سعيد الشحات يكتب..ذات يوم..7إبريل 1863السلطان العثمانى «عبدالعزيز» يبدأ زيارته لمصر.. وإسماعيل باشا يقدم الرشاوى ويملأ سفينة العودة بالهدايا والتحف الفاخرة

الأربعاء، 07 أبريل 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب..ذات يوم..7إبريل 1863السلطان العثمانى «عبدالعزيز» يبدأ زيارته لمصر.. وإسماعيل باشا يقدم الرشاوى ويملأ سفينة العودة بالهدايا والتحف الفاخرة السلطان العثمانى «عبدالعزيز»

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ركب السلطان العثمانى عبدالعزيز، اليخت الفخم «فيض جهاد»، من تركيا فى طريقه لزيارة مصر يوم 3 إبريل عام 1863، حسبما يذكر إلياس الأيوبى فى كتابه «تاريخ مصر فى عهد الخديو إسماعيل باشا». كان يصاحب السلطان وفد كبير يتكون من ابنه الأمير يوسف عز الدين، ووزيريه فؤاد باشا وزير الحربية، ومحمد باشا وزير البحرية، وغيرهما من كبار موظفى الدولة والخاصة السلطانية، وركب كل من الأمراء مراد أفندى وحميد أفندى ورشاد أفندى أولاد أخيه المرحوم عبدالمجيد الفرقاطة «مجيدية»، وركب وراءهم جمهور عديد من الياوران والضباط والموظفين والجنود، سفنا عثمانية أخرى، وأقلع الجميع من الآستانة «عاصمة الدولة العثمانية» إلى مصر.
 
وصل السلطان عبدالعزيز إلى الإسكندرية يوم 7 إبريل، مثل هذا اليوم، 1863، ويذكر «الأيوبى» تفاصيل الزيارة لكنه يقتصر فى متابعتها على وصفه لمظاهر الحفاوة والأبهة والفخامة التى أعدها «إسماعيل» لاستقبال السلطان، دون توضيحه لأهدافها وما دار فيها من مباحثات، وكانت مصر وقتئذ تابعة للدولة العثمانية، غير أن عبدالرحمن الرافعى يكشف فى كتابه «عصر إسماعيل» أهداف هذه الزيارة، والسياق السياسى الذى تمت فيه.
 
يذكر «الرافعى»: «بذل إسماعيل تضحيات مالية جسيمة فى سبيل الحصول على الامتيازات التى نالها، إذ لم تكن حكومة الآستانة تصدر فرمانا إلا فى مقابل الأموال الطائلة من الرشا والهدايا، يقدمها إسماعيل لرجال الآستانة على اختلاف مراتبهم، ولا يستثنى منهم السلطان ذاته، فبلغت هذه الأموال طوال حكمه نحو اثنى عشر مليونا من الجنيهات».. يضيف «الرافعى»: «بدأ إسماعيل حكمه بالتودد إلى السلطان عبدالعزيز، ورجال حكومته، وذهب إلى الآستانة ليقدم فروض الولاء، وانتهز هذه الزيارة لإحكام روابط الود بينه وبين تركيا، وتودد إلى السلطان عبدالعزيز ودعاه إلى زيارة مصر، فوعده بقبول الدعوة». 
 
يصف «الأيوبى» مشهد الاستقبال، مشيرًا إلى أن السفن حين دخلت الميناء والأعلام العثمانية ترفرف عليها، دوت المدافع من الطوابى المحيطة بالمدينة، وصدحت الموسيقى العسكرية، وارتفعت أصوات الجمع الغفير المحتشد، ومزجت التحية السلطانية بالتحية الأميرية صائحة بالتركية: «باد شاهمز جوق يشا» و«أفندمز جوق يشا»، ونزل إسماعيل وعمه حليم باشا وغيرهما من أكابر رجاله فى زورقه الفخم، لتقديم فروض الاحترام والإجلال للسلطان، وقبل يد السطان، وانحنى لأمراء البيت العثمانى.
 
يضيف «الأيوبى»، أن سراى رأس التين أعدت إعدادا فخما لنزول الركاب السلطانية فيها، ووجد عبدالعزيز من زخرفها والبذخ المنتشر فى جميع أثاثها من أسباب الراحة ما أوجب إعجابه بإسماعيل، وضاعف من تقديره للثروة المصرية.
 
يذكر «الأيوبى» أنه فى اليوم التالى للزيارة «8 إبريل 1863» وفى حوالى الساعة العاشرة صباحا، استقبل السلطان وبجانبه إسماعيل باشا وفؤاد باشا قناصل الدول، وألقى عليهم خطبة، أعرب لهم فيها عن سروره بما رآه من أسباب العمران المصرى الذى هو إحدى ممالكه، وترجم فؤاد باشا الخطبة، وفى يوم 9 إبريل 1863 اجتاز بمركبته المفتوحة مدينة الإسكندرية، وتوجه إلى المحطة حيث كان فى انتظاره القطار المعد لركوبه إلى القاهرة، ليقله إلى مصر.. يؤكد «الأيوبى» أن السلطان لم يكن رأى قبل ذلك قطارًا، فاستوقفت أنظاره وآلاته وعدته، وأخذ يستفسر ويستفهم عن كل ما يرى، وتقدم إليه ناظر المحطة ومهندس القاطرة بكل إيضاح. 
 
يؤكد الرافعى، أن السلطان قضى فى ضيافة إسماعيل عشرة أيام لقى فيها من مظاهر الإكرام والحفاوة البالغة ما جعل لإسماعيل منزلة كبيرة، واغتنم «إسماعيل» هذه الفرصة، فاستغل المنزلة التى نالها ليكسب من تركيا حقوقا ومزايا جديدة، واستخدم إلى جانب ذلك المال يبذله بسخاء، فغمر السلطان وحاشيته بالهدايا والتحف الفاخرة، حتى ملأ بها سفينة بأكملها، ومنح الصدر الأعظم «فؤاد باشا» وحده بستين ألفا من الجنيهات رشوة ليتخذ منه عونا فى مساعيه لدى الحكومة التركية، وعاد «عبدالعزيز» من زيارته مغتبطا مما لقيه من الإكرام، ومهدت هذه الزيارة الطريق أمام إسماعيل لينال رغائبه.
يضيف «الرافعى» أن أول ما وجه إليه إسماعيل جهده هو العمل على تغيير نظام توارث العرش، حيث كان النظام القديم الذى فرضه فرمان سنة 1841 يقضى بأن يؤول عرش مصر إلى أكبر أفراد الأسرة العلوية سنا كالنظام المتبع فى تركيا، فسعى إسماعيل جهده أن يؤول العرش إلى أكبر أنجاله، ونجح فى مسعاه بفضل المثابرة والدأب على الطلب، وبفضل الأموال الطائلة التى بذلها فى الآستانة، وبلغت ثلاثة ملايين من الجنيهات، وكان هذا السعى من الأسباب الأولى لديون إسماعيل. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة