أمريكا والإجهاض.. الحرية الحائرة أمام قتل الأجنة.. انقسام تاريخى بين الجمهوريين والديمقراطيين.. قانون قبل نصف قرن يفشل فى حل الأزمة.. و"صندوق الملاذ الآمن" ورقة بعض الولايات للتخلى عن حديثى الولادة بدل إجهاضهم

الأحد، 25 يوليو 2021 05:00 ص
أمريكا والإجهاض.. الحرية الحائرة أمام قتل الأجنة.. انقسام تاريخى بين الجمهوريين والديمقراطيين.. قانون قبل نصف قرن يفشل فى حل الأزمة.. و"صندوق الملاذ الآمن" ورقة بعض الولايات للتخلى عن حديثى الولادة بدل إجهاضهم مظاهرات مؤيدة للاجهاض
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انقسام طال لعقود، وخلاف لم ينجح حتى حكم تاريخى للمحكمة العليا فى إنهائه. فبعد ما يقرب من 50 عاما على قرار الحق فى الإجهاض، لا تزال تلك القضية و"الحق" محل نقاش ساخن دائم فى الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يصبح أكثر جدلا خلال الفترة القادمة ليس فقط على الساحة السياسية، ولكن على الجانب المجتمعى بعدما أسفرت عن ظاهرة غير إنسانية فى بعض الولايات بوضع الأطفال المواليد غير المرغوب فيهم بصناديق عامة.

فى عام 1973، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية قرارها فى القضية المعروفة باسم"رو ضد ويد"، والذى قضى بحق المرأة دون قيود فى الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة من الحمل. بعدما اضطرت سيدة أمريكية للإدعاء كذبا بأنها تعرضت للاغتصاب حتى تتمكن من الإجهاض، نظرا لأن قوانين ولاية تكساس كانت تحظر التخلص من الجنين إلا فى ظروف محددة.

بموجب قرار "رو"، قسمت المحكمة حمل المرأة إلى ثلاثة مراحل، الأولى منها فى الأشهر الثلاثة الأولى، حيث يكون قرار الإجهاض وفقًا لتقدير المرأة، والمرحلة الثانية فتتمثل فى الثلث الثانى من الحمل، وهنا يمكن للدولة تنظيم الإجراء، ولكن لا تحظر الإجهاض، أما المرحلة الثالثة والأخيرة، فهى فى الثلث الأخير من الحمل، عندما يعتبر الجنين "قابلاً للحياة"، وفى هذه المرحلة سُمح للدولة بتنظيم أو حظر الإجهاض، مما يسمح بالاستثناءات عندما تكون صحة الأم فى خطر.

وكان قرارا تاريخيا فى الولايات المتحدة، اعتبره "الحقوقيون" انتصارا، بينما اعتبره المحافظون انتكاسة. وبعد كل هذه السنوات، لا تزال قضية الإجهاض معركة سواء أمام القضاء أو فى صناديق الاقتراع أو حتى فى المجالس التشريعية للولايات. وفى العام الحالي، قدمت العديد من الولايات أو مررت بالفعل قيودا جديدة على الإجهاض، ورأوا ذلك فرصة لإلغاء قرار المحكمة العليا لعام 1973.

كانت تكساس أحدث الولايات التي أقرت مؤخرا قانون يحظر الإجهاض بمجرد رصد نبضات الجنين، ومن المتوقع أن يدخل هذا القانون حيذ التنفيذ بدء من الأول من سبتمبر المقبل. وفى عام 2019، أقرت ألاباما قانونا يحظر الإجهاض فى كل الحالات تقريبا حتى فى حالات سفاح القربى "زنا المحارم" أو الاغتصاب. بينما أصدرت السلطات التشريعية فى ميزورى قرارا جاء فيه أن عمليات الإجهاض تعتبر غير قانونية إذا أجريت بعد ثمانية أسابيع من الحمل.

وسنت ولايات جورجيا وأوهايو وميسيسيبي وكنتاكي وأيوا وداكوتا الشمالية قوانين تحظر الإجهاض منذ لحظة رصد نبضات قلب الجنين، أي بعد حوالى ستة أسابيع من الحمل.

ولم يكن الإجهاض أبدا بعيدا عن قلب المعارك السياسية سواء فى الانتخابات الرئاسية أو انتخابات الكونجرس بين الديمقراطيين، الذين يدعمونه كأحد الحقوق والجمهوريون الرافضون له دفاعا عن الحق فى الحياة.

 ففي سباق البيت الأبيض لعام 2016، كان الإنجيليون المحافظون مترددين فى البداية فى التصويت لصالح الملياردير دونالد ترامب "الذى طلق مرتين"، لكنه حصل على أصواتهم بعدما وعد بتعيين قضاة محافظين مناهضين للإجهاض فى المحكمة العليا فى البلاد، وهو ما فعله بالفعل.

 فخلال السنوات الأربعة التي قضاها ترامب فى البيت الأبيض عين ثلاثة قضاة فى المحكمة العليا، وهم نيل جورستش وبريت كافانو و إيمى كونى باريت، وجميعهم لديه موقف محافظ من الإجهاض.

وفى عهد ترامب، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية قرارين بشأن قانون صدر فى إنديانا يقيد الإجهاض. فقد أيد القضاة شرط ولاية إنديانا بأن تكون جميع بقايا الجنين، سواء كانت ناتجة عن إجهاض أو نزول الجنين، إما مدفونة أو محترقة، وهو القرار الذى قال المؤيدون للحق فى الإجهاض أن هدفه "إلحاق العار ووصم" النساء الساعيات إلى الإجهاض.

كما رفض القضاة تغيير أو حتى مراجعة حكم صادر عن محكمة ابتدائية يبطل جزءا من قانون إنديانا، والمتعلق بحظر الإجهاض الاختياري الذي يتم بسبب عرق الجنين أو جنسه أو حتى إصابته بالعجز.

وأكد ترامب معارضته للإجهاض إلا في حالات الاغتصاب والعلاقات الجنسية بين المحارم وحماية حياة الأم.

 لكن جون بايدن، خلفه الديمقراطى فى البيت الأبيض، تبنى موقف مغايرا تماما، وأيد الحق فى الإجهاض مما وضعه فى صدام مع الكنيسة، مع دراسة بعض الأساقفة الكاثوليك قرارا بحرمانه من "التناول". ويبرر بايدن، الحريص على الذهاب على الكنيسة بانتظام، موقفه بالقول بأنه بشكل شخصى يعارض الإجهاض، لكنه لا يعتقد أنه يجب أن يفرض ذلك على الأمريكيين الذى لديهم مواقف مختلفة.

ومن المتوقع أن تزداد المعركة السياسية حول الإجهاض شراسة خلال الأشهر المقبلة مع اتجاه الولايات التي يهمين عليها الجمهوريون لشن تشريعات جديدة صارمة تقيد الإجهاض مثلما فعلت تكساس مؤخرا، وفى انتظار قرار هام من المحكمة العليا بشأن مثل هذه التشريعات. ومع إجراء الانتخابات النصفية فى نوفمبر 2022، يسعى كلا من الجمهوريين والديمقراطيين إلى جعل الإجهاض فى مقدمة أجندتهم السياسية فى إطار سعيهم للسيطرة على الكونجرس.

على الجانب الآخر، فتحت القيود المشددة التي تفرضها بعض الولايات على الإجهاض الباب أمام ظاهرة "صناديق الملاذ الآمن فى بعض المناطق، وهى صناديق توضع فى مناطق محددة ومعروفة بإمكان الأم أن تضع وليدها الذى قررت التخلي عنه فيه، وتضغط زر الإنذار للتنبه بوجود صغير بداخل.

بدأت الفكرة فى ولاية إنديانا عام 2015 بدعوى من إحدى المؤسسات المعنية بحماية الأطفال، للسماح للأهالى بوضع أطفالهم حديثى الولادة الراغبين فى التخلص منهم بوضعهم داخل صندوق آمن.

كانت الفكرة قادمة من مؤسسة تدعى "صناديق الملاذ الآمن للأطفال Safe Haven Baby Boxes" وافتتح الصندوق الأول عند محطة إطفاء ودبورن بولاية إنديانا، وذكرت تقارير صحفية أن الصندوق مبطن بما يسمح بالتحكم في المناخ داخله.

وجاءت الفكرة فى إطار سماح قانون ولاية إنديانا للوالدين بالتخلي عن المواليد الأقل من 30 يومًا في أقسام الشرطة ومحطات الحريق والمستشفيات.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة