ناهد صلاح

وحبوب سنبلة تموت...

الأحد، 16 مايو 2021 05:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
" لقد برعمت الدالية يا ابن العم"، جملة غسان كنفاني الشهيرة التي اختتم بها روايته "أم سعد"، أراد الكاتب الفلسطيني الذي اغتالته الموساد عام 1972، أن يعطينا إشارة لنمو الثورة الفلسطينية، حينذاك في نهاية الستينيات، اليوم تراودني هذه الجملة كثيراً، أراها إشارة جديدة لانبعاث حياة حاولوا أن يوهمونا أنها انتهت.
 
 اليوم " لقد برعمت الدالية " في مكان ما بين الممكن والمستحيل، واستيقظت الشعب الفلسطيني مارداً، كعادته في قصص كثيرة، قصص ليست خرافية، هنا شعب ثائر يرفض البيع، يهرول نحو خلاصه،  يطهر جرحه الهائل ويثبت أن الطعنات لم تصبه في مقتل.
 
أمام شاشة التلفزيون، أحدق بعينين حائرتين إلى المشهد المشتعل وقلبي مليء بالخجل لأني لا أستطيع أن أكون هناك، لا أملك سوى الكتابة، أستمع إلى تقارير المراسلين، يباغتني المشهد؛ في البداية الابتسامة على وجوه شباب وصبايا فلسطين الذين يعتقلهم جنود الاحتلال الاسرائيلي، تقودنا إلى هذه النقطة الحقيقية في معركة الصمود، الفلسطيني يواجه شتى الآلات الحربية الصهيونية، بصلابة إيمانه بأرضه وتاريخه، الفلسطيني يصنع قدره، الفلسطيني يقاتل معه حجارة أرضه التي تتشبث به وتزيد من تحديه وتقوي عزيمته، ابتسامة الفلسطيني الواعية بمصيره، تستفز وحشية المحتل القاتل، لكنها توثق لحظة نادرة في حياة يكتبها هؤلاء الفلسطينيون، الصادقون في حبهم ومقاومتهم للموت.
 
 فلسطين الآن على الشاشة ليست خارطة ممتدة الأطراف أو متقلصة، إنها مجدداً بقع دماء تتسع ولا تتقلص، يتكرر المشهد السريالي يومياً، لكنه لا يسجل الموت الفلسطيني؛ بل يؤكد أن القضية التي حاولوا التعتيم عليها، لم تنته كما أرادوا وكما روجوا إعلامياً، القضية الفلسطينية ليست هشة والجريمة الاسرائيلية ليست مخفية.
 
صور الموت الفلسطيني قديمة ومتكررة، وخريطة فلسطين منذ العام 1948 كان اللون الأخضر فيها لفلسطين والأصفر لإسرائيل، الأصفر يتسع يوماً بعد يوم ويتقلص الأخضر ليصبح كبقعة صغيرة إبتلعها الأصفر، إنها ما تبقى من فلسطين وما يتشبث به الفلسطينيون، إن الدم الفلسطيني في غزة وعلى كامل التراب الفلسطيني الآن، هو خريطة جديدة لن يمحوها العنف والجنون الاسرائيلي، الأطفال الشهداء الذين يزداد عددهم بين لحظة وأخرى هم متاريس هذه الأرض التي لن تبتلعها ألسنة الوحش الصهيوني، أحاول أن أكون متفائلة وأردد مع محمود درويش: وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل.. إنه الصوت الوحيد الذي نريده في هذه اللحظة الرافضة للموت الفلسطيني واعتياد مشاهدته على الشاشة، والذي قد يشعرنا قليلاً بآدميتنا وروحنا التي ترفض أن تظل أسيرة للمذابح والمجازر.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة