أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: ثورة يوليو فى زمانها.. ومصر التأثير والنفوذ فى زماننا.. إذا كان التاريخ ليس فيه «لو» فإن الحاضر والمستقبل مرهون بما يمكن أن تقدمه الدولة لبناء تنمية واسعة تشمل كل فئات المجتمع

الجمعة، 23 يوليو 2021 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم تكمل ثورة 23 يوليو 69 عاما، ولا تزال بعد كل هذه العقود قادرة على إثارة الجدل بما حققته الدولة المصرية طوال هذه المسيرة، وهذه الثورة بقياداتها وتحولاتها، جزء من التاريخ، يفترض أن يتم تقييمه بمعايير زمانه، وليس بقواعد الحاضر. 
 
الأحداث الكبرى فى التاريخ غالبا ما تستمر مثيرة للاختلاف، الثورة الفرنسية نفسها لا تزال تجد من يختلفون عليها، والثورة الروسية التى قام على أساسها الاتحاد السوفيتى، واجهت بعد 70 عاما أزمة وتفكك الاتحاد السوفيتى، وعاد الجدل حول الثورة الروسية وتقييم سياسات العقود السبعة.
 
ثورة 23 يوليو فى مصر، قامت بعد 7 سنوات فقط من نهاية الحرب العالمية الثانية، التى قتل فيها 60 مليونا كانوا يشكلون ما يقارب 2.5% من سكان العالم، بينما الحرب العالمية الأولى قتلت 37 مليونا، أى أن الدول الكبرى التى تحكم العالم اليوم قتلت من سكانها ومن دول العالم ما يقرب من 100 مليون. 
 
كانت أغلب دول العالم العربى ودول أفريقيا، ما زالت تحت احتلال من بريطانيا وفرنسا وبقية الدول الاستعمارية، مصر الملكية تحت حكم الاحتلال مع الملك، وبعد نضال استمر منذ بداية القرن وتجلى فى ثورة 1919، باستقلال منقوص ودستور يتم تعطيله مرات، وغليان سياسى تواصل فى الثلاثينيات والأربعينيات، تقوم حكومات لتسقط ويتصارع القصر مع حزب الوفد، ويتحالف مع أحزاب الأقلية، ووصل أقصاه فى حريق القاهرة، لم يكن الوضع مستقرا، بل كانت الدولة تعوم على بركان من الانقسام، وتواجه أزمة اقتصادية واجتماعية يهدد بفوضى أكبر.
 
وسط هذا الواقع، جاءت 23 يوليو، وجمال عبدالناصر بعد سبع سنوات فقط من نهاية الحرب العالمية الثانية، التى انتهت بتقسيم أوروبا إلى معسكرين، وكانت تأثيرات الأزمات الاقتصادية على دول العالم تنكس فى صورة فقر وتردى اقتصادى، وأوروبا كانت تعيش آثار الدمار فى حرب تركت آثارها على العالم، وحرب باردة رفعت من صراع أيديولوجى ساخن، انقسمت أوروبا لمعسكرين، وحتى ألمانيا نفسها بقيت حتى عام 1989 مقسومة بين شطر شرقى تابع للسوفيت، وغربى مع أوروبا والولايات المتحدة.
 
ووسط الاستقطاب الكبير، سعت الدول المستقلة وسعت مصر مع الهند ويوجوسلافيا لتشكيل حركة عدم الانحياز مع 29 دولة، فى مؤتمر باندونج 1955، بأفكار جمال عبدالناصر فى مصر وجواهر لال نهرو فى الهند وجوزيف بروز تيتو، فى يوجوسلافيا وأحمد سوكارنو فى إندونيسيا، وانعقد المؤتمر الأول للحركة فى بلجراد 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، ووصل عدد الأعضاء فى الحركة عام 2011 إلى 118 دولة، وفريق رقابة مكون من 18 دولة و10 منظمات.
 
سعت مصر بقدر الإمكان إلى الابتعاد عن التبعية، وحرصت على الاستقلال والتوجه نحو التنمية، واجهت الدولة انتصارات وانكسارات، لكنها جميعا يمكن النظر إليها فى زمانها ومكانها، واعتمد جمال عبدالناصر على نخبة السياسة والاقتصاد، وهى نخبة متعلمة ومثقفة تكونت فى الفترة الملكية، ولم يكن هؤلاء ينضمون إلى السلطة، ما لم يمتلكوا اقتناعا بأهمية بناء الدولة.
 
واعتمدت ثورة يوليو أيضا على تطوير الخبرات والبعثات والكوادر، فى بناء نظام اقتصادى واجتماعى، لم يخترع عبدالناصر الاشتراكية، وكانت الخيار الأقرب لأحوال دول حديثة عهد بالاستقلال، وحتى أوروبا ما بعد الحرب الثانية، سعت لانتزاع مخاوف زحف الاشتراكية بتطوير أنظمة اجتماعية وتعاونية. 
 
وإذا كان التاريخ ليس فيه «لو»، فإن الحاضر والمستقبل مرهون بما يمكن أن تقدمه الدولة لبناء تنمية واسعة تتسع لتشمل كل فئات المجتمع، وتتيح تكافؤ الفرص وتنمية المهارات والتركيز على التعليم، ومصر فى عالم اليوم فى واقع أكثر تعقيدا، اختفى الاستقطاب نسبيا، وحل مكانه استقطاب وتنافس بين القوى الكبرى شرقا وغربا، وتهديدات لم تكن فى السابق مثل الإرهاب والحروب بالوكالة وحروب المعلومات، وسيولة فى منصات النشر ومواقع التواصل لم يعد الإعلام بسيطا مركزا كالسابق، وبالتالى فإن مصر والإقليم والعالم اليوم غيرها فى الخمسينيات والستينيات، تعقدت السياسة وتقاطعت المصالح، وعادت الدولة لتمثل خيارا واختبارا، ومعها التأثير والنفوذ.
 
p
 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة