سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 مايو 1991.. عمرو موسى وزيرا للخارجية.. وبطرس غالى يحذره: انتبه سيحاول البعض إحداث وقيعة بيننا!

الخميس، 20 مايو 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 مايو 1991.. عمرو موسى وزيرا للخارجية.. وبطرس غالى يحذره: انتبه سيحاول البعض إحداث وقيعة بيننا! عمرو موسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتصل الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية، بمندوب مصر الدائم فى الأمم المتحدة، عمرو موسى، فى نيويورك، صباح 8 مايو 1991، وبعد السلام، قال له: «عايزينك فى مصر بسرعة، تيجى فى أسرع وقت، تعالَ فورا، بكره تكون فى مصر»، وحضر «موسى» فورا، حسبما يذكر فى الجزء الأول من مذكراته «كتابيه»، تحرير وتوثيق خالد أبوبكر.
 
لم يكشف «عبدالمجيد» لـ«موسى» أن سبب الاستعجال، كان تعيينه وزيرا للخارجية خلفا له، وكان هو سيشغل أمينا عاما للجامعة العربية، كان «موسى» عمره وقتئذ 55 عاما «مواليد 1936». ويكشف أسرار الأيام التى تلت هذا الاتصال حتى شغل منصبه، ويظهر فيها طبيعة الرئيس مبارك فى قراراته باختيار مساعديه، يذكر أنه بعد وصوله بفترة وجيزة، تلقى مكالمة من جمال عبدالعزيز، السكرتير الخاص لرئيس الجمهورية، قال فيها: «الرئيس يريد مقابلتك بمنزله الساعة التاسعة من صباح باكر».
توجه «موسى» لمقابلة «مبارك»، يتذكر: «وجدته جالسا فى حديقة منزله بمصر الجديدة، وأمامه صحف عربية ومصرية، ورحب بى، طلب قهوة سادة، ودعانى لاحتساء مشروب معه، فقلت للنادل: قهوة سادة أيضا»، يضيف: «سألنى عن بعض الملفات المرتبطة بعملى كمندوب دائم لمصر فى الأمم المتحدة، فأعطيته تقارير وافية، ثم فجأة ومن دون مقدمات قال: اسمع يا عمرو، لقد قررت تعيينك وزيرا للخارجية، وبعد عودتى من جولة أوروبية سأجرى تعديلا وزاريا».
 
يتذكر «موسى» رد فعله: «شكرت الرئيس على ثقته، ثم غادرت منزله، وأنا أستغرب هذا الهدوء الذى اعترانى، ورئيس الجمهورية يخطرنى باختيارى وزيرا للخارجية، وكأننى لم أندهش أو كنت متوقعا لذلك، ثم بدأت أفكر فى هذا التطور الخطير فى مسار عملى، لكنى فى الوقت نفسه كنت أعى تماما بحكم خبرتى، وما كنت أسمعه عن دهاليز السلطة فى مصر، أن ما قاله بشأن تعيينى قد يتغير بين عشية وضحاها، جراء تدخل من هنا أوهناك، ولذلك كان عزمى أكيدا على العودة إلى نيويورك لمتابعة عملى، وقررت أن ألا أذكر لأحد مطلقا، وأن أحافظ على توازنى، وأستعد لتولى المنصب الوزارى الكبير، وفى الوقت نفسه أعد نفسى للتماسك إذا لم يتم ذلك».
 
عاد «موسى» إلى نيويورك، وبعد أكثر من أسبوع، اتصل بالرئيس ليعرض عليه تطورات مرتبطة بملف المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل، وكان يوليه اهتماما كبيرا»، يتذكر: «اتصلت بمكتبه مباشرة، أوصلونى به وكان لا يزال فى جولة أوروبية، وبعد الترحيب، والحديث فى الملف، سبب المكالمة، سألته عن التوقيت الذى يرى أن أكون فيه بالقاهرة؟ فقال: تعال ونبقى نشوف»، أوقعت هذه العبارة «موسى» فى حيرة، يعترف: «عبارة أشعرتنى بأن الرجل يعطى لنفسه خطا للتراجع»، ينتقده قائلا: «كانت هذه طريقته، يفكر فى أكثر من ثلاثة أوأربعة أسماء، وربما يوهم مباشرة- أو بطريقة غير مباشرة- كلا منهم أنه القادم لهذا المنصب أو ذاك، وعندما يتم الإعلان عن اسم وقع عليه الاختيار، يجد سعادة بالغة فى تلك الحيرة التى وقع فيها بقية المرشحين، وأن أحدا لم يعلم بنواياه من الوزراء أو الصحفيين أو غيرهم، ولكننى كنت أعلم أنه لم يستقبل أحدا غيرى من الدبلوماسيين الذين يمكن أن يختار من بينهم الوزير القادم».
 
يكشف «موسى»، أنه اتصل بعصمت عبدالمجيد، فقال له: «تعال ياعمرو»، سأله: متى؟ أجاب: تقدر تيجى بكره»، وحضر إلى القاهرة، يؤكد، أن أحدا لم يتصل به، والوقت يمر وموعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية يقترب، فشعر أن الرئيس «شاف شخص آخر»، يذكر أنه فى اليوم التالى من وصوله، 20 مايو، مثل هذا اليوم، 1991، دق الهاتف فى الثامنة صباحا، كان جمال عبدالعزيز هو المتصل، سأل باستغراب: «انت ماجيتش الرئاسة ليه؟! ده حلف اليمين بعد قليل، تعال بسرعة، خلال ساعة بالكتير تكون وصلت».
 
وصل «موسى»، فوجد وزراء، ورئيس الوزراء عاطف صدقى الذى رحب به وتحدث معبرا عن سعادته بالتعاون معه، يؤكد: «كانت هذه هى المرة الأولى التى نتحدث فيها فى هذا الأمر، أى أن رئيس الوزراء لم يقابلنى أويتحدث إلى فى أمر الانضمام إلى حكومته إلا فى وقت أداء اليمين الدستورية».
انتهت مراسم حلف اليمين، واجتمع الرئيس بالحكومة، وأعطى بعض التوجيهات والتكليفات، وانصرف الجميع، يذكر «موسى»: «طلب منى ومن الدكتور بطرس غالى الانتظار ليتحدث معنا»، كان «غالى» فى التشكيل الجديد، نائبا لرئيس الوزراء للاتصالات الخارجية «وليس الشؤون الخارجية»، ووزير لشؤون الهجرة والمصريين فى الخارج، يعلق «موسى»: «لم نكن نعرف معنى محددا لمفهوم الاتصالات الخارجية»، يتذكر: «جلسنا فى الصالون الكبير بالدور الأرضى بقصر الاتحادية، وتكلم الرئيس موجها حديثه لى بشكل أساسى عن أهمية التعاون بيننا «بطرس غالى وأنا» لأن التحديات التى أمامنا كثيرة»، يؤكد، أنه عاد ومعه بطرس إلى مبنى وزارة الخارجية، وفى الطريق قال له «غالى»: «انتبه من الموظفين يا عمرو، فبعضهم قال لى: سيادتك يجب أن تجلس فى مكتب وزير الخارجية، والوزير الجديد يجلس فى مكتبك القديم، انتبه سيحاول البعض إحداث وقيعة بيننا».   






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة