المنظمات الدولية والقضية الفلسطينية تاريخ من التناقضات.. حق الفيتو فى مجلس الأمن يجهض محاولات التسوية.. و"حقوق الإنسان الدولى" يكتفى بالتعليق على الانتهاكات.. وإسرائيل تتهرب من الجنائية الدولية

الأربعاء، 09 يونيو 2021 05:00 ص
المنظمات الدولية والقضية الفلسطينية تاريخ من التناقضات.. حق الفيتو فى مجلس الأمن يجهض محاولات التسوية.. و"حقوق الإنسان الدولى" يكتفى بالتعليق على الانتهاكات.. وإسرائيل تتهرب من الجنائية الدولية انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين - أرشيفية
كتب:محمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رصدت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، موقف المنظمات الدولية من القضية الفلسطينية، حيث أشارت إلى أن المنظمات باختلاف أهدافها لعبت دورًا رئيسيًا فى القضية الفلسطينية. بدأت إرهاصاتها بنشاط المنظمة الصهيونية التى نشأت بعد انعقاد مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897، وسعت لتحقيق هدف المؤتمر وهو إنشاء وطنى قومى لليهود.

وأشارت الدراسة، إلى أنه باعتبار القضية الفلسطينية صراعًا من أطول الصراعات الممتدة حول العالم، فقد أصبحت شاغلًا أساسيًا للكثير من المنظمات ذات الأهداف والرؤى المختلفة. إلا أن اختلاف طبيعة تلك المنظمات وأهدافها يجعل من الصعب حصر كافة تلك المنظمات وتفصيل أدوارها، إلا أنه يمكن عرضها من خلال 3 تصنيفات، أولها منظومة الأمم المتحدة، التى كانت تمثل تعاطى المجتمع الدولى بتفاعلاته وأوازن فاعلية المختلفة وتحيزاتهم ومنظورهم للقضية الفلسطينية. ثانيها، منظومة المؤسسات الحقوقية التى ركّزت على التعاطى مع القضية من منظور حقوق الإنسان بمنظورها الأشمل من خلال التركيز على حقوق الشعب الفلسطينى الإنسانية والقانونية والسياسية والاقتصادية. وآخرها مجموعات الضغط التى مثّلت محركًا رئيسيًا للرأى العام العالمى بشكل عام والأمريكى بشكل خاص، باعتبار أن الولايات المتحدة هى الموطن الأكبر لليهود خارج إسرائيل، واعتبارها الوسيط الأساسى فى معادلة القضية الفلسطينية.

منظومة الأمم المتحدة

تتعدد الجهات والمنظمات التى تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة من ناحية الأهداف وحدود الفاعلية، فمنها ما ركز على البعد السياسى والأمنى للقضية، ومنها ما ركز على الجانب القانونى والإنسانى وكذلك القيمى والتاريخي، بالإضافة لمن ركز على الجانب الإغاثى، وكان أبرزها التالى:

أولًا- البعد السياسى والأمنى:

1- مجلس الأمن:

يُعتبر مجلس الأمن المنوط بحفظ الأمن والسلم الدوليين وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، وهو الجهة الأهم بمنظومة الأمم المتحدة. وقد كان المجلس أحد أبرز الترتيبات المؤسسية الأساسية لحفظ سلامة النظام الدولى بمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. إلا أن الفيتو الذى تنفرد به دوله الخمس الأعضاء كان أداة لدوله لعرقلة جهود بعضهم بعضًا، وحماية حلفائهم. وهو ما ظهر فى الاستخدام المتكرر والمتواتر له من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لحماية إسرائيل، فقد استخدمته واشنطن لصالح إسرائيل 43 مرة.

إن هذا النهج لطالما مثّل عائقًا محوريًا فى دفع جهود الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى للوصول لتسوية عادلة تحفظ حقوق جميع الأطراف. وقد استمر هذا النهج حتى مع وصول إدارة أمريكية جديدة جعلت من حماية حقوق الإنسان والديمقراطية فى قلب أجندتها. فقد أكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أنها لا تعتقد أن إصدار مجلس الأمن إعلانًا فى الوقت الحالى سيساعد فى خفض التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وعلى إثر ذلك عرقلت الولايات المتحدة عدة مرات إصدار بيان حتى إعلان وقف إطلاق النار الحالى، يتعلق بالتصعيد الحالى بدعوة إسرائيل لوقف هجومها العسكرى على غزة.

إلا أنه بسبب ضغوط من التيار التقدمى بالحزب الديمقراطى الحاكم، وكذلك تخوف واشنطن من استخدام ورقة هذا الدعم المتناقض وأجندة حقوق الإنسان العالمية فى وجهها من قبل الصين؛ فقد حث الرئيس الأمريكى جو بايدن على السعى للتهدئة من خلال ممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وسط محاولات وساطة من مصر وقطر والأمم المتحدة صوّت على إثرها مجلس الوزراء الإسرائيلى بالإجماع تأييدًا لإعلان هدنة متبادلة وغير مشروطة والتى اقترحتها مصر فى قطاع غزة.

ثانيًا- البعد القانونى والإنسانيى

تتعدد المنظمات التى تركز على رصد الانتهاكات القانونية، وبخاصة الإنسانية من قبل الفواعل المنخرطين فى القضية الفلسطينية، بالإضافة لتوضيحها للقوانين التميزية التى تعرقل حفظ حقوق الشعب الفلسطينى، ومن أبرز تلك المنظمات ما يلى:

مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة:

يركز المجلس على إبراز الانتهاكات المستندة للقانون الدولى، حيث يؤكد المجلس منذ نشأته على الخروقات المتكررة لحقوق الفلسطينيين على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلى. حيث يعتمد المجلس بشكل دورى، قرارين أساسيين بشأن القضية الفلسطينية، يتعلق أحدهما بعدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة عام 1967، والآخر بحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره.

ولا يمنع ذلك تعليقه بشكل استثنائى على التغيرات التى تطرأ فيما يخص القضية. فقد دعا خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة إسرائيل لرفع تهديداتها بطرد الفلسطينيين من منازلهم؛ منعًا لتجدد التوتر فى القدس الشرقية.

وأكدا كذلك عدم قانونية القانونين الإسرائيليين اللذين تستند عمليات الإخلاء عليهما، وهما: (1) قانون أملاك الغائبين لعام 1950 الذى يحظر على الفلسطينيين استعادة ممتلكاتهم التى فقدوها فى حرب 1947-1949. (2) وقانون الأمور القانونية والإدارية لعام 1970 الذى يسمح لليهود الإسرائيليين بإعادة المطالبة بالممتلكات التى فقدوها خلال الحرب نفسها.

فقد صرح الخبراء بأن هذه القوانين تمييزية بطبيعتها، سواء فى النية أو فى التطبيق، وهى تنتهك المبادئ الأساسية لكل من القانون الإنسانى الدولى والقانون الدولى لحقوق الإنسان”. وأضافوا أنه يُعد الترحيل القسرى للسكان الواقعين تحت الاحتلال انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية جنيف الرابعة، ويساهم فى البيئة القسرية السائدة الآن فى القدس الشرقية. كما أن عمليات الإخلاء هذه تنتهك الحق فى السكن اللائق، وهو حق أساسى من حقوق الإنسان فى القانون الدولى.

وعليه، يتبين أن عمل المجلس قائم على رصد الانتهاكات الإسرائيلية وبيان تفنيدها القانوني. إلا أنه ينقص من فاعليته بشكل كبير عدم وجود قدرة إنفاذ لديه، كأى من المنظمات الأخرى بمنظومة الأمم المتحدة، حيث يحتكر مجلس الأمن سلطة هذا الإنفاذ.

المحكمة الجنائية الدولية:

دعمت المحكمة حقوق الشعب الفلسطينى فى وجه الانتهاكات الإسرائيلية. فبعد قبول المحكمة لعضوية فلسطين بالمحكمة عام 2015، أصدرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا بمارس 2021 بيانًا تُعلن فيه فتح تحقيق رسمى فى جرائم مفترضة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. وذكرت بنسودا أن هناك أساسًا معقولًا لأن تكون الأراضى الفلسطينية قد شهدت جرائم حرب من الأطراف التى شاركت فى حرب غزة عام 2014. وأدانت إسرائيل قرار المحكمة واعتبرته “سياسيًا” بالإضافة لتوجيهها اتهامات بمعاداة السامية والتحيز ضدها، فيما رحّبت به حركة حماس والسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية. بالإضافة لتعليقها على التصعيد الأخير، إن المشاركين بالتصعيد بين إسرائيل وفلسطين ربما يكونون أهدافًا لتحقيق تُجريه المحكمة، فى ضوء التحقيق الذى تم فتحه بمارس.

وبالرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية تُعد هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظفين والتمويل، إلا أن هناك اتفاقًا بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما من الناحية القانونية، بالإضافة إلى أن الأمم المتحدة هى التى أقرت إنشاء المحكمة التى تأسست عام 2002. وتركز المحكمة على مقاضاة المتهمين بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وكل الأفعال اللا إنسانية التى تتسبب فى معاناة أو أذى جسدى أو نفسى من وقت إنشائها.

ولا يعنى عدم عضوية إسرائيل فى المحكمة أنها بمعزل عن تأثير أحكامها، إذ يسمح نظام المحكمة بمقاضاة الدول غير الأعضاء على الجرائم التى ترتكب فى دول أخرى تمارس فيها المحكمة مهامها وفقًا لنظام روما الأساسي.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة