتجاوز نصف الكف.
 
صمدت الصحافة على مدى قرون حتى واجهت منافسين مختلفين فى القرن العشرين، منذ اخترع يوهان جوتنبرج المطبعة عام 1440، بدأ العالم عصرا جديدا، لكن الصحافة ظهرت منذ بداية القرن السابع عشر بين أعوام 1610-1700 وكانت قد اتخذت وجودها فى أوروبا والولايات المتحدة، وفى مصر ظهرت الوقائع المصرية عام 1828، بأمر محمد على، واقتصرت على الأخبار الرسمية، وتطورت على مدى عقود قبل أن يتوالى ظهور الصحف.
 
وها هى «الأهرام» أنهت 145 عاما، وعبرت الكثير من التحديات والتحولات التكنولوجية والعلمية التى هددت الصحافة، إلى أن تخلت صحف صدرت قبل نصف قرن عن طبعاتها التقليدية الورقية، لتصدر افتراضيا على الشاشات، ربما يبقى المحتوى هو نفسه مع تغيير يناسب الأزمة الجديدة، لكن الصحيفة الورقية تظل مجالا للحنين، ومن المفارقات أن تحتفل الأهرام ببلوغها 145 عاما، بينما اختفت الطبعات الورقية من صحف المساء أو الصحف المسائية، وسط جدل لا ينتهي، هناك من يدافع عنها حزنا، من دون أن يقدم تصورا للإبقاء على صحيفة تخسر فى طبعتها الورقية، وتسعى للبقاء رقميا على شبكة الإنترنت. 
 
تواجه الصحافة أكبر التحديات والتحولات، بعد أن صمدت وفازت فى وجود منافسين أكثر انتشارا، ظهرت الإذاعة بعد فترة من صدور الصحف التى تربعت على عرش الأخبار لعقود، غيرت الإذاعة من شكل ومضمون الخبر وقصرت المسافة بين البشر فى بلد واحد وعبر العالم.
 
عندما ظهرت الإذاعة انشغل المفكرون والصحف بمصير الصحافة، وأعلنوا أن الإذاعة ربما تسحب البساط من تحت أقدام الصحافة، لكن الواقع كان عكسيا فقد ساهمت الإذاعة فى زيادة انتشار الصحف، لأنها اعتمدت على نفس مصادر الأخبار من الصحف، وبدأت ظاهرة الصحفيين الذين يعملون ويقدمون برامج فى الإذاعة، وهو ما ضاعف من توزيع الصحف بين من يقرأون، بل إن الأميين عرفوا أسماء ومضامين الصحف من الإذاعة التى ابتكرت برامج تقوم على إعادة إذاعة الأخبار من الصحف، وظلت القراءة والكتابة هى مادة العمل فى الصحافة مثلها فى الإذاعة.
 
ولما ظهر التليفزيون تجددت المناقشات والمخاوف من أن تؤثر الشاشات المرئية والمسموعة على القراءة، لكن ما جرى عند ظهور التليفزيون أنه ضاعف هو الآخر من توزيع الصحف، وكانت الصحافة أساسا للبرامج الإخبارية، والكتاب فى الصحف أصبحوا نجوم وضيوف هذه البرامج، بل إنه فى وقت الحوادث والحروب ارتفعت مشاهدات التليفزيون ومعها توزيع الصحف، وتعددت الفضائيات والأقمار الصناعية من دون تأثير على الصحف، لكن التحدى الأكبر للصحافة جاء مع ظهور شبكة الإنترنت، حيث بدأت التوقعات تتحدث عن تراجع أشكال الصحافة التقليدية الورقية وتقديم أشكال جديدة من الصحافة الإلكترونية ثم الرقمية التى غيرت من شكل الخبر وفترة صلاحيته لتصبح دقائق وساعات بدلا من أيام أو ساعات مع الصحافة التقليدية والورقية.
 
وأدى ظهور مواقع التواصل الاجتماعى إلى تضاعف تحديات تواجه الصحافة التقليدية أو حتى الرقمية التى وجدت نفسها فى ظل منافس بلا قواعد ولا تمويل، ونافست الشائعات الأخبار وظهرت أشكال من النشر تربك عمل الصحافة، بل إن نوعية الأخبار والتقارير والقصص الإخبارية المطلوبة أصبحت هى الأقرب للنميمة والتسلية بجانب مواقع التواصل «فيس بوك وتويتر ويوتيوب ثم سناب شات وتيك توك وإنستجرام» التى تجذب الأفراد وتمنحهم تأثيرا مليونيا، وغيرت مواقع التواصل من ترتيب الأولويات وزمن وشكل ومضمون الخبر، وتجاورت النميمة والشائعة مما يضاعف من أعباء الصحافة، خاصة أن مواقع التواصل حرمت الصحافة من أهم أدوات ووسائل التمويل وهى الإعلان، وكل هذه التحديات موجودة فى عالم يتغير بسرعة وتتقلب أحواله وأمزجة قرائه، وبينما صمدت الأهرام 145 عاما، تظل نموذجا يعطى أملا لصحافة ما زالت قادرة على البقاء والمنافسة مع تغيير فى الشكل وبعض المضمون.








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة