أكد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 2020 جاء تحت شعار "إعادة البناء بشكل أفضل - قوموا ودافعوا عن حقوق الإنسان"، ليؤكد من جديد أهمية النظرة الشمولية لحقوق الإنسان، وكذا أهمية النهج متعدد الأبعاد للتعاطي مع هذا الملف الجوهري.
وأضاف المركز المصرى أن جائحة كورونا (كوفيد-19) كشفت بشكل عملي وواقعي عن عمق الخلل والاختلال الذي تعانيه حقوق الإنسان قطريًا وعالميًا، ما ساهم في تعميق التداعيات السلبية للجائحة، وأن جائحة كورونا ضربت كل الدول، وأصابت المجتمعات كافة في صميمها، وهددتها على كافة المستويات الصحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ كما عملت على تغذية الفقر وتعميق عدم المساواة والتمييز والاستبعاد، وفاقمت كذلك من التحديات المتجذرة منذ عقود، مثل العنف والصراعات، والبطالة، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وغيرها.
وعلى الجانب الآخر، ولدت الجائحة تساؤلات بشأن الموازنة في كافة الأمور المرتبطة بحقوق الإنسان، في مقدمتها حياة المواطنين في مقابل الاقتصاد، والديمقراطية في مقابل السلطوية، والخصوصية في مقابل الرقابة، وأخيرًا ارتباط شرعية النظم بمدى قدرتها على مواجهة الجائحة.
وأوضح أن العالم سيدخل مرحلة "التعافي" ، وهو منهك وأقل ثروة وأكثر توترًا، ما يستدعي ترتيبات عالمية جديدة، خاصة وأن الترتيبات القائمة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية لا تبدو جاهزة للتعامل مع مشكلات ومعضلات عالمية مستجدة، فضلًا عن ما بدا كتراجع في الدور الأممي تجاه المشكلات العالمية المعاصرة.
متابعا :"وارتباطًا بذلك، يمكن القول إن العالم يواجه وضعًا لم يواجهه منذ وقت طويل ولا حتى مع نموذج انتشار الإنفلوانزا الإسبانية رغم أنها أودت بحياة ما يقرب من 50 مليون شخص؛ ويأتي ملمح الاختلاف الرئيسي في أنه حينئذ لم يكن هناك تنظيم دولي ولا بنية دولية لحقوق الإنسان؛ لذلك يبدو جليًا أن العالم أمام لحظة تاريخية فارقة".
ولفت المركز المصرى للفكر و الدراسات الاستراتيجية الى أن الرسالة الأساسية لليوم العالمي لحقوق الإنسان ركزت على إعادة البناء بشكلٍ أفضل لعالم ما بعد كورونا من خلال ضمان أن تكون حقوق الإنسان أساسية في جهود التعافي، مع الإيمان بعدم القدرة على تحقيق الأهداف العالمية المشتركة دون توفير فرص متكافئة للجميع، والتصدي لأوجه عدم المساواة والإقصاء والتمييز المتجذرة والمنهجية، متابعا:" تشدد رسالة اليوم العالمي لحقوق الإنسان على إعادة التأكيد على أهمية حقوق الإنسان في إعادة بناء العالم الذي نريده، والحاجة إلى التضامن العالمي، وكذا ترابطنا وإنسانيتنا المشتركة كبشر".
وانتهى المؤتمر الذى ينظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية ، تحت عنوان "حقوق الإنسان.. بناء عالم ما بعد الجائحة"، الى عدد من التوصيات من بينها أن الجائحة كشفت الحاجة إلى وضع آليات لتحقيق "الإنذار المبكر"، إذ إن منظمة الصحة العالمية لم تشخص كورونا كوباء عالمي إلا في 11 مارس، أي بعد ما يقرب من 4 شهور على ظهوره، ضاع فيها وقت طويل كان يمكنه المساهمة في إنقاذ البشر، وتعجيل بالقضاء عليه، دفعت الجائحة في اتجاه ضرورة توسيع صلاحيات منظمة الصحة العالمية بطريقة شبيهة بمجلس الأمن المخول بحفظ السلم والأمن الدوليين، انطلاقًا من دورها في حماية الصحة الإنسانية ومن ثم توسيع دورها في دق أجراس الخطر، وتحفيز الدول علي التعاون، ونقل التجارب بأمانة، وتشجيع المجتمع الطبي والعلمي العالمي علي المواجهة.
وضمت التوصيات، التأكيد على ضرورة مواجهة كافة أشكال عدم المساواة المرتبطة بالحق في الصحة، وفي مقدمتها عدالة الحصول على الأمصال وأنواع العلاج المختلفة، وضرورة توفير كل أشكال الدعم والحماية للنساء ضد التهديدات الصحية وغير الصحية، بجانب ضرورة وضع برامج حماية ورعاية إضافية للأطفال في المناطق الفقيرة والمهمشة تضمن لهم النمو في بيئة مناسبة ومراعاة توفير دعم إضافي للاجئين والمهاجرين خلال الأزمات، لا سيما الصحية منها، كما أن الجائحة فرضت ضرورة النظر في تبني نظم تعليمية أكثر مرونة وشمولية وديناميكية بطريقة تجعلها عملية مستمرة تحميها من الانقطاع وقت الأزمات.
ومن بين التوصيات أيضا، التأكيد على الحق في التحول الرقمي وضرورة سد الفجوات المعرفية، وحشد الموارد قطريًا وعالميًا لتحفيز جهود التنمية المستدامة التي تراعي حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية وكذا مراعاة الأبعاد البيئية، والبحث في فكرة النظر في وضع عقد اجتماعي جديد ثلاثي الأطراف بين الدولة والمواطنين والمجتمع المدني فيما يخص مواجهة الحالات الاستثنائية والطارئة لمواجهة الوباء، والتأكيد على دور القوة الناعمة كأداة لمجابهة الأزمات والسلبيات التي تواجه المجتمعات، ومنها الأزمات الصحية، والتشديد على أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز ملف حقوق الإنسان بوصفه مسألة تشاركية متعددة الأبعاد، وكذا بلورة أهمية المجتمع المدني كأحد أهم أعمدة بناء عالم أفضل ما بعد كورونا.
وأوصى المركز المصري، انطلاقًا من إشارة بعض الحاضرين إلى مسائل بعينها كملفي الحبس الاحتياطي وإدانة بعض النشاطات، الجهات المعنية التشريعية والقضائية بإعادة النظر في المدد الخاصة بالحبس الاحتياطي، والعمل على إيجاد آليات لتفادي طول هذه المدة، وذلك في إطار خطة شاملة لتطوير التشريعات والقوانين استجابة للتطورات والتحديات المستجدة خاصة وأننا على أعتاب عالم جديد يتشكل وفق مفاهيم أكثر تطورًا ويتطلب استجابات أكثر مرونة، ونظرًا للدور الإيجابي الذي لعبته لجنة العفو الرئاسي التي أنشئت بناءً عن مقترح شبابي قُدم خلال أول مؤتمر وطني للشباب 2016، يدعو المركز إلى إعادة تنشيط دورها مع العمل على تطوير آليات عملها بما يتلاءم مع التغيرات والمستجدات، والتشجيع على توسيع المجال السياسي عبر تشجيع الشباب على الانضمام للأحزاب، وممارسة العمل السياسي الحزبي لتطوير وتعزيز قدراتهم السياسية بطريقة تمكنهم من تولي المناصب القيادية، وإطلاق المركز لبرنامج بحثي بشأن كل الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان محليًا وعالميًا.
كما دعا مؤسسات المجتمع المدني المصرية إلى تدشين شراكة دائمة مع المركز بطريقة تعزز حالة الزخم الإيجابي المرتبطة بحقوق الإنسان، و كافة المكاتب الاقليمية للمنظمات الدولية في مصر إلى وضع إطار تعاوني أكثر شمولًا وديناميكية بطريقة توفر قناة دائمة للإتصال والتعاون والعمل المشترك مع المركز المصري، مؤكدا على نيته تحويل المؤتمر الحالي إلى مؤتمر دوري سنوي تشارك فيه كل الجهات الشريكة للمركز في الداخل والخارج من أجل تعزيز ملف حقوق الإنسان على مستوى العالم وتعميق أدوات التعامل معه.
يذكر أن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية ، ينظم مؤتمر تحت عنوان "حقوق الإنسان.. بناء عالم ما بعد الجائحة"، يتناول المؤتمر تأثير جائحة "كورونا"، وذلك بحضور رفيع المستوى من الوزراء وكبار المسئولين وممثلين عن المنظمات التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من منظمات المجتمع المدني العاملة فى المجال التنموى، حيث تستعرض تجاربها الناجحة على مدار عام كامل منذ ظهور وتفشي الوباء العالمي.
اتخذ المركز المصري مـن أجندة اليوم العالمي لحقوق الإنسان ٕاطارًا عامًا بهدف مناقشتها خلال جلسات المؤتمر، والوصول إلى توصيات على المستويين الفكري والعملي.
\
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة