وسط حضور زعماء والرؤساء الأفارقة وفى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، افتتح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قمة "تمويل الاقتصاديات الإفريقية" التى تستضيفها العاصمة باريس وتأتى المبادرة الفرنسية محاولة لتجنّب أزمة مالية واقتصادية واجتماعية خانقة في إفريقيا بعد مرحلة تفشي فيروس كورونا.
وتكتسب قمة "تمويل الاقتصاديات الإفريقية" أهميتها في ضوء تأثر الاقتصاديات العالمية، من بينها الإفريقية، بتداعيات جائحة فيروس كورونا، والتي أعاقت وصول الاقتصاديات الإفريقية إلى السيولة والمنح والمساعدات الدولية والنفاذ إلى الأسواق الدولية .
أكد البيان الختامي لقمة "تمويل الاقتصاديات الإفريقية"– التي اختتمت أعمالها مساء الثلاثاء بمشاركة زعماء ورؤساء 30 دولة إفريقية وأوروبية – والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى كريستالينا جورجيفاـ ورئيس بنك الاستثمار الأوروبي فيرنر هويار، ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والبنك الأوروبى للإنشاء والتنمية، وعدد من مسئولى الدول الأوروبية ومجموعة السبع الصناعية الكبيرى ومجموعة العشرين ومنظمة التجارة العالمية والبنك الأفريقى للتنمية، ضرورة دعم الاقتصاديات الإفريقية في مواجهة جائحة فيروس كورونا، مشيرا إلى أن الدول الإفريقية الفقيرة يجب مساعداتها على التعافي الاقتصادي.
وأضاف البيان الختامي أن الدول المشاركة في القمة اتفقت على ضرورة تخصيص حزمة من المساعدات المالية لخلق المحفزات الاقتصادية التي تحتاجها دول القارة الإفريقية.
وأشار البيان إلى أن المشاركين في القمة أكدوا ضرورة مساعدة دول القارة الإفريقية على توفير الأمصال المضادة لفيروس كورونا المستجد بشكل عاجل وتعزيز القدرات المالية للاقتصاديات الإفريقية التي ستواجه عجزا يقدر بقيمة 285 مليار دولار خلال العامين القادمين.
وشدد البيان الختامي على ضرورة مواجهة الاحتياجات المالية لتعزيز النمو المستدام والأخضر، ودور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية وافقت على العمل باتجاه إقناع الدول الغنية بإعادة تخصيص 100 مليار دولار من احتياطيات حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي بحلول أكتوبر القادم إلى الدول الإفريقية.
وأضاف أن بلاده قررت إعادة تخصيص مساعدات مالية من حقوق السحب الخاصة لإفريقيا، مشددا على وجود اتفاق بين المشاركين بالقمة على ضرورة العمل على إقناع الدول الغنية بإعادة تخصيص 100 مليار دولار لقارة إفريقيا.
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في فعاليات "قمة دعم الاقتصاديات الأفريقية"، والتي انقسمت إلى جلستين؛ الأولى بشأن التمويل الخارجي والديون، والثانية بشان تطوير القطاع الخاص والإصلاحات والبنية التحتية.
وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إنه تم التوافق خلال القمة على أهمية بلورة رؤية مشتركة لدعم القارة الأفريقية خلال جائحة كورونا، بما يشمل موارد من القطاع الخاص ومبادرات لتعظيم التمويل الميسر المتاح للقارة من خلال المؤسسات الإنمائية الدولية والمانحين على المستوى الثنائي، مع الإسراع بإنتاج التقنيات الطبية المرتبطة بالجائحة مثل اللقاحات والتحاليل والعمل على توزيعها العادل في القارة، ومناقشة الإصلاحات الاقتصادية الداعمة للنمو المستدام للدول الأفريقية، ومن ضمنها تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل مناخ الاستثمار والإدارة الضريبية ودعم ريادة الأعمال.
وألقى الرئيس السيسى مداخلة خلال جلسة "التمويل الخارجي والديون، حيث أشاد بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد هذه القمة التي تُمثل فرصة هامة للتشاور حول سبل توجيه الدعم لاقتصاديات الدول الإفريقية، خاصةً في مرحلة التباطؤ الاقتصادي المترتب على جائحة كورونا التي يمر بها العالم اليوم، والتي تؤثر على جهود الدول الإفريقية في تحقيق التنمية واستكمال تنفيذ أهداف أجندة 2030 وأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
وأكد الرئيس أن القارة الإفريقية خلال فترة ما قبل الجائحة شهدت تسارعاً غير مسبوق في معدلات النمو الاقتصادي، بما جعلها مقصداً لحركة الاستثمارات العابرة للحدود. وتشير الشواهد إلى أن حجم الدعم المُوجه إلي القارة يقل كثيراً عن احتياجها الفعلي، ولعل أبرز مظاهر ذلك في الوقت الراهن هو ضعف نفاذ مواطني الدول الأفريقية إلى لقاحات فيروس كورونا، على نحو يساهم في تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المُترتبة على الجائحة.
وقال الرئيس إن ما استطاعت القارة الإفريقية تحقيقه على صعيد التنمية الاقتصادية يشهد اليوم تراجعاً ملموساً جراء التداعيات السلبية للجائحة، وهو ما قلص بشكل واضح من مصادر دخل دولها من النقد الأجنبي، وهو ما تسبب في ضغوط جمة على حجم السيولة المتاح لأفريقيا، إلى جانب عد القدرة على إقرار حزم تحفيزية لتجاوز العثرة الاقتصادية الراهنة على غرار الدول الغربية، بما ينعكس على قدرتها على التعافي من تبعات الأزمة الراهنة.
وبناءً عليه، قال الرئيس: "تطالب مصر المجتمع الدولي بتوفير الدعم اللازم الذي تحتاج إليه الدول الإفريقية في ضوء اعتبارات العدالة والتكاتف في مواجهة الجائحة التي لن يتمكن العالم من تجاوزها دون نفاذ كافة الدول إلى التطعيمات اللازمة لإعادة إطلاق الحياة الاقتصادية.
وأضاف أنه على الرغم من أن ما تواجهه القارة الإفريقية من تحديات يفوق حجم الدعم المتوافر، إلا أنه لا يفوتنا الإشادة بالمبادرات الدولية التي تم إطلاقها لمساندة الاقتصاديات المتأثرة بتداعيات الجائحة، ومنها مبادرات تعلیق خدمة الديون وإعادة هيكلتها، والإصدارات الجديدة لصندوق النقد الدولي من حقوق السحب الخاصة، وتدعو مصر في هذا الإطار إلى دعم طلب القارة الأفريقية بزيادة نصيبها من هذه الحقوق من خلال إعادة توجيه جزء من الوحدات التي لن تستخدمها بعض الدول أعضاء الصندوق لإيجاد آليات تمويلية تساعد الدول متوسطة ومنخفضة الدخل في القارة الأفريقية على توفير اللقاحات والعمل على استعادة معدلات النمو.
وأشار الرئيس، إلى أن مصر وجدت ذاتها مُضطرة إلي التعامل مع الصعوبات المالية المرتبطة بالجائحة في الوقت الذي تعمل فيه على إنجاح برنامجها الطموح للإصلاح الاقتصادي، والذي يتطلب ضبط الإنفاق الحكومي والسيطرة على عجز الموازنة، إلا أن تطبيق هذا البرنامج منذ وقت مبكر، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ساهم في تعزيز مرونة الاقتصاد المصري، وأتاح للحكومة القدرة علي اتخاذ إجراءات فعالة، شملت تطبيق سياسات نقدية ومالية تحفيزية، وإعادة ترتيب أولويات الخطط الاستثمارية والتركيز على القطاعات التي تتسم بالمرونة والقدرة على التعافي السريع.
وأوضح الرئيس السيسى، أن مصر مع كل ذلك لا تزال تواجه التحديات المُتجددة التي تفرضها الجائحة، وهو نفس الوضع الذي تواجهه دول القارة الأفريقية، ومن ثم فإن التعاون الدولي لتوفير الآليات والأدوات اللازمة لدعم دول القارة في هذا الظرف الدقيق لهو السبيل الأمثل لتجاوز هذه المحنة والعودة إلى مسار التنمية الاقتصادية وتحقيق الرفاهية والرخاء لشعوبنا الإفريقية.
من ناحية أخرى توافق زعماء ورؤساء حكومات الدول المشاركة في قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية على أهمية بلورة رؤية مشتركة لدعم القارة الإفريقية خلال جائحة كورونا، بما يشمل موارد من القطاع الخاص ومبادرات لتعظيم التمويل الميسر المتاح للقارة من خلال المؤسسات الإنمائية الدولية والمانحين على المستوى الثنائي، مع الإسراع بإنتاج التقنيات الطبية المرتبطة بالجائحة مثل اللقاحات والتحاليل والعمل على توزيعها العادل في القارة، ومناقشة الإصلاحات الاقتصادية الداعمة للنمو المستدام للدول الإفريقية، ومن ضمنها تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل مناخ الاستثمار والإدارة الضريبية ودعم ريادة الأعمال.
وركزت القمة على عدد من القضايا و10 أهداف ويمكن إجمالهم فى تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماج الدول الإفريقية في الاقتصاد العالمي، وتحقيق نمو اقتصادي للقارة السمراء في مواجهة جائحة كورونا، وإسقاط الديون الإفريقية أو توفير دعم استثنائي من صندوق النقد الدولي، وتيسير نقل التكنولوجيا للدول الأفريقية ودفع حركة الاستثمار الأجنبى اليها.
كما ناشقت دعم اقتصاديات الدول الإفريقية، خاصة المتضررة من جائحة فيروس كورونا، وسبل جذب أكبر قدر من التدفقات الاستثمارية للدول الإفريقية بمشاركة القطاع الخاص والدول الاوروبية ومؤسسات التمويل الدولية، وتوفير لقاحات مكافحة جائحة كورونا للدول الإفريقية، وتعزيز استثمارات المشروعات الصغيرة وريادة الاعمال وتمويل مشروعات البنية التحتية . وستوجه مصر - خلال القمة - رسالة إلى المجتمع الدولي بضرورة مد يد العون إلى الدول الإفريقية ومساعداتها على التعافى من تداعيات جائحة كورونا .
وزير المالية الفرنسي
وسعى الرئيس الفرنسى - من خلال انعقاد تلك القمة - لتعزيز علاقات بلاده مع الدول الإفريقية الكبرى، بخلاف الدول الأعضاء فى تجمع الفرانكوفونية، بالإضافة إلى توفير دعم كبير للدول الإفريقية المتضررة من جائحة كورونا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة